مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عائلة فلسطينية في وداع طفلتها التي توفيت بعد تنشقها غازا أطلقه الاسرائيليون

امرأة فلسطينية ترفع شارة النصر خلال احتجاجات على حدود قطاع غزة مع اسرائيل في 15 ايار/مايو 2018 afp_tickers

في وداعها الاخير، تحتضن مريم الغندور جثة رضيتعها الوحيدة ليلى بين يديها، تنظر الى وجهها للحظات، تتحسسه وتقبله ثم تعيد ضمها الى صدرها بشدة بينما تنهمر دموعها، وتقول “قتلها الاسرائيليون”.

وتوفيت ليلى التي لم تتجاوز الثمانية شهور ليل الاثنين بعد تنشقها غازا مسيلا للدموع أطلقه الجنود الاسرائيليون خلال مواجهات على الحدود مع قطاع غزة، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في غزة.

وتنتحب الام التي لا تتعدى ال17 عاما وهي تروي “كانت عائلتي على الحدود، ذهبت الى طبيب الاسنان وتركت ليلى مع إخوتي في البيت. أخذها أخي الصغير وذهب بها الى الحدود، لانه اعتقد أنني هناك”.

الى جوارها، تجلس والدتها ووالدة زوجها وعدد من نساء العائلة على سرير، يتناوبن حمل الرضيعة لوداعها، قبل أن يقاطعهم احد رجال العائلة “هيا لتجهيزها للدفن”. لكن مريم تطلب مزيدا من الوقت.

ويقف خلفهم الطفل عمار (11 عاما) الذي اصطحب الرضيعة الى الحدود وهو ينظر بندم الى الجثة… لا تتوقف دموعه، لكنه لا يقترب منها.

ثم يقول لفرانس برس “اعتقدت ان امها هناك على الحدود مع امي واخوتي. اخذتها معي اليهم بالباص. أشعر أنني السبب”، ثم يهرب الى خارج الغرفة وهو يمسح دموعه.

في غرفة مجاورة، يبكي والد الطفلة أنور الغندور (27 عاما). وبالكاد يسمع صوته وهو ينتحب “قتلها الاسرائيليون… من لا يخافون الله، لا يرحمون كبيرا ولا صغيرا، قتلوا ابنتي الوحيدة”. ثم ينهار باكيا.

وتواسيه والدته واخواته وهن يبكين، بينما يردد بصوت تخنقه الدموع “كانت عيني التي ارى بها”.

– “كانت جائعة” –

وتروي جدة الطفلة التي حملت الطفلة على الحدود بعد ان أحضرها ابنها اليها، “أعطاني اياها عمار، كانت تبكي بشدة تريد ان ترضع، لم تكن امها معنا لترضعها ولم يكن معنا حليب”.

وتتابع “فجأة ألقوا قنابل الغاز علينا، ازداد بكاؤها، أخذت أجري بها بعيدا وأنا بالكاد قادرة على التنفس”.

وتبكي الجدة وهي تشير الى شقيقتها، وتقول “ابتعدنا عن الغاز وأعطيت ليلى لاختي، وذهبت للبحث عن طفليها لمغادرة المكان”.

وتقول شقيقتها فلسطين “اعطيتها عصيرا لتشرب، تغيّر لونها فاعتقدت انه من شدة البكاء، ثم سكتت فاعتقدت انها نامت”.

وتستأنف الجدة حديثها “ذهبنا جميعا الى البيت بالباص وانا أحملها وكنت أظنها نائمة، لكن لونها اصبح أزرق، فذهبت بها الى المستشفى فأخبروني انها ميتة منذ أكثر من ساعة”.

وتقاطعها مريم، والدة ليلى، “لحقتهم الى الحدود، وصلت الى هناك بعد ان غادروا، حين عدت أخبروني ان ليلى استشهدت”.

وتتابع بحسرة “هذه ابنتي الوحيدة. تزوجت عندما كان عمري 14عاما. أنجبت طفلا قبلها لكنه مات هو الاخر قبل عام ونصف”.

وليلى واحدة من ثمانية أطفال قتلوا في حمام من الدم الاثنين برصاص الجيش الاسرائيلي خلال مواجهات على الحدود بين قطاع غزة واسرائيل. وقتل 61 فلسطينيا في أحد أكثر الايام دموية منذ سنوات، وكانوا تجمعوا احتجاجا على افتتاح سفارة الولايات المتحدة في القدس.

ومنذ 30 آذار/مارس، تاريخ بدء “مسيرة العودة”، يتدفق آلاف الفلسطينيين من سكان القطاع كل يوم جمعة على طول الحدود للمطالبة بحق العودة الى أراضيهم التي طردوا او فروا منها العام 1948 مع قيام دولة اسرائيل. وجاءت تظاهرات الامس بالتزامن مع افتتاح السفارة.

وقتل اكثر من مئة فلسطيني وأصيب آلاف آخرون بجروح منذ بداية التحرك، بينما لم يقع ضحايا في صفوف الاسرائيلين.

كما يطالب المتظاهرون برفع الحصار الخانق الذي تفرضه اسرائيل منذ اكثر من عشرة اعوام على القطاع الساحلي الفقير الذي يعيش فيه اكثر من مليوني شخص في ظروف معيشية وانسانية متردية.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية