مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خروج الدفعة الاولى من المدنيين والمقاتلين من داريا السورية تمهيدا لاخلائها

انعكاس صورة عناصر من الجيش السوري على زجاج حافلة تنقل مدنيين الى خارج داريا في اطار اخلائها بالكامل بموجب اتفاق، 26 اب/اغسطس 2016 afp_tickers

خرجت الدفعة الاولى من المدنيين والمقاتلين بعد ظهر الجمعة من مدينة داريا المدمرة قرب دمشق في اطار اتفاق يقضي باخلاء مدينة طال حصارها وحافظت على رمزية خاصة لدى المعارضة السورية.

وتوصلت الحكومة السورية والفصائل المعارضة في داريا الخميس الى اتفاق يقضي بخروج 700 مقاتل الى ادلب (شمال غرب والواقعة تحت سيطرة فصائل اسلامية وجهادية) و4000 من الرجال والنساء مع عائلاتهم بدءا من الجمعة من هذه المدينة، فضلا عن تسليم المقاتلين لسلاحهم المتوسط والثقيل.

وافادت وكالة الانباء السورية الرسمية سانا ان “تم تنفيذ المرحلة الاولى من الاتفاق”.

واكد مصدر عسكري سوري في المكان ان الدفعة الاولى الجمعة تتضمن “300 مقاتل مع عائلاتهم” على ان تستكمل العملية السبت.

واوضح ان “الذي لا يريد المصالحة سيذهب باتجاه مدينة ادلب والذي يريد البقاء (…) سيذهب الى منطقة حرجلة” في الغوطة الغربية والواقعة تحت سيطرة قوات النظام. واشار الى ان “كل مسلح يرغب باخد اولاده معه باتجاه ادلب سيحصل على ذلك”.

وقال مصدر سوري ميداني ان حافلات تقل “270 شخصا بينهم مسلحون وعائلاتهم توجهت الى مدينة ادلب”، واخرى الى حرجلة.

وافادت مراسلة فرانس برس عند مدخل داريا الرئيسي شمالا عن بدء خروج حافلات المدنيين والمقاتلين عند حوالى الساعة الثالثة والربع بالتوقيت المحلي من المدينة. وشاهدت مقاتلين في الحافلات يحملون سلاحهم الفردي ومعهم عائلاتهم.

وفور خروج حافلات المقاتلين، بدأ الجنود السوريون عند مدخل داريا بالهتاف للرئيس السوري بشار الاسد رافعين اسلحتهم في الهواء.

ولداريا رمزية خاصة لدى المعارضة السورية، فهي كانت في طليعة حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس بشار الاسد في آذار/مارس 2011. وكان المتظاهرون في داريا وقتها يوزعون الورود والمياه على عناصر قوات النظام تأكيدا على سلميتهم.

لكن ذلك لم يمنع سقوط قتلى برصاص قوات النظام ولاحقا بالقصف المدفعي، وكما في المدن السورية الاخرى تحولت الاحتجاجات بعد قمعها الى نزاع مسلح، لتخرج داريا منذ اربع سنوات عن سلطة النظام، واصبحت من اولى البلدات التي فرض عليها حصار.

وقال ناشط في مدينة داريا، فضل عدم الكشف عن اسمه، في حديث عبر الهاتف مع وكالة فرانس برس في بيروت “هناك قهر كبير” بين السكان.

واضاف “ذهبت الامهات امس الى المقابر لتوديع شهدائهم، انهم يبكون على داريا اكثر مما بكوا حين سقط الشهداء”.

-غير صالحة للسكن-

واظهرت صورة نشرها المجلس المحلي لمدينة داريا على صفحته على فايسبوك احد الشبان وهو يقبل اسم داريا على احد جدران المدينة.

وقال احد مقاتلي الفصائل المعارضة في المدينة لفرانس برس عبر الهاتف من بيروت ان داريا تعيش اليوم “اصعب اللحظات”. وقال يجمع سكان داريا “اغراضهم المتواضعة المتبقية، لتبقى معهم ذكرى لاربع سنوات من الحصار والجوع والقصف”.

وكانت داريا قبل الحرب تعد حوالى 80 الف نسمة، لكن هذا العدد انخفض 90 في المئة حيث واجه السكان طوال سنوات الحصار نقصا حادا في الموارد. ودخلت في شهر حزيران/يونيو اول قافلة مساعدات الى داريا منذ حصارها في العام 2012.

وتبعد داريا نحو عشرة كيلومترات جنوب غرب العاصمة. وهي ايضا مجاورة لمطار المزة العسكري، حيث سجن المزة الشهير ومركز المخابرات الجوية.

واوضح المقاتل المعارض في المدينة ان قرار التوصل الى اتفاق مع الحكومة السورية على اخلاء المدينة “بعد صمود دام اربع سنوات يعود الى الوضع الانساني المتدهور فيها والقصف المتواصل عليها، فكان لا بد من حماية المدنيين”.

واضاف “المدينة لم تعد صالحة للسكن، فقد باتت مدمرة تماما” اذ كانت داريا تتعرض للقصف بعشرات البراميل المتفجرة يوميا، فضلا عن القصف المدفعي والغارات الجوية ما اسفر عن دمار هائل فيها.

وعند مدخل داريا الشمالي، كتب على احد جدران الابنية “داريا الحرة مع تحيات الجيش الحر”.

-لقاء جنيف-

بعيدا عما يجري على الارض في سوريا، يستمر الجمعة في جنيف الاجتماع بين وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لبحث الوضع في سوريا ومحاولة استئناف محادثات السلام.

وانضم اليهما لفترة وجيزة الموفد الاممي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا.

وردا على سؤال خلال استراحة عن رأيه في سير الاجتماع، قال لافروف “ممتاز”.

وكانت جولات عدة من مفاوضات دولية لتسوية النزاع الذي اودى ب290 الف شخص في سوريا، اخفقت من قبل.

ومن جهة اخرى، اعتبر مكتب الشؤون الانسانية لدى الامم المتحدة الجمعة ان معدل دخول المساعدات الانسانية الى المناطق المحاصرة في شهر آب/اغسطس “غير مقبول اطلاقا”، وذلك اثر اعلانه عن دخول قافلة هي الوحيدة هذا الشهر الى حي الوعر المحاصر من قبل قوات النظام في مدينة حمص (وسط).

وتشهد سوريا نزاعا داميا بدأ في اذار/مارس 2011 بحركة احتجاج سلمية ضد النظام، تطورت لاحقا الى نزاع متشعب الاطراف، اسفر عن مقتل اكثر من 290 الف شخص وتسبب بدمار هائل في البنى التحتية وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية