مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دمشق تنتظر اقتران تصريحات كيري بالافعال

الاسد يتحدث الى مراسل تلفزيون ايراني في دمشق afp_tickers

أعلن الرئيس السوري بشار الاسد الاثنين، ردا على ابداء وزير الخارجية الاميركي جون كيري استعداد بلاده للتحاور معه، انه ينتظر اقتران التصريحات بالافعال، في وقت أبدى ناشطون ومعارضون خيبة املهم من الموقف الاميركي الاخير.

وكان كيري صرح في مقابلة بثتها شبكة “سي بي اس” الاميركية السبت ردا على سؤال حول احتمال التفاوض مع الاسد، “حسنا، علينا ان نتفاوض في النهاية. كنا دائما مستعدين للتفاوض في اطار مؤتمر جنيف 1”. وتابع “الاسد لم يكن يريد التفاوض. (…) اذا كان مستعدا للدخول في مفاوضات جدية حول تنفيذ جنيف 1، فبالطبع. نحن نضغط من اجل حثه على ان يفعل ذلك”.

وسارعت متحدثة باسم الخارجية الاميركية الى توضيح تصريحات كيري، نافية اي تغيير في السياسة الاميركية حيال الازمة السورية وموضحة ان “لا مستقبل لديكتاتور عنيف مثل الاسد في سوريا”.

واذ اسفت لعدم اجراء مفاوضات سلام بهدف “وضع حد لمعاناة الشعب السوري”، كررت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي الاثنين “كما كنا نقول منذ وقت طويل، ينبغي ان يكون ممثلون لنظام الاسد جزءا من عملية” السلام.

لكنها تداركت ان “الاسد بنفسه لن يكون ابدا” طرفا في هذه العملية و”لم يكن الوزير كيري يقصد ذلك”.

وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اكد في وقت سابق رفضه اي تفاوض مع الرئيس السوري بناء على تصريحات كيري، واعتبر ان الامر سيكون بمثابة “هدية” تقدم الى تنظيم الدولة الاسلامية.

واعرب رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس عن اسفه لتصريحات كيري وقال في تصريح تلفزيوني الاثنين “لن يكون هناك حل ما دام بشار الاسد رئيسا في سوريا”.

بدورها، اكدت لندن ان “لا مكان” للرئيس السوري في مستقبل البلاد، فيما اعتبرت تركيا ان التفاوض مع نظام “قتل مئتي الف شخص” سيكون “من دون طائل”.

وقال الاسد ردا على سؤال للتلفزيون الايراني عما اذا كان تصريح كيري يعكس تغييرا في الموقف الاميركي والدولي، “ما زلنا نستمع لتصريحات، وعلينا ان ننتظر الافعال وعندها نقرر”.

واضاف في التصريح الذي نقلته وكالة الانباء الرسمية (سانا) “لا يوجد لدينا خيار سوى ان ندافع عن وطننا. لم يكن لدينا خيار آخر منذ اليوم الاول بالنسبة الى هذه النقطة”، مضيفا “اي تغيرات دولية تأتي في هذا الاطار هي شيء ايجابي ان كانت صادقة وان كانت لها مفاعيل على الارض”.

وطالبت واشنطن ومجمل الدول الغربية منذ بدء النزاع السوري في منتصف آذار/مارس 2011، برحيل الرئيس بشار الاسد. واعلن كيري قبل اسابيع ان “الاولوية” المطلقة لبلاده في سوريا اصبحت القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية.

وصدر بيان جنيف 1 في حزيران/يونيو 2012 بعد اجتماع ضم ممثلين عن الدول الخمس الكبرى الاعضاء في مجلس الامن والمانيا وجامعة الدول العربية. ونص على تشكيل حكومة تضم ممثلين للحكومة والمعارضة السوريتين بصلاحيات كاملة تتولى الاشراف على مرحلة انتقالية. وتباينت وجهات نظر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية المدعوم من الغرب والنظام السوري ازاء تفسير هذا البيان.

واجرى وفدان من المعارضة والحكومة السوريتين في مطلع 2015 جولتي مفاوضات برعاية الامم المتحدة في اطار جنيف 2، من دون ان يتوصلوا الى نتيجة.

وتعتبر المعارضة ان “الصلاحيات الكاملة” المعطاة للحكومة تعني تجريد الاسد من صلاحياته، وبالتالي ابعاده عن اي حل لمستقبل سوريا، بينما يشدد النظام على ان مصير الرئيس يقرره الشعب السوري دون سواه، عبر صناديق الانتخابات.

من جانبها، رأت صحف سورية ان اعلان وزير الخارجية الاميركي اقرار “بشرعية الرئيس”.

وكتبت صحيفة “الوطن” القريبة من السلطات الاثنين ان “الإدارة الأميركية اقتنعت أخيراً بعدم تمكنها من إزاحة الرئيس الأسد من منصبه بالقوة العسكرية”، مضيفة “ان موقف كيري في الأمس هو اعتراف (…) بشرعية الرئيس الأسد ودوره المحوري وجمهوره وصموده وشعبيته”.

بينما رات صحيفة “البعث” الناطقة باسم حزب البعث السوري ان “اقرار” وزير الخارجية الأميركي “يؤكد من جديد فشل المشروع الصهيوأمريكي بحلته الإرهابية التكفيرية الجديدة، ضد سورية”.

وقتل اكثر من 215 الف شخص في اربع سنوات من النزاع السوري، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

ولا تعترف دمشق بوجود معارضة ضد النظام، بل تؤكد منذ بداية النزاع ان ما يجري في سوريا مؤامرة ينفذها ارهابيون بدعم من الخارج، خصوصا من الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا وقطر والسعودية.

على خط المعارضة، لم يرد الائتلاف السوري مباشرة على تصريحات كيري، الا ان المتحدث الرسمي باسمه اعلن في بيان صدر اليوم ان “بعض المستجدات تستدعي التأكيد مجدداً بأن إسقاط رأس النظام وجميع المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري هدف رئيسي للائتلاف الوطني”، مشيرا الى ان ذلك “يضمن الانتقال إلى نظام ديمقراطي مدني تعددي يضمن حريات جميع المواطنين وحقوقهم”.

اما عضو الائتلاف سمير نشار فاكد ردا على سؤال لفرانس برس ان “هذه التصريحات مرفوضة من اكثرية السوريين. وحسب جنيف 1 و 2، لا دور للاسد في مستقبل سوريا”.

الا انه تخوف من ان يكون “كيري يتعمد الالتباس لتعويم بشار الاسد في اي حل سياسي”.

وخلال السنوات الماضية، اخذت المعارضة السورية على الغرب عموما والولايات المتحدة تحديدا، عدم تقديم دعم كاف للمعارضة المسلحة للتمكن من اقامة توازن عسكري مع قوات النظام، ما اعطى زخما للتنظيمات الجهادية.

بين الناشطين على الارض، حلت خيبة الامل منذ وقت طويل محل التفاؤل المعلق على الغرب في بداية “الثورة”.

وقال مأمون ابو عمر من مدينة حلب (شمال) “لم يكن لدى اميركا ولا حتى المجتمع الدولي اي نية بمساعدة الشعب الثوري بإزالة الدكتاتور بشار الاسد. لذلك نحنا لم نفاجأ”.

وقال ابو عادل من حي جوبر الدمشقي من جهته “منذ البداية، الاميركيون تخلوا عن الثورة. ويوما بعد يوم، يثبت هذا الامر اكثر فاكثر”. واضاف “لا يمكن ان نقبل ببقاء الاسد بعد ان سقط عشرات الاف الشهداء. هذا طبعا مستحيل”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية