مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تنظيم الدولة الاسلامية يتلقى الضربة الاكبر في سوريا بعد خسارة تل ابيض

نازحون سوريون يخترقون السياج الحدودي ويدخلون تركيا بطريقة غير شرعية هربا من المعارك بين الاكراد وتنظيم الدولة 14 يونيو 2015 afp_tickers

تلقى تنظيم الدولة الاسلامية الضربة الاكبر منذ تصاعد نفوذه في سوريا وذلك بعد سيطرة المقاتلين الاكراد على مدينة تل ابيض الاستراتيجية على الحدود مع تركيا والتي تشكل طريق امداد حيوي للجهاديين.

وتمكن المقاتلون الاكراد ومقاتلو المعارضة السورية بعد خمسة ايام من الهجوم المدعوم بغارات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، من السيطرة فجر الثلاثاء بشكل كامل على مدينة تل ابيض في محافظة الرقة، معقل تنظيم الدولة الاسلامية في شمال سوريا، بعد اشتباكات عنيفة تسببت بفرار الالاف من السكان.

وبذلك، خسر التنظيم الجهادي احد ابرز طرق امداده مع تركيا. ولم يعد يسيطر الا على معبر جرابلس الحدودي مع تركيا في محافظة حلب (شمال)، وان كانت عمليات نقل الاسلحة والمقاتلين تتم عن طريق التهريب لا عن طريق المعابر المقفلة من الجانب التركي رسميا.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “سيطرت وحدات حماية الشعب الكردية ومقاتلو الفصائل على مدينة تل ابيض بالكامل، بعد طرد اخر عناصر تنظيم الدولة الاسلامية منها”.

واوضح القيادي الكردي احمد سايكسو لوكالة فرانس برس الثلاثاء ان “مقاتلي التنظيم انسحبوا دون قتال يذكر (…) كان انتصارا سهلا”.

ورفع المقاتلون الاكراد ومقاتلو المعارضة اعلامهم داخل المدينة.

وقال شرفان درويش، الناطق الرسمي باسم قوات “بركان الفرات” المعارضة التي تقاتل الى جانب الوحدات الكردية “نستمر في تمشيط المدينة لتهيئة عودة اهاليها”، لافتا الى “وجود الغام وسيارات مفخخة وجثث مرمية على الارض”.

واعتبر المحلل ايمن جواد التميمي من منتدى الشرق الاوسط للابحاث ان سقوط المدينة يعد “الخسارة الاكبر حتى الان لتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا”.

واوضح ان تل ابيض تعد “طريقا رئيسيا لنقل المقاتلين والاسلحة والسلع من تركيا الى الاراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم”.

كما يمر بتل ابيض طريق الامداد الرئيسي الى مدينة الرقة الواقعة على بعد 86 كيلومترا.

ويسيطر التنظيم على كامل محافظة الرقة منذ حوالى سنة، لكنه خسر في الاشهر الاخيرة اكثر من خمسين قرية وبلدة في ريف المحافظة الشمالي لصالح الاكراد.

وقال عبد الرحمن ان هذه الخسارة تعد “الانهيار الاكبر للتنظيم منذ اعلانه دولة الخلافة في شهر حزيران/يونيو 2014”.

وبحسب عبد الرحمن، بات الاكراد يسيطرون “على شريط حدودي بطول 400 كيلومتر يمتد من ريف حلب الشمالي الشرقي (عين العرب) وصولا الى الحدود العراقية”.

واعتبر الباحث في شؤون الجهاد في مؤسسة كويليام في لندن تشارلي وينتر ان الانجاز الكردي في تل ابيض “اكثر اهمية على المدى الطويل من كوباني”، (عين العرب) المدينة الحدودية مع تركيا التي تمكن المقاتلون الاكراد من صد هجوم الجهاديين عليها بمؤازرة غارات التحالف الدولي في شهر كانون الثاني/يناير الماضي.

ويوجه تفوق الاكراد في هذه المعركة وفق وينتر، “ضربة لأسطورة النصر الالهي الثابت” التي يحاول التنظيم الترويج لها منذ ظهوره في سوريا عام 2013.

واعلن متحدث باسم التحالف الدولي لمواجهة التنظيمات الجهادية واين ماروتو في بيان صادر عن التحالف اليوم ان “نجاحات الاكراد التي تحققت بفضل دعم غارات التحالف، تكشف اكثر قدرات داعش والارهابيين العسكرية”.

ونتيجة المعارك التي شهدتها تل ابيض والمحيط منذ الثالث من حزيران/يونيو، لجأ الى تركيا 23 الف سوري، وفق ما اعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لدى الامم المتحدة الثلاثاء.

وقال خليل الاحمد (55 عاما) الذي لجأ مع 15 فردا من عائلته الى الجانب التركي لوكالة فرانس برس “لم نهرب من تنظيم الدولة الاسلامية او من وحدات حماية الشعب، كلهم بالنسبة الينا سواء. هربنا من القذائف التي كانت تلقى علينا”، مضيفا “عندما سمعت صوت طائرة مقاتلة بالقرب من قريتنا، لم اعد حتى قادرا على الاكل. خفت كثيرا”.

واضاف “كل ما افكر به هو العودة. قلبي يحترق”.

ووصل ابراهيم الحسن (44 عاما) الى تركيا قبل ثلاثة ايام. وقال لوكالة فرانس برس “خفنا من الاكراد لاننا لا نعلم كيف سيعاملوننا”، الا انه اضاف “لم نكن مرتاحين مع تنظيم الدولة الاسلامية (…). من المرعب العيش تحت احكام الشريعة التي تحظر كل شيء تقريبا، من المرعب العيش مع الخوف”.

سياسيا التقى الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا الثلاثاء في اليوم الثاني من زيارته الى دمشق الرئيس السوري بشار الاسد، واتفق الطرفان، وفق وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا”، على متابعة التشاور لايجاد حل سياسي “ناجع” للنزاع.

ودان دي ميستورا في بيان صدر عنه قبل اللقاء “الهجوم الخطير جدا على المدنيين” في حلب، في اشارة الى تعرض الاحياء الواقعة تحت سيطرة قوات النظام في المدينة امس لقصف بأكثر من 300 قذيفة وصاروخ مصدرها مواقع المعارضة اوقع 34 قتيلا بينهم 12 طفلا و190 جريحا، وفق المرصد.

ورأى ان “هذا الهجوم لا يبرر بأي حال من الأحوال أي عملية انتقام قد تقوم بها الحكومة السورية على المناطق الآهلة باستعمالها القنابل البرميليّة”.

ومنذ نهاية 2013، تقصف قوات النظام بانتظام المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة في شرق حلب لا سيما بالبراميل المتفجرة التي تلقى من طائرات مروحية وقد حصدت الاف القتلى. وندد بها دي ميستورا مرارا.

في دمشق، تعرضت احياء عدة لسقوط قذائف الثلاثاء مصدرها مواقع مقاتلي المعارضة، بحسب التلفزيون السوري الرسمي الذي اشار الى وقوع ثمانية جرحى.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية