مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

جهاديو الولايات المتحدة يتحركون منفردين لتعذر بناء شبكات

المحققون في موقع عملية الدهس في مانهاتن الثلاثاء، 31 تشرين الاول/اكتوبر 2017 afp_tickers

خطط الاوزبكي المتشدد سيف الله سايبوف الذي قتل ثمانية أشخاص الثلاثاء في نيويورك لاعتدائه منفردا على ما يبدو، على ما فعلت أغلبية الجهاديين الذين قرروا التحرك في الولايات المتحدة.

في المقابل يستفيد الكثيرون منهم في اوروبا من دعم مجتمعهم ومن شبكة سرية ويتلقون كذلك ارشاد امام متشدد.

لكن ما اسباب هذا الاختلاف؟

يفسر الخبراء ذلك جزئيا باندماج أفضل للمجموعة المسلمة في المجتمع الأميركي وكذلك بانها أكثر ثراء وبانها لا تتساهل مع من يبدي تعاطفا مع جماعات جهادية على غرار تنظيم الدولة الاسلامية او القاعدة.

كما يشيرون الى عامل آخر يكمن في تشريعات اميركية اوسع واكثر صرامة.

ويؤدي اجتماع هذه العوامل إلى عزل الجهاديين في الولايات المتحدة واقتصار تواصلهم على شبكات التواصل الاجتماعي وأحيانا على بضعة اصدقاء.

ويعتقد المحققون حتى الان ان سيابوف الذي دهس مارة في مانهاتن بشاحنة مؤجرة “تطرف” عبر الانترنت ولم يستفد من أي دعم على الاراضي الاميركية.

وقال المدير المساعد لبرنامج حول التطرف في جامعة جورج واشنطن سيمُس هيو “لا نرى تكتلات واسعة من الجهاديين في الولايات المتحدة بل في أغلب الاحيان فردا او اثنين”.

وعزا هيو ذلك بشكل رئيسي إلى المسافات وبعد الولايات المتحدة الكبير عن الشبكات الجهادية وصعوبة السفر الى الشرق الاوسط بسبب لوائح حظر السفر الرسمية.

في المقابل يبدو أسهل على المسلمين الاوروبيين التوجه الى مناطق تنشط فيها جماعات متطرفة على غرار تنظيم الدولة الاسلامية. وقال هيو “بالتالي ليس لدينا تجنيد شخصي على النمط الاوروبي”.

– “أكثر تشددا” –

يكمن عامل آخر في الاستغلال الموسع لتهمة “توفير الدعم المادي للارهاب”، وهي عبارة شاملة “تجيز لمكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) التدخل في مرحلة مبكرة مقارنة مع ما يفعله شركاؤنا الاوروبيون”.

في المقابل تؤكد الانتقادات تجاوز الأف بي آي حدوده وتوسيعه للقانون من خلال برامج تخفٍ توقع افرادا لا يشكلون تهديدا. غير ان النتيجة النهائية تؤدي الى منعهم من تشكيل علاقات وتثير الخوف لدى آخرين يفكرون في بناء شبكات.

ورأى ديفيد غارتنستين-روس احد كبار الباحثين في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات ان عقوبات السجن الأكبر في الولايات المتحدة في قضايا الارهاب تحدث فرقا.

ففيما تصل العقوبات في الولايات المتحدة الى 15 او عشرين عاما تقتصر في اوروبا على ما بين اربع وسبع سنوات، ما يعيد المحكومين في قضايا ارهاب إلى صفوف مجتمعهم بسرعة أكبر، وهذا يسهم في استدامة خلايا ارهابية خطيرة بحسبه.

لكن ذلك لا يعني ان الولايات المتحدة لم تضم خلايا او قادة شبكات، بحسب غارتنستين-روس.

فأنور العولقي الذي كان احد منظري ومروجي الجهاديين الأكثر تأثيرا ولد ونشأ في الولايات المتحدة قبل ان ينضم إلى تنظيم القاعدة في اليمن وقتله في غارة بطائرة بلا طيار في 2011.

وفي اواخر سنوات الألفين تشكلت خلية ضمت حوالى عشرين شخصا في اوساط الجالية الصومالية في مينيابوليس وتحولت إلى اداة فعلية للتجنيد لصالح تنظيم الدولة الاسلامية.

تابع الباحث “من الواضح انها كانت شبكة … ولم يتم وقفها، ما زالت موجودة”.

– “افضل اندماجا” –

بدت الخلية الصومالية أقرب إلى الشبكات الاوروبية وترسخت في جالية مهاجرين وفدوا في فترة أقرب وأقل ثراء وأضعف تعليما.

بشكل عام يعتبر المسلمون الاميركيون أغنى ومستواهم التعليمي اعلى من نظرائهم الاوروبيين، ما يجعلهم أقل تهميشا وأفضل اندماجا بحسب كوري سيلور المتخصص في شؤون معاداة الاسلام في مجلس العلاقات الاميركية الاسلامية.

ويبدي مسلمو الولايات المتحدة اكثر استعدادا لابعاد اي فرد يتبنى افكارا متطرفة من المجتمع والمسجد.

وقال سيلور “اذا تحدث احد ما في المجموعة عن (افكار متطرفة) فسيستبعد سريعا نسبيا. لا يبدون تساهلا” معها.

وبعيدا عن الاضواء تبدي المجموعات المسلمة في الولايات المتحدة قابلية أكبر لتبليغ الامن عن تهديدات محتملة مما تفعل نظيراتها في اوروبا. وتعززت هذه النزعة بمساعدة برامج تواصل نفذت اثناء حكم الرئيس السابق باراك ا وباما بحسب غارتنستين روس.

لكن هذا التوجه يشهد انحسارا تحت سلطة الرئيس دونالد ترامب نظرا الى انعدام ثقته العلني في المسلمين. وأضاف الباحث ان “انعدام الثقة عرقل التعاون فيما تضاعفت الريبة”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية