مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سلسة تفجيرات تستهدف سوريا وسط تعثر الجهود الاميركية الروسية

صورة نشرتها وكالة الانباء السورية الرسمية سانا لما يبدو انهم جنود سوريون يتفقدون مكان تفجير سيارة مفخخة في حمص afp_tickers

هزت سوريا الاثنين سلسلة تفجيرات اسفرت عن سقوط 48 قتيلا، في وقت فشلت موسكو وواشنطن في التوصل الى اتفاق حول سوريا اثر لقاءات عدة عقدت على هامش قمة مجموعة العشرين في الصين.

وتزامنت هذه التفجيرات التي تبناها تنظيم الدولة الاسلامية مع فشل محادثات الرئيسين الاميركي باراك اوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في التوصل الى اتفاق لوقف العنف في سوريا، فيما عرضت تركيا اقامة “منطقة حظر جوي” على حدودها مع هذا البلد.

وفي وقت مبكر الاثنين، استهدف تفجير بسيارة مفخخة مدخل حي الزهراء في مدينة حمص، ما اسفر عن سقوط اربعة قتلى.

وبعد وقت قصير، وقعت سلسلة تفجيرات في مناطق اخرى، كان لطرطوس الساحلية الحصة الاكبر فيها، اذ قتل 35 شخصا واصيب 43 آخرون، وفق حصيلة للاعلام الرسمي، جراء اعتداءين، الاول بسيارة مفخخة والثاني انتحاري فجر نفسه اثناء تجمع الناس لاسعاف المصابين، في منطقة قريبة من احد مداخل مدينة طرطوس.

وفي ريف دمشق، وعلى بعد حوالى 20 كيلومترا الى الغرب من العاصمة، قتل شخص في تفجير استهدف منطقة الصبورة.

ولم يتوقف الامر على مناطق سيطرة قوات النظام، اذ استهدف تفجير خامس مدينة الحسكة، الواقعة بمعظمها تحت سيطرة المقاتلين الاكراد، في شمال شرق البلاد.

واسفر تفجير الحسكة عن مقتل ثمانية اشخاص، بينهم ستة من عناصر قوات الامن الداخلي الكردي (الاسايش) ومدنيان، وفق الاعلام الرسمي.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان “التفجيرات استهدفت جميعها حواجز امنية”، وما حصل في حمص وطرطوس هو ان منفذي الاعتداءات لم يتمكنوا من التقدم اكثر بسبب حواجز التفتيش المشددة.

وكان التنظيم الجهادي استهدف مرارا مدينة حمص، وحي الزهراء تحديدا، كما مدينة الحسكة.

اما طرطوس، التي بقيت بمنأى عن النزاع الدامي في البلاد، فمن النادر ان تتعرض لتفجيرات من هذا النوع. وكانت استهدفت في ايار/مايو الماضي باعتداءات غير مسبوقة اسفرت عن مقتل 48 شخصا وتبناها تنظيم الدولة الاسلامية رغم ان لا تواجد معلن له في المحافظة.

واعتبر الخبير في الشؤون السورية في جامعة ادنبرة توماس بييريه ان تلك التفجيرات المتزامنة تقع ضمن استراتيجية لتنظيم الدولة الاسلامية يريد منها “اغراء معارضي النظام عبر اظهار قدراته، كما يسعى الى اثارة النعرات الطائفية” بين سكان تلك المناطق والنازحين اليها.

وفقد تنظيم الدولة الاسلامية الاثنين خمس قرى في المنطقة الواقعة بين بلدة الراعي الاستراتيجية ونهر الساجور في شمال سوريا، حسب ما اوضح المرصد السوري لحقوق الانسان الذي قال ان الفصائل المقاتلة المدعومة من تركيا تريد من تقدمها هذا “إبعاد التنظيم عن قرى الشريط الحدودي التي سيطرت عليها الاحد، منهية تواجد التنظيم فيما تبقى من مناطق على الحدود السورية – التركية مباشرة”.

-“فشل” موسكو وواشنطن-

وكانت الامال معلقة على المحادثات الروسية-الاميركية على هامش قمة العشرين في هانغتشو الصينية لتحقيق اختراق، خاصة بعدما كانت واشنطن اعلنت عن اقتراب التوصل الى اتفاق مع روسيا، قبل ان تعود لتؤكد فشل المساعي.

واعلن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية ان المحادثات بين وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف انتهت دون التوصل الى اتفاق تعاون حول سوريا.

وكان الوزيران التقيا “لساعات طويلة” الاحد ايضا دون التمكن من تسوية خلافاتهما حول “نقاط حساسة” كما اوضح كيري الاحد للصحافيين.

وعقد بعد ذلك الرئيسان الاميركي باراك اوباما والروسي فلاديمير بوتين لقاء غير رسمي استمر 90 دقيقة على هامش القمة.

واكد اوباما ان محادثاته مع بوتين حول سوريا كانت “مثمرة”، في حين تحدث الرئيس الروسي عن “بعض التقارب في المواقف” مع واشنطن.

وقال بوتين “اعتقد اننا نسير على الطريق الصحيح، ويمكن، على الاقل لفترة من الوقت، الموافقة على القيام بمحاولات نشطة لجعل الوضع في سوريا افضل”. واشار بوتين الى اعتقاده ان اتفاقا مع واشنطن يمكن تحقيقه في “الايام المقبلة”.

واعلن متحدث باسم البيت الابيض ان الرئيسين بحثا “جهود التوصل الى اتفاق حول سوريا لخفض العنف وتامين وصول المساعدات الانسانية وتركيز (الحملة) على القاعدة – جبهة النصرة- وتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا”.

واكد ان الخلافات المتبقية “تقنية” وسيتم بحثها في الايام المقبلة بين كيري ولافروف.

-منطقة آمنة-

على هامش القمة ذاتها، اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان انه عرض على اوباما وبوتين اقامة “منطقة حظر جوي” في المنطقة التي طردت قواته منها بالتعاون مع فصائل معارضة، تنظيم الدولة الاسلامية في شمال سوريا.

وفي اطار عمليتها العسكرية التي اطلقتها في 24 آب/اغسطس معلنة انها ضد الجهاديين والمقاتلين الاكراد، نجحت تركيا والفصائل السورية المعارضة المدعومة من قبلها الاحد في طرد تنظيم الدولة الاسلامية من آخر منطقة واقعة تحت سيطرته عند الحدود السورية.

وفي اطار مساعيها لمكافحة الجهاديين ولتخفيف حدة التوتر بين حليفيها، ارسلت واشنطن الاسبوع الماضي بريت ماكغورك مبعوث الرئيس الاميركي في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية للقاء قياديين اكراد في سوريا واتراك في تركيا.

وتأتي تلك الزيارة وسط حالة من التوتر مع العملية التركية في سوريا التي وضعت واشنطن في موقف صعب بين انقرة حليفتها التقليدية، والاكراد حلفائها في مكافحة الجهاديين على الارض.

وشهد الاسبوع الاخير من آب/اغسطس معارك بين قوات تركيا ومقاتلين مدعومين من الاكراد.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية لفرانس برس ان ماكغورك التقى في سوريا قياديين في قوات سوريا الديموقراطية حيث “اكد على الدعم المتواصل” لها في حربها ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

وتدعم واشنطن قوات سوريا الديموقراطية، وهي عبارة عن تحالف لفصائل عربية وكردية على رأسها وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها تركيا بـ”الارهابية”.

وحث ماكغورك، وفق المتحدث، على “توحيد الجهود ووقف القتال بين كافة الاطراف التي تقاتل تنظيم الدولة الاسلامية في شمال سوريا”.

وفي تركيا عقد ماكغورك سلسلة لقاءات مع مسؤولين اتراك بحث خلالها “دعم الولايات المتحدة جهود تطهير المنطقة الحدودية مع تركيا من تنظيم الدولة الاسلامية”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية