مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

شوارع مقفرة وابنية مهجورة وعودة بطيئة الى الحياة في مدينة دير الزور

امرأة سورية تلتقط صورة لها مع خلفية آلية للجيش السوري متضررة عند الاطراف الشمالية لدير الزور في شرق سوريا في 21 ايلول/سبتمبر 2017، بينما تستمر المعركة بين قوات النظام وتنظيم الدولة الاسلامية في اجزاء اخرى من المدينة afp_tickers

سيارات مكسوة بالتراب مركونة الى جانبي شوارع مقفرة، أبنية مهجورة، أشجار يابسة، وسوق تعود اليه الحياة ببطء بعدما تسللت اليه البضائع… هذا هو المشهد في مدينة دير الزور بعد نحو عشرة ايام على كسر حصار تنظيم الدولة الاسلامية عنها.

ويواصل الجيش السوري بدعم روسي عملياته العسكرية في محيط المدينة بهدف تضييق الخناق على تنظيم الدولة الاسلامية في الاحياء الشرقية، بعد ان تمكن من فك الحصار عن الاحياء الغربية في المدينة والمطار العسكري المجاور.

وتخلو غالبية شوارع الاحياء الغربية في المدينة من المارة. أمام أحد الابنية، يجلس بضعة رجال يحتسون الشاي ويتبادلون اطراف الحديث ومن حولهم ابنية مهجورة تماما، شرفاتها فارغة وزجاج نوافذها محطم.

وطوال فترة الحصار المطبق الذي فرضه تنظيم الدولة الاسلامية منذ مطلع العام 2015، كانت الاحياء الغربية في المدينة تتعرض لقذائف الجهاديين. وشهدت المدينة في العام 2014 معارك عنيفة بين القوات الحكومية ومقاتلي التنظيم المتطرف الذين سيطروا وقتها على كامل المحافظة الحدودية مع العراق، وتمكنوا من الاستيلاء على احياء دير الزور الشرقية.

ويقول محافظ دير الزور محمد ابراهيم سمرة لصحافيين بينهم فريق وكالة فرانس برس في مبنى المحافظة، ان نسبة دمار الابنية في محافظة دير الزور بلغت “ثمانين في المئة”، و20 في المئة في الاحياء التي تسيطر عليها القوات الحكومية في المدينة.

ويتوقع المحافظ ان نسبة الدمار أعلى في الاحياء التي لا تزال تحت سيطرة الجهاديين، والتي كانت الطائرات الحربية تقصف فيها مواقع الجهاديين.

في أحد شوارع المدينة المطلة على ساحة الدلة الشهيرة حيث وضع مجسم لابريق قهوة عربية، يقف شرطيا مرور بلباسهما الرسمي يترقبان مرور نادر جدا للسيارات في ظل النقص الحاد في الوقود.

على جانبي شوارع الاحياء الغربية وتحت أبنيتها، رُكنت السيارات جانبا، منها ما كساه التراب وأخرى تمت تغطيتها بشراشف ممزقة. ولم يتمكن سوى عدد قليل من السكان من الحصول على بعض الوقود بعد فك الحصار.

– “بالف خير” –

في أحد أسواق المدينة، يتجول مواطنون بدت عليهما ملامح التعب من أجل التزود بالطعام خصوصا مع بدء وصول المساعدات والمواد الغذائية.

وخلال فترة الحصار، عانى سكان الاحياء الغربية من نقص حاد في المواد الغذائية والطبية، ولم تكن تأتيهم المساعدات الا عبر طائرات روسية سورية أو أخرى تابعة للامم المتحدة تلقيها من الجو.

ويقول احمد (55 عاما) الذي فقد 40 كيلوغراما من وزنه بسبب الحصار، لوكالة فرانس برس “كنت أقتات على البرغل والحبوب”.

ويضيف الرجل، صاحب الوجه النحيل “الان اصبحت بألف خير”.

على بعد أمتار منه، يلعب بعض الاطفال حفاة الى جانب الطريق، ويركب آخر مزهوا دراجة هوائية قديمة.

ويبدو المشهد أكثر حيوية خلال الليل في السوق الرئيسي في المدينة التي تعاني من انقطاع دائم للتيار الكهربائي، ولا يستخدم المواطنون المولدات سوى ساعتين او ثلاث نتيجة النقص في الوقود.

ويتجول مواطنون، أطفال ونساء ورجال، في السوق الذي يقتصر الضوء فيه من إنارة بعض المحال الواقعة على جانبيه.

في أحد المطاعم، يصنع عامل شطائر من البطاطس والباذنجان المقلي، وامامه صحون من الفلافل والخضار. ويقول عامل آخر في المطعم عن أيام الحصار، “كنا نستخدم الحطب لاشعال النار، فكانت الفلافل والمقالي تأخذ نكهة الحطب الذي كنا احيانا نستخدم ثيابنا لاشعاله”، مشيرا الى ان الوضع بات افضل اليوم مع عودة الغاز تدريجيا الى المدينة.

بالقرب من المكان، يتجمع أطفال حول بائع بوظة ينتظرون دورهم وخلفهم صورة للرئيس السوري بشار الاسد.

– “لم نجد بناء سليما” –

وفي ضاحية البغيلية شمال غرب المدينة والتي سيطر عليها الجيش السوري قبل أيام، تقوم جرافات بازالة التراب وحطام الابنية، ويكنس عمال البلدية بزيهم الاخضر الشوارع في محاولة لاعادة تاهيلها.

ويقول المحافظ “لم نجد بناء سليما” فيها.

ويمر من البغيلية الطريق المؤدي الى محطة الباسل لضخ المياه التي كانت تغذي مدينة دير الزور بالمياه، الا انها خرجت عن الخدمة بعدما فجر الجهاديون مضخاتها الرئيسية، وفق مسؤولين سوريين.

في المحطة، تفترش قساطل إسمنتية عملاقة جانبي المدخل ذي البوابة الحديدية التي يكسوها الصدأ والتي تتراكم امامها الحجارة المحطمة.

في جنوب المدينة، يبدو المطار العسكري جاهزا للعمل برغم الاضرار التي طالته خلال سنوات الحصار والتي تشمل خصوصا صالة الركاب وبرج المراقبة، إلا ان “العمل جار لاعادة تأهيلهما”، وفق ما قال نائب مدير المطار للصحافيين.

وبدت في المقابل المدرجات سليمة وجاهزة لاقلاع وهبوط الطائرات.

وهبطت في 18 ايلول/سبتمبر أول طائرتي نقل في مطار دير الزور بعد تأمين محيطه بشكل كامل.

ويقول نائب مدير المطار “المطار اصبح جاهزا لاستقبال الطيران المدني والعسكري كما استعاد امكانياته القتالية”، مشيرا الى ان “محيط المطار آمن على مسافة 20 كيلومترا من كل الاتجاهات”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية