مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سيول تخشى تلاشي مظلة الحماية الأميركية بعد تجارب كوريا الشمالية الاخيرة

نقل مباشر لتجربة إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات على شاشة في ساحة عامة في بيونغ يانغ يوم 29 تموز/يوليو 2017 afp_tickers

اثار الاختبار الأخير لصاروخ أجرته كوريا الشمالية يصل مداه إلى جزء كبير من القارة الأميركية، مخاوف جديدة في كوريا الجنوبية، التي تتساءل اليوم عما اذا كانت واشنطن ستحمي سيول إذا كانت هذه الحماية تعرض المدن الأميركية للخطر.

المعروف ان الولايات المتحدة هي الضامنة لامن الجنوب الديموقراطي والرأسمالي حيث ينتشر 28500 عنصر من جيشها. وقد انتهت الحرب الكورية (1950-1953) بإعلان وقف لإطلاق النار وليس بمعاهدة سلام، والجنود الاميركيون لا يزالون مكلفين الدفاع عن سيول في وجه بيونغ يانغ.

وهذا التحالف هو إحدى دعامات الاستراتيجية الجيوسياسية الأميركية في آسيا حيث تقوم الصين باستعراض عضلاتها وتعزيز قوتها العسكرية لتتماشى مع حجمها الاقتصادي.

لكن التجربة التي أجريت الجمعة لصاروخ بالستي عابر للقارات أظهرت أن مدنا كبيرة مثل شيكاغو أو لوس أنجليس قد تكون عرضة للقصف من كوريا الشمالية، هذا البلد المنعزل الذي يمتلك السلاح النووي.

ويخشى الإعلام الكوري الجنوبي، كما الخبراء، من أن يضع الوضع الراهن على المحك التزام الولايات المتحدة بهذا التحالف الذي لطالما قال عنه الحليفان إنه “ثابت كالصخر”.

وتساءلت صحيفة “جوغانغ إلبو” الواسعة الانتشار في سيول في افتتاحيتها “هل ستحمينا إدارة ترامب من هجوم آت من الشمال في حال عرضت هذه الخطوة مدنا أميركية لهجوم نووي ؟”.

وختمت بنبرة متشائمة إن “المسألة مسألة وقت” قبل أن يطور الشمال صاروخا قابلا للتشغيل برأس حربي قادر على ضرب الولايات المتحدة، وحينها قد “لا يكون الرد بالإيجاب”.

– تحالف “لا يتزعزع” –

ويشكك الخبراء في قدرة الشمال على تصغير رأس حربي نووي بحيث يمكن وضعه على صاروخ، أو على امتلاك تكنولوجيا تمكن الرؤوس الحربية من خرق الغلاف الجوي والوصول الى الفضاء.

غير أن بيونغ يانغ تؤكد على قدراتها في هذا المجال، ومنذ وصول كيم جونغ-أون إلى سدة الحكم سنة 2011، أحرز الشمال كما اتضح تقدما تكنولوجيا سريعا ومهما. وأشرف الزعيم الشاب على ثلاث تجارب نووية وسلسلة من عمليات إطلاق الصواريخ.

ومنذ عقود، يطالب الشمال بأن تبرم الولايات المتحدة معاهدة سلام معه وأن تسحب جنودها من الجنوب.

ويؤكد المسؤولون الأميركيون بلا انقطاع خلال زياراتهم إلى الجنوب على دعم واشنطن لسيول، كما الحال مع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الذي صرح في نيسان/أبريل على أن التحالف “راسخ كالصخر لا يتزعزع”.

لكن بعد التجربة الأخيرة، باتت صحيفة “تشوصن إلبو” العريقة تشكك في الأمر، باعتبار أنه “من الصعب أن نتوقع من الولايات المتحدة أن تساعدنا”، إذا كان ذلك يعني هجوما نوويا على القارة الأميركية.

وهي لفتت إلى أن “القوات الأميركية ستنسحب من الأرخبيل في أسوأ الأحوال. وهذا ما يريده الشمال … ويصعب علينا تصور هذه الفرضية في الجنوب، لكننا في الواقع نتجه إليها”.

كما يخشى الكوريون الجنوبيون احتمال أن تشن واشنطن ضربة وقائية على الشمال يكون لها تداعيات كارثية حتى لو لم تستخدم بيونغ يانغ السلاح النووي.

وسيول هي بمرمى المدفعية الكورية الشمالية التي قد تزيلها من الخريطة.

– “أزمة شهر آب” –

وتشددت لهجة واشنطن منذ الجمعة، وأعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي أن وقت المحادثات قد “انتهى”.

وقال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام الثلاثاء ان الرئيس دونالد ترامب ابلغه أنه مستعد لخوض حرب لتدمير كوريا الشمالية ولن يسمح لها بتطوير صاروخ بعيد المدى قادر على حمل رأس نووي.

وبعيد هذه التصريحات، اعلن وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون ان الولايات المتحدة لا تريد اسقاط النظام الكوري الشمالي وتأمل امكان اجراء حوار معه مستقبلا شرط ان يتخلى عن برنامجه النووي.

وقال تيلرسون للصحافيين في واشنطن “نحن لا نسعى الى تغيير النظام، لا نسعى الى انهيار النظام، لا نسعى الى اعادة توحيد سريعة لشبه الجزيرة” الكورية.

وبالنسبة إلى جونغ يونغ تاي، مدير الدراسات العسكرية في جامعة دونغ يانغ، تخطت كوريا الشمالية “خطا أحمر” بتجربتها الأخيرة لأن هذا الصاروخ “يشكل تهديدا ملموسا كما يبدو على الأمن القومي في الولايات المتحدة”.

وهو قال في تصريحات لوكالة فرانس برس “شئنا أم أبينا، لا يمكن استبعاد احتمال عمل عسكري أميركي أحادي الجانب … فخطر النزاع العسكري هو أكبر من أي وقت مضى”.

ويتخوف البعض مما يسمونه “أزمة شهر آب”، في ظل استعداد سيول وواشنطن لمناورات عسكرية سنوية مشتركة قد تستفز الشمال.

جهو/م ن/ج ب

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية