مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دعوة للانتخابات في كاتالونيا مع اقتراب انتهاء مهلة توضيح اعلان الاستقلال

نائبة رئيس الحكومة الاسبانية سورايا ساينز دي سانتا ماريا في مدريد في 7 ايلول/سبتمبر 2017 afp_tickers

بدت اسبانيا الاربعاء وكأنها تعرض على الانفصاليين الكاتالونيين ما يمكن ان يكون مخرج اللحظة الاخيرة للمواجهة التي يخوضونها مع الحكومة المركزية، معتبرة ان اجراء انتخابات جديدة في الاقليم قد يشكل حلا لاسوأ ازمات البلاد منذ عودة الديموقراطية العام 1977.

وقبل ساعات من موعد انتهاء مهلة اعطتها مدريد للرئيس الانفصالي لكاتالونيا كارليس بوتشيمون عند الساعة 10:00 (8:00 ت غ) من صباح الخميس لابلاغ الحكومة المركزية ما اذا كان اعلن بالفعل انفصال الاقليم عن اسبانيا، اعلن مصدر حكومي اسباني لفرانس برس ان اجراء انتخابات “يمكن اعتباره عودة الى الشرعية”.

وكانت الحكومة الاسبانية وجهت تهديدا لكاتالونيا بانها ستعلق الحكم الذاتي للاقليم في حال لم يلغ رئيسه الانفصالي اعلان الاستقلال الذي اعلن تعليقه بعيد توقيعه، وذلك قبل 24 ساعة من انتهاء مهلة حددتها مدريد من اجل توضيح موقفه.

والكاتالونيون منقسمون حيال الانفصال عن اسبانيا الا انهم يفتخرون بالحكم الذاتي الذي يتمتعون به في الاقليم.

وأكدت الاربعاء نائبة رئيس الحكومة الاسبانية سورايا ساينز دي سانتا ماريا ان مدريد ستعمد الى تطبيق المادة 155 من الدستور في خطوة غير مسبوقة تمكنها من فرض سيطرتها على كاتالونيا التي تتمتع بحكم ذاتي.

من شأن تطبيق هذه المادة تعليق الحكم الذاتي وفرض انتخابات جديدة في الاقليم، الا ان هذه الخطوة قد تؤدي الى تصعيد في الازمة التي ادت الى تظاهرات عارمة في الشوارع وتقلبات في اسواق البورصة فضلا ن اثارة قلق حلفاء اسبانيا الاوروبيين.

وكان بوتشيمون اعلن الاسبوع الماضي “اقبل تفويض الشعب لكي تصبح كاتالونيا جمهورية مستقلة” في اعقاب استفتاء في الاول من تشرين الاول/اكتوبر حظرته مدريد وأيد خلاله 90 بالمئة من المشاركين استقلال الاقليم عن اسبانيا.

ثم ما لبث أن علق فورا تنفيذ الاعلان افساحا في المجال امام الحوار مع مدريد التي سارعت الى رفض النقاش في المسألة.

وكان رئيس الحكومة الاسبانية المحافظ ماريانو راخوي قال سابقا “الامر الوحيد الذي اطلبه من بوتشيمون هو ان يتصرف بعقلانية واتزان”.

والمادة 155 التي لا يمكن تفعيلها الا من قبل غالبية مطلقة في مجلس الشيوخ يمتلكها حزب الشعب المحافظ، تتيح للحكومة المركزية ان تتولى السلطة المباشرة على الصلاحيات الموكلة للاقليم مثل الشرطة والمالية والتعليم.

ولاحقا الاربعاء ظهرت مؤشرات متزايدة الى اعتبار الانتخابات سبيلا للخروج من المأزق.

ومن شأن اجراء انتخابات في الاقليم بموافقة مدريد، على عكس الاستفتاء الذي حظرته الحكومة الاسبانية والقضاء الاسباني، اعطاء الفرصة للناخبين الكاتالونيين للتعبير عن رأيهم حول كيفية المضي قدما.

ومن بروكسل قال زعيم الحزب الاشتراكي الاسباني المعارض بدرو سانشيز الذي يتولى ملف الازمة الكاتالونية “المخرج الوحيد المتاح للسيد بوتشيمون هو باعادة الشرعية، ومن وجهة نظر سياسية، تقريب موعد الانتخابات”.

في المقابل اعلن مصدر في الحكومة الكاتالونية ان الانتخابات “ليست احدى الاولويات الاربع”، دون ان يستبعد احتمال اجرائها.

وتابع المصدر “لن نبدي ردة فعل على تصريحات غير رسمية من قبل الحكومة (الاسبانية)”، مضيفا “نحن ننتظر ما ستقرره (مدريد) غدا”.

وقال النائب الكاتالوني جوردي تشوكلا العضو في الائتلاف الحاكم متوجها الى راخوي في البرلمان ان خطوة كتلك ستشكل “خطأ كبيرا… وسيكون تطبيقها صعبا وموضع تشكيك”.

– عشرات الآلاف يتظاهرون –

وليل الثلاثاء تظاهر عشرات الآلاف في شوارع كاتالونيا تعبيرا عن احتجاجهم على اعتقال مسؤولين انفصاليين اثنين في كاتالونيا الاثنين هما رئيس رابطة الجمعية الوطنية جوردي سانشيز، وجوردي كوشارت الذي يترأس حركة ثقافية مؤيدة للاستقلال، ولكل من الهيئتين آلاف المنتمين.

واعلنت شرطة برشلونة ان نحو 200 الف شخص نزلوا الى شوارع المدينة للمطالبة باطلاق سراح “الثنائي جوردي” بعد قضائهما يوما ثانيا رهن التوقيف.

ووجهت الى كل من سانشيز وكوشارت التهم بتحريض مئات المتظاهرين على اعاقة عمل الشرطة الوطنية التي داهمت مكاتب الحكومة الاقليمية في 20 ايلول/سبتمبر، قبل اجراء الاستفتاء المحظور في الاول من تشرين الأول/اكتوبر الجاري.

كذلك تم توجيه تهمة العصيان لقائد شرطة كاتالونيا جوزيب لويس ترابيرو، وهي تهمة قد تصل عقوبتها الى الحبس 15 عاما، لعدم منعه اجراء الاستفتاء.

– متاعب اقتصادية –

ويفتخر اقليم كاتالونيا وسكانه البالغ عددهم 7,5 ملايين نسمة بلغته الخاصة وعاداته الثقافية، الا ان الكاتالونيين انفسهم منقسمين حيال الاستقلال عن اسبانيا.

وأعلنت الحكومة الاقليمية ان 90 بالمئة من المقترعين ايدوا الاستقلال، الا ان نسبة المشاركة في الاستفتاء لم تتخط 43 بالمئة علما ان هذه الارقام يتعذر التحقق منها مع عدم وجود لجنة انتخابية مستقلة.

ويؤكد الانفصاليون ان المنطقة التي تسهم في قرابة 20 بالمئة من الاقتصاد الاسباني تدفع عبر الضرائب أكثر مما تحصل عبر الاستثمارات والتحويلات من مدريد، وان انفصالها عن اسبانيا هو مفتاح ازدهارها.

في المقابل يؤكد معارضو الاستقلال ان المنطقة تحظى بنفوذ اكبر اذا بقيت جزءا من اسبانيا وان تداعيات الانفصال على اقتصاد الاقليم ستكون كارثية.

واعلنت الحكومة الاسبانية الاثنين تخفيض توقعاتها للنمو للعام 2018، من 2,6 بالمئة الى 2,3 بالمئة على خلفية الازمة مع كاتالونيا.

وأدت المواجهة بين مدريد وكاتلونيا الى مغادرة شركات للاقليم ونقل قرابة 700 شركة لمقارها الى خارج كاتالونيا في محاولة للتقليل من مخاطر عدم الاستقرار.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية