مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تيريزا ماي تضحي بمديري مكتبها في محاولة لاستيعاب الانتقادات بعد نكسة الانتخابات

الحملة تتصاعد على رئيسة الحكومة البريطانية تبريزا ماي العاشر من حزيران/يونيو بعد فشلها في الحصول على اكثرية قبل ايام من بدء المفاوضات حول بريكست afp_tickers

بعد تعرضها لضغوط شديدة اثر النكسة الكبيرة في الانتخابات التشريعية الاخيرة، عمدت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي الى الاستغناء عن مديري مكتبها، في محاولة لامتصاص النقمة عليها، قبل ايام من موعد اطلاق مفاوضات بريكست. وكان نيك تيموثي وفيونا هيل يعتبران من اقرب المقربين اليها، واعلنا استقالتهما من منصبيهما بعد يومين على الانتخابات التشريعية التي اعتبرت نكسة قاسية لحزب المحافظين.

ونقلت وسائل اعلام بريطانية عدة ان عددا من كبار قياديي حزب المحافظين طالبوا تيريزا ماي باقالة تيموثي وهيل في حال كانت تريد الحفاظ على منصبها والعمل على تشكيل حكومة اقلية بدعم من الحزب البروتستانتي الايرلندي الشمالي “الحزب الوحدوي الديموقراطي”.

وعمل تيموثي وهيل الى جانب تيريزا ماي منذ كانت وزيرة للداخلية بين عامي 2010 و2016، وتعرضا منذ الخميس لانتقادات شديدة واعتبرا مسؤولين عن الحملة الانتخابية “الكارثية” التي قام بها حزب المحافظين.

وكانت ماي دعت الى هذه الانتخابات المبكرة لتحسين الاكثرية التي تملكها، لكن العكس حصل ففقد حزب المحافظين 12 مقعدا لتصبح حصته في البرلمان 318 نائبا اي اقل بثمانية مقاعد من الاكثرية المطلوبة وهي 326 مقعدا.

وبعد هذا الفشل الذريع التي اعتبر صفعة شخصية لتيريزا ماي، ارتفعت اصوات من المعارضة العمالية، وحتى في صفوف حزب المحافظين تطالبها بالرحيل. الا ان رئيسة الحكومة تذرعت بالحاجة الى “الاستقرار” قبل ايام من بدء مفاوضات بريكست، وذلك لرفضها فكرة التنحي، واعلنت الجمعة عزمها على تشكيل حكومة جديدة “ستقود بشكل جيد الخروج من الاتحاد الاوروبي”.

وثبتت تيريزا ماي الوزراء الاساسيين في مناصبهم، وهم فيليب هاموند للمال، وبوريس جونسون للخارجية، وديفيد ديفيس لملف بريكست، وامبر رود للداخلية، وفالكون فالون للدفاع.

في السياق نفسه، اعلن داونينغ ستريت مساء السبت ان ماي توصلت الى “اتفاق على الخطوط الكبرى” مع الحزب الوحدوي الايرلندي الشمالي الذي تحتاج الى دعمه في شكل كبير.

فبعد فوزه بعشرة مقاعد، سيؤمن لها هذا الحزب الاقليمي المحافظ المتشدد الدعم الضروري للبقاء في الحكم رغم الصعوبات.

والسبت، نقل مكتب تيريزا ماي عنها قولها للمستشارة الالمانية انغيلا ميركل خلال اتصال هاتفي، ان بريطانيا تتوقع أن تبدأ مفاوضات خروجها من الاتحاد الاوروبي “في غضون اسبوعين” كما كان متوقعاً في السابق.

– هزيمتها كبيرة-

ويعقد البرلمان البريطاني الجديد اجتماعه الاول الثلاثاء، قبل ان يعقد في التاسع والعشرين من الشهر الحالي اجتماعه الافتتاحي الرسمي الاول.

وشددت صحف بريطانية عدة على الوضع الصعب لتيريزا ماي. وعنونت دايلي تلغراف المؤيدة لبريكست “ماي تكافح للبقاء رئيسة للحكومة”، في حين عنونت دايلي ميل “المحافظون ايضا يهاجمون تيريزا”، كما اعتبرت صحيفة “ذي صن” انه “قضي” على تيريزا ماي، وانها لن تكون قادرة على الصمود اكثر من بضعة اشهر.

تأتي الخلافات داخل حزب المحافظين بين الداعمين بشدة لبريكست والقلقين من تداعيات الخروج من الاتحاد الاوروبي، لتزيد الوضع صعوبة امام ماي.

ويضع التحالف المحتمل مع الحزب الوحدوي الديموقراطي في ايرلندا الشمالية على المحك حياد الحكومة المفترض من النزاع في ايرلندا الشمالية، وهي منطقة لا تزال تشهد توترا كبيرا بعد ثلاثين سنة على انتهاء “الاضطرابات” فيها.

– “على الحزب الوحدوي الديموقراطي الرحيل” –

وتثير سياسة الحزب الايرلندي الشمالي شديدة التحفظ على المستوى الاجتماعي، الكثير من القلق في لندن.

والمعروف عن الحزب الوحدوي الديموقراطي في ايرلندا الشمالية انه يعارض بشدة زواج المثليين والاجهاض.

وتظاهر المئات، معظمهم من ناخبي حزب العمال، بوسط لندن السبت ضد التحالف المحتمل وهتفوا “عنصريون عرقيا وجنسيا، مناهضون للمثليين، على الحزب الوحدوي الديموقراطي الرحيل”.

وفي اسكتلندا، سارعت زعيمة المحافظين هناك روث ديفيدسون الى وضع شروطها. وقالت زعيمة ديفيدسون التي سبق ان اعلنت انها ستتزوج قريبا من رفيقتها الايرلندية “طلبت من تيريزا ماي الضمان الكامل بانه في حال التوافق مع الحزب الوحدوي الديموقراطي ان يتم ضمان الحفاظ على حقوق المثليين في كافة اراضي المملكة المتحدة”.

وكانت ديفيدسون فازت ب12 مقعدا في اسكتلندا في حين لم يكن لحزب المحافظين في هذه المنطقة سابقا سوى مقعد واحد، ما سيجبر تيريزا ماي على التعاطي معها، مع العلم ان هناك خلافات عدة بين ديفيدسون والحزب الوحدوي الديموقراطي في ايرلندا الشمالية.

اذ تعتمد روث ديفيدسون سياسة اقل تشددا ازاء بريكست من تلك المعتمدة حتى الان في لندن وتتضمن خروجا من السوق المشتركة.

ويطالب الحزب الوحدوي الايرلندي الشمالي ايضا بالخروج من السوق الموحدة، الا انه “يفضل تجنب سيناريو +عدم التوصل الى اتفاق يبقى افضل من التوصل الى اتفاق سيئ”، حسب ما يقول ستيفن بويد المحلل في مركز “اوبن يوروب” للتحليل.

وسيكون الحزب الوحدوي الايرلندي الشمالي متنبها جدا لمسالة الحدود بين ايرلندا الشمالية والجنوبية، وهي النقطة التي تبقى في اولوية اهتمامات الاتحاد الاوروبي.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية