مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سحب قوات اميركية من اليمن والرئيس هادي يتعهد التصدي لنفوذ ايران

صورة نشرتها الرئاسة اليمنية للرئيس هادي ملقيا كلمة في عدن جنوب البلاد في 21 اذار/مارس 2015 afp_tickers

تعهد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي السبت مواجهة النفوذ الايراني في بلاده فيما اعلنت الولايات المتحدة سحب قواتها من قاعدة جوية مهمة في جنوب اليمن.

وقد سحبت الولايات المتحدة قواتها المتمركزة في قاعدة العند الجوية في جنوب اليمن بسبب مخاوف امنية، كما اعلن مصدر عسكري يمني السبت فيما تجري معارك بالقرب منها بين قوات الامن اليمنية وعناصر من القاعدة.

وقال المصدر العسكري في قاعدة يمنية في محافظة لحج لوكالة فرانس برس ان القوات غادرت مساء الجمعة “الى وجهة مجهولة”. واضاف المصدر نفسه انه تم سحب وحدات مكافحة ارهاب يمنية تتولى القوات الاميركية تدريبها وتتمركز ايضا في العند.

وقتل 29 شخصا على الاقل الجمعة في لحج في معارك بين قوات الامن اليمنية من جهة ومقاتلين انفصاليين وعناصر من القاعدة خصوصا.

واقر اليمن بان عسكريين اميركيين مكلفين جمع معلومات لشن هجمات بطائرات بدون طيار ضد القاعدة في البلاد، موجودون في العند.

وتعتبر واشنطن تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب الذي نشأ نتيجة اندماج الفرعين اليمني والسعودي للقاعدة، المجموعة الاخطر من التنظيم المتطرف.

واليمن على حافة الدخول في حرب اهلية. فهو يشهد ازمة سياسية حادة، واراضيه مقسمة بين مناطق نفوذ عدة، ويشهد اعمال عنف شبه متواصلة تشارك فيها مجموعات مسلحة عدة ابرزها جماعة الحوثيين وتنظيم القاعدة المنتشر في جنوب شرق البلاد.

وبعدما اتهم الحوثيين بالعمل على نقل “التجربة الايرانية الاثني عشرية” الى اليمن، ندد الرئيس اليمني بتفجيرات صنعاء معتبرا ان الميليشيات الحوثية وتنظيم القاعدة “وجهان لعملة واحدة”.

وقال هادي في خطاب متلفز “لن تثنينا تلك الممارسات المجنونة واللامسؤولة عن تحمل المسؤولية حتى نصل بالبلاد الى بر الامان ويرتفع علم الجمهورية اليمنية على جبل مران في صعدة بدلا عن العلم الايراني، لأني اؤمن ان التجربة الايرانية الاثني عشرية التي تم الاتفاق عليها بين الحوثية ومن يساندها لن يقبلها الشعب اليمني زيديا وشافعيا”.

وهذا الخطاب المتلفز هو الاول لهادي منذ فراره الشهر الماضي من الاقامة الجبرية في صنعاء التي فرضها عليه الحوثيون، الى عدن جنوب البلاد.

ويؤكد الحوثيون ان طهران لا تتدخل في الشؤون اليمنية الداخلية.

ونقلت وكالة سبأ اليمنية للانباء التي يديرها الحوثيون الاسبوع الماضي، ان ايران ستزود اليمن بالنفط الخام لعام كامل، كما ستبني محطة كهربائية من 164 ميغاوات. وقد تم هذا الاتفاق خلال زيارة وفد حوثي لايران.

وبداية الشهر الحالي حطت طائرة تجارية ايرانية في صنعاء للمرة الاولى منذ سنوات عديدة، وذلك غداة توقيع اتفاق بين طهران ومسؤولين في الطيران المدني اليمني لتسيير رحلات مكثفة بين العاصمتين.

وادى دخول تنظيم الدولة الاسلامية الى الساحة اليمنية الى تعقيد الوضع في البلاد. فقد فجر اربعة انتحاريين انفسهم في مسجدين يرتادهما الحوثيون الجمعة في صنعاء، ما اسفر عن مقتل 142 شخصا واصابة 351 آخرين. اما تفجير صعدة فلم يسفر عن وقوع ضحايا.

وفي رسالة تعزية لاهالي الضحايا، ندد هادي بهذه “الاعمال الارهابية والاجرامية الغادرة”، مضيفا انه “لا يقدم على ارتكاب مثل هذه الاعمال البشعة الا اعداء الحياة” بهدف “جر البلاد إلى أتون الفوضى والعنف والاقتتال”.

واضاف هادي في رسالته ان “التطرف الشيعي الذي تمثله ميليشيات الحوثي المسلحة والتطرف السني الذي تمثله القاعدة كلاهما وجهان لعملة واحدة لا يريدان الخير والاستقرار لليمن وأبنائها”.

ونأى تنظيم “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب”، الذي يحارب الحوثيين ومناصري هادي في الوقت ذاته، بنفسه عن هذه الهجمات. واكد الجمعة انه لا يستهدف المساجد في عملياته، وقال في بيان عبر تويتر انه “يتجنب استهداف المساجد والاسواق والاماكن المختلطة حفاظا على ارواح المسلمين الابرياء”.

وينتشر تنظيم الدولة الاسلامية في عدة دول عربية اذ يسيطر على اراض واسعة في سوريا والعراق، واعلن مؤخرا مسؤوليته عن هجمات دموية عدة في ليبيا وتونس.

وفي اول رد فعل، قال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام ان هذه التفجيرات “تأتي في إطار حرب واضحة على الشعب اليمني وثورته الشعبية”.

واضاف “هذه الجريمة معروف من يقف وراءها ومن يحرض عليها ومن يمولها ويدعمها ويشجعها. وهي جزء من معركة شاملة تقودها أطراف تتبادل الأدوار السياسية والإعلامية والعسكرية والأمنية”.

وتابع “لقد تحركت العناصر الإجرامية وما يسمى بالقاعدة في ظل نشاط ودعم الأجهزة الامنية والعسكرية المدعومة أميركيا، في حين تحرك عبد ربه منصور هادي في عدن بعد حشد طويل من مختلف الجهات لاستهداف جزء من المؤسسة العسكرية والامنية”.

وختم “إننا اليوم نؤكد أنه بات من المهم إستكمال الخطوات الثورية للحفاظ على الشعب وثورته وحمايه حقوقه وأمنه واستقراره”.

واشارت مصادر عسكرية الى ان 1200 عنصر من القوات الخاصة الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي يدعم الحوثيين، وصلت مع 20 عربة مدرعة الى قاعدة عسكرية في تعز، المدينة الواقعة على طريق عدن، وتبعد عنها 180 كيلومترا.

وتظاهر المئات امام القاعدة العسكرية مطالبين بعودة تلك القوات الى صنعاء.

وتوقع المحلل السياسي باسم الحكيمي استغلال التفجيرات في صنعاء واتخاذها ذريعة لفتح جبهات جديدة عبر الهجوم على تعز ومأرب (شرق).

ودانت كل من الامم المتحدة وواشنطن الجمعة الهجمات في صنعاء. وقال المتحدث باسم البيت الابيض انه لا يستطيع ان يؤكد حتى الان “صحة ما اعلنه هؤلاء المتطرفون لجهة انتمائهم الى الدولة الاسلامية”.

ودانت ايران ايضا الهجمات واعربت عن استعدادها “لاستقبال الجرحى”.

وطالبت فرنسا مجلس الامن الدولي بفرض “استقرار الوضع مع تفادي التقسيم لما ينطوي عليه من مخاطر جمة”.

والخميس استهدفت غارة جوية القصر الرئاسي في عدن التي شهدت ايضا اشتباكات بين قوات هادي واخرى مؤيدة للعميد المتمرد عبد الحافظ السقاف الذي نجح في الفرار من المدينة.

ورأى ماثيو غيدير، استاذ العلوم الاسلامية في جامعة تولوز الفرنسية، ان “اليمن يتجه نحو السيناريو السوري والعراقي في ظل حرب اهلية بطابع مذهبي بين السنة والشيعة”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية