مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تعليق تسليم الوقود الى غزة واسرائيل تزيد الضغط على حماس

فلسطينيون يحملون اطارات وسط اشتعال النار قرب السياج الفاصل مع اسرائيل شرق قطاع غزة الجمعة في 12 تشرين الاول/اكتوبر 2018 afp_tickers

أثار قرار اسرائيل تعليق تسليم الوقود إلى غزة إثر موجة جديدة من العنف تتهم حماس بالوقوف وراءها، الشكوك حيال اتفاق هدفه التخفيف معاناة الفلسطينيين في القطاع والتهدئة بعد أشهر من التوتر.

وتتضمن الصفقة التي توسطت فيها الأمم المتحدة وتدعمها واشنطن وإسرائيل وغيرها من الدول، تأمين آلاف الليترات من الوقود الذي تدفع قطر ثمنه لتسليمه عبر إسرائيل الى غزة بشاحنات لتغذية التيار الكهربائي بإشراف الأمم المتحدة.

لكن وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان أعلن الجمعة وقفا “فوريا” لتسليم شحنات الوقود اثر مواجهات قرب حدود القطاع مع اسرائيل أوقعت سبعة قتلى بين الفلسطينيين.

وأكد ليبرمان السبت في تغريدة أن شحنات الوقود الى غزة لن تستأنف الا في حال حصول “توقف تام للعنف ولإلقاء البالونات الحارقة (من غزة على اسرائيل) واستخدام العجلات المطاطية المشتعلة قبالة بلدات اسرائيلية” مجاورة لقطاع غزة.

وتمّ التوصل إلى صفقة الوقود من دون موافقة السُلطة الفلسطينية المعترف بها رسميا، وقال دبلوماسيون إن ذلك شكل سابقة لغزة التي تسيطر عليها حركة حماس.

كما أثار الاتفاق تساؤلات عما اذا كان الرئيس محمود عباس يتعرض للتهميش بشكل تدريجي. وطالما كانت السلطة الفلسطينية المحاور الوحيد لمعظم القوى الدولية.

وأوصلت شاحنات عبر اسرائيل منذ الثلاثاء مئات آلاف الليترات من الوقود المخصص لمحطة توليد الطاقة الوحيدة في غزة. ودفعت قطر الداعم منذ أمد بعيد لحماس ثمن الوقود (60 مليون دولار لستة أشهر).

-قطيعة مع مبعوث الامم المتحدة-

وتمثل الهدف في أن يحصل سكان غزة على أكبر فترة ممكنة من التيار الكهربائي. وهم كانوا يحصلون عليه لاربع ساعات يوميا مع تبديد المخاوف من أن يؤدي التوتر الى حرب.

وقد نددت السلطة الفلسطينية بالاتفاق.

وأعلن مسؤول كبير الخميس أن السلطة لن تعمل بعد الآن مع مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف، الوسيط في الاتفاق.

وتخشى السلطة من اعتراف المجتمع الدولي بسيطرة حركة حماس على غزة من خلال عقد اتفاقات معها في حين تعمل واشنطن على خطة سلام من الممكن ان تسعى من خلالها الى المزيد من الفصل بين غزة والضفة الغربية، ما يقضي على الامال الضئيلة في حل الدولتين.

وقال دبلوماسي إن “الاعتبارات الانسانية أكثر أهمية من العلاقة مع السلطة الفلسطينية”.

الا ان الأمم المتحدة والأطراف الأخرى تؤكد انها تسعى فقط إلى تحسين الوضع الإنساني البائس في القطاع، في ظل حصار إسرائيلي منذ عقد من الزمن. ويتهم مسؤولون السلطة ببذل القليل من الجهود لتخفيف معاناة سكان قطاع غزة خلال العقد الماضي كما ان عباس اتخذ إجراءات عقابية ضد القطاع.

ويعرب دبلوماسيون غربيون عن الخشية من أن يتخذ عباس إجراءات جديدة أو حتى يقرر قطع بعض العلاقات مع القوى الدولية.

وحذر دبلوماسي في القدس قائلا انه “من الممكن ان ينتهي بنا الاختيار بين العمل مع السلطة الفلسطينية والتخفيف من الاوضاع الانسانية في غزة”.

-“جنون الارتياب” رام الله-

ومنذ سيطرة حماس على غزة عام 2007، لم يقم عباس بزيارة القطاع في ظل فشل جولات عدة من المصالحة.

وخاضت حماس مذاك ثلاث حروب مع إسرائيل وتعتبرها القوى الغربية منظمة إرهابية.

وتنظم حماس في غزة منذ اشهر احتجاجات على حدود القطاع مع اسرائيل تكون في معظم الاحيان عنيفة مع مقتل 204 فلسطيني وإسرائيلي واحد منذ 30 اذار/ مارس.

وفي مقابلة نادرة مؤخرا، حض يحيى السنوار زعيم حماس في غزة القوى العالمية على العمل مع الحركة لتخفيف المعاناة عن القطاع.

من جهتها، تسعى مصر والأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق تنهي بموجبه حماس الاحتجاجات مقابل تخفيف الحصار الإسرائيلي الخانق.

ويعارض عباس مثل هذا الاتفاق معتبرا أن ذلك يعني اعترافا من الأمم المتحدة بسيطرة حماس على غزة.ويريد تحقيق المصالحة مع حماس قبل اي عملية إغاثة رئيسية في غزة.

وأشاد المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط جيسون غرينبلات بالاتفاق.

وقالت مصادر دبلوماسية والامم المتحدة انهم بذلوا جهودا كبيرة لإقناع عباس بالموافقة على صفقة الوقود.

وفي نهاية المطاف تم اتخاذ قرار بالالتفاف عليه.

ويأتي ذلك بعد عقد من الإحباط المتزايد ازاء فشل المصالحة، بينما تزداد الاوضاع الإنسانية تدهورا في غزة.

كما فرض عباس عقوبات على غزة بما في ذلك خفض رواتب موظفي القطاع العام لممارسة ضغوط على حركة حماس.

ويعتمد أكثر من ثلثي سكان غزة البالغ عددهم نحو مليوني نسمة على المساعدات، كما ان شبكة الكهرباء لا تؤمن سوى اربع ساعات في اليوم.

وكان عضو اللجنة التنفيذية في منظّمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني قال الخميس ان مهندس الاتفاق ملادينوف “لم يعد مقبولاً” لدى الحكومة الفلسطينية، متهما اياه ب”تجاوز دوره”.

من جهته، قال هيو لوفات من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية لفرانس برس “هناك نوع من جنون الارتياب الشديد في رام الله ،من ان تكون مبادرة الأمم المتحدة جزءا من مؤامرة أوسع نطاقا بين إسرائيل والولايات المتحدة والأمم المتحدة لإقامة دولة مصغرة في غزة وتهميش عباس”.

واضاف “ليست هناك رغبة في اوروبا لتهميش السلطة الفلسطينية، ولكن هناك اعتراف بأنها تخلق العراقيل امام تحسين الاوضاع في غزة”.

ويؤكد العديد من الدبلوماسيين الغربيين إنهم سيواصلون العمل مع السلطة الفلسطينية من أجل اتفاقات أوسع نطاقاً.

وجمدت القيادة الفلسطينية الاتصالات مع ادارة الرئيس دونالد ترامب الذي تتهمه بالانحياز بشكل فاضح لاسرائيل. وتعتبر ان الولايات المتحدة اقصت نفسها من دور الوسيط بعد اعترافها في السادس من كانون اول /ديسمبر2017 بالقدس عاصمة لاسرائيل.

من المتوقع أن تطرح الإدارة الأميركية خطة سلام طال انتظارها.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية