مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سيطرة منظمة اوبك على السوق تواجه تحدي متغيرات جغرافية في قطاع النفط

الامين العام لمنظمة اوبك محمد باركيندو يتحدث الى المشاركين في منتدى عن الفط في ابوظبي في 19 نيسان/ابريل 2017. afp_tickers

بعد هزات عديدة في الماضي، تواجه منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) مجددا تحديا يتعلق بقدرتها على الاستمرار في دورها المنظم لسوق النفط مع التدفق الكبير للنفط الصخري (الشيست) الاميركي الذي يتعارض مع جهود المنظمة لاعادة رفع الاسعار.

ورغم الاتفاق غير المسبوق نهاية 2016 بين اعضاء اوبك ودول منتجة من خارج المنظمة بينها روسيا على خفض الانتاج، فان وفرة العرض مستمرة في التاثير على الاسواق خصوصا مع النفط الصخري الاميركي واستمرار كبر حجم المخزون، ما يمنع حدوث قفزة في الاسعار.

وتم تمديد الاتفاق الذي كان من المقرر ان يستمر لستة اشهر، لتسعة اشهر لكن دون تاثير حقيقي حتى الان.

وقال الباحث تييري بروس ان “اوبك كانت تتحكم جيدا بالوضع حين كان البرميل الهامشي لدول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في بحر الشمال في حدود 50 و60 و70 دولارا، لكن حين بات البرميل المنافس ادنى سعرا بكثير، لم تعد الامور تسير” بحسب ارادة اوبك.

غير ان محمد باركيندو الامين العام لمنظمة اوبك، دافع هذا الاسبوع مجددا عن ذلك “القرار التاريخي” الذي يظهر قدرة المنظمة على التأقلم مع المتغيرات.

وهي ليست المرة الاولى التي لا تحقق فيها اوبك التي تأسست في 1960 غاياتها من المرة الاولى. ففي 2008 تطلب الامر خفض الانتاج ثلاث مرات خلال اربعة اشهر، للتمكن من احداث تغيير مستدام في السوق.

وفي هذه المرة ايضا تطرح مسألة الخطوة التالية خصوصا مع اجتماع لجنة المتابعة للاتفاق في نهاية تموز/يوليو في سان بطرسبورغ.

ويقول المحلل بن ييرغلين انه بالتأكيد فان هذا الاتفاق يجسد “معطى جديدا” من خلال “مأسسة” التعاون بين الدول الاعضاء في اوبك والمنتجين من خارجها عبر لجنة المتابعة.

بيد ان النفط الصخري الاميركي باحجامه الكبيرة وتعدد منتجيه المستقلين وحلقة تطويره القصيرة وقدرته على خفض سريع للكلفة، يوجد وضعا جديدا، بحسب بيرغلين.

ومع الانتاج الاميركي وصعود منتجين جدد على غرار البرازيل او المكسيك، فان “كمية من الخيارات الاخرى في السوق” باتت موجودة وهذا “يمارس ضغطا على اوبك”، وفق ما اوضحت سارة اميرسون وهي رئيسة مكتب تحليل حول امن الطاقة بالولايات المتحدة.

-خمس دول مؤثرة-

ولم يعد انتاج اوبك يمثل سوى نحو ثلث المعروض العالمي من النفط، في مقابل اكثر من 40 بالمئة قبل عشر سنوات.

وفي مؤشر على هذا الوضع غير المسبوق حاولت اوبك التقارب مع ابرز منتجي النفط الصخري الاميركي في آذار/مارس 2017 في هيوستن.

وقال باركيندو “التقيناهم وبدأنا حوارا” مشيرا الى ان استقرار السوق “مسؤولية مشتركة تتطلب تحركا مشتركا”.

ومع ان تاثير اوبك يتراجع فان الخبراء لا يتوقعون ان يؤدي ذلك الى ضعف المنتجين التاريخيين.

واوضحت اميرسون ان اوبك تتكون من 14 دولة لكن “في النهاية الدول المؤثرة فيها خمس وهي السعودية والامارات وايران والعراق والكويت، ولازالت تتمتع بنفوذ كبير لانها تملك ادنى كلفة انتاج في هذه الصناعة”.

وتابعت ان هذه الدول الخمس “لو ارادت لرفعت بشدة انتاجها ودمرت باقي المنتجين كافة” لكن ذلك سيخفض بشكل كبير عائداتها وهي لا تفعل ذلك “خشية رد فعل شعوبهم”.

-استمرار الدور المركزي للشرق الاوسط-

وتأثير اوبك لا يقاس فقط عند السعي لخفض الانتاج. ففي الحالة المعاكسة، اي مع تراجع الانتاج بسبب اضطرابات سياسية مثلا “فان الجميع سيسارع للاتصال هاتفيا بوزير النفط السعودي”، بحسب المحلل في مجال الطاقة فرنسيس بيرين.

واضاف ان السعودية تبقى الدولة الوحيدة التي يمكنها ان ترفع سريعا انتاجها لتفادي ارتفاع كبير للاسعار، دون الحاجة الى استثمارات جديدة.

وتابع بيرين ان السعودية تحرص دائما على الابقاء على هامش قدرات متاح سريعا وهي خصوصا تملك “احد ارخص كلفة انتاج في العالم” الامر الذي لا يمكن للنفط الاميركي ان ينافس فيه.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية