مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تصعيد ميداني في سوريا تزامنا مع اجتماع لمجلس الامن

مشهد عام لطريق الكاستيلو في حلب في 16 ايلول/سبتمبر 2016 afp_tickers

شهدت سوريا الجمعة تصعيدا عسكريا هو الاخطر منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ، ترافق مع تصعيد كلامي بين راعيي الاتفاق الولايات المتحدة وروسيا.

ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في سوريا مساء الاثنين، وجرى تمديدها 48 ساعة اضافية حتى مساء الجمعة. واعلنت روسيا استعدادها تمديد العمل بها 72 ساعة اضافية.

ومنذ بدء سريانها، توقفت المعارك بشكل كامل تقريبا بين قوات النظام والفصائل المعارضة على غالبية الجبهات، باستثناء بعض النيران المتقطعة.

الا ان صباح الجمعة شهد التصعيد الاخطر، اذ دارت عند الاطراف الشرقية للعاصمة دمشق وتحديدا عند محور جوبر اعنف اشتباكات منذ بدء سريان الهدنة، قبل ان تتراجع حدتها في وقت لاحق.

وتسيطر على حي جوبر جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) وفصيل “فيلق الرحمن” الاسلامي.

وقال مصدر عسكري لفرانس برس ان الجيش السوري تصدى لهجوم للفصائل، ما أدى الى اشتباكات عنيفة وقصف صاروخي.

واعتبر مصدر عسكري سوري هذه الاشتباكات “خرقا” للهدنة، وفق ما نقل التلفزيون الرسمي.

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن “مقتل ثلاثة مقاتلين من الفصائل في الاشتباكات”.

وتعرضت مناطق عدة خاضعة لسيطرة فصائل معارضة وجهادية في شمال البلاد لغارات جوية، وخصوصا في ريف حلب (شمال) الغربي وادلب (شمال غرب)، وفق المرصد السوري.

واسفرت غارات جوية، وفق المرصد، استهدفت مدينة خان شيخون في ريف ادلب الجنوبي عن “مقتل ثلاثة مدنيين، بينهم طفلان”.

وتتواجد فصائل معارضة في مناطق واسعة في ريف حلب الغربي، فيما يسيطر تحالف “جيش الفتح” على كامل محافظة ادلب، وهو عبارة عن فصائل اسلامية وجهادية على رأسها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة).

ويستثني الاتفاق الروسي الاميركي تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة فتح الشام اللذين يسيطران على مناطق واسعة في البلاد.

-تبادل الاتهامات-

وبموجب الاتفاق تمتنع قوات النظام السوري عن القيام بأي اعمال قتالية في المناطق التي تتواجد فيها “المعارضة المعتدلة” والتي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام.

ويعد تحالف جبهة فتح الشام مع العديد من الفصائل الاسلامية والمقاتلة في مناطق عدة عائقا اساسيا امام تطبيق الاتفاق.

واذا صمد اتفاق وقف الاعمال القتالية لمدة أسبوع، يفترض أن يؤدي الى تعاون عسكري غير مسبوق بين موسكو وواشنطن ضد الجهاديين.

الا ان الدولتين تتبادلان منذ الخميس الاتهامات حول اعاقة تنفيذ الاتفاق.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال ايغور كوناشينكوف الجمعة في بيان “مع ان وقف اطلاق النار يستند الى اتفاق ثنائي فان طرفا واحدا يتقيد به فعليا”.

ودعا مسؤول في هيئة الاركان الروسية الولايات المتحدة الى اتخاذ “اجراءات حاسمة” لكي تحترم فصائل المعارضة السورية وقف اطلاق النار، معربا عن استعداد بلاده تمديد الهدنة 48 ساعة اضافية.

وبعد ساعات على التصريحات الروسية الجمعة، اعادت الولايات المتحدة التأكيد انها لن تتعاون مع موسكو قبل دخول المساعدات الانسانية الى سوريا بموجب الاتفاق بينهما.

وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية جون كيربي ان الوزير جون كيري ابلغ نظيره الروسي سيرغي لافروف في اتصال هاتفي ان واشنطن “لن تقيم مركز التنسيق العسكري المشترك مع روسيا في حال لم يتم التقيد ببنود الاتفاق الخاصة بالمساعدات الانسانية”.

وبموجب الاتفاق، وبعد مرور سبعة ايام على الهدنة وتكثيف إيصال المساعدات، تبدأ واشنطن بالتنسيق مع موسكو لتنفيذ ضربات جوية مشتركة ضد جبهة فتح الشام وتنظيم الدولة الاسلامية.

واكد كيري لنظيره الروسي، بحسب المتحدث، ان واشنطن “تعتمد على روسيا لكي تستخدم نفوذها على نظام الاسد ليتيح دخول القوافل الانسانية التابعة للامم المتحدة الى حلب ومناطق اخرى”.

-“العالم يراقب”-

ولا تزال الشاحنات المحملة بالمساعدات تنتظر في منطقة عازلة عند الحدود السورية التركية للتوجه الى الاحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب، فيما يجتمع مجلس الامن الدولي عند الساعة 17,30 (21,30 تغ) في جلسة مغلقة لبحث الاتفاق الاميركي الروسي.

وقال ديفيد سوانسون، المتحدث باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في مدينة غازي عنتاب التركية، لوكالة فرانس برس “الامر محبط كثيرا بالنسبة لنا كعاملين في الشأن الانساني. نحن هنا، نحن على الارض ومستعدون للتحرك”.

واضاف “العالم كله يراقب”.

ويفترض ان تمر الشاحنات عبر طريق الكاستيلو، التي تشكل خط الامداد الرئيسي الى الاحياء الشرقية، وتسيطر عليها قوات النظام منذ اسابيع، ما أتاح لها فرض الحصار على المناطق المعارضة حيث يعيش 250 الف شخص.

وينص الاتفاق على تحويل طريق الكاستيلو الى منطقة خالية من السلاح.

وكان الجيش السوري بدأ الخميس الانسحاب من الطريق الا انه اضطر للعودة اليه لعدم انسحاب الفصائل المعارضة، وفق موسكو.

ويزداد الوضع في سوريا تعقيدا مع اعلان الولايات المتحدة عن نشر قوات خاصة اميركية لدعم القوات التركية والفصائل المعارضة المدعومة من قبلها في معاركها ضد تنظيم الدولة الاسلامية في شمال سوريا.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية جيف ديفيس ان هذا القرار يأتي “استجابة لطلب تركي”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية