مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

فرنسية مناصرة لليمين المتطرف تواجه خطر السجن لمساعدتها مهاجرا ايرانيا

بياتريس أوريه امام نسخة من كتابها وصورة للمهاجر الايراني مختار في منزلها في شمال فرنسا 7 حزيران/يونيو 2017 afp_tickers

في الماضي صوتت بياتريس اوريه للجبهة الوطنية في فرنسا المعادية للهجرة، لكنها الآن تواجه خطر دخول السجن لمساعدتها مهاجرا ايرانيا وقعت في غرامه.

الا انها تؤكد انها غير نادمة على ما فعلته، وهي على اقتناع بانها لم ترتكب اي جرم.

محاكمتها ستبدأ في 17 حزيران/يونيو المقبل بتهمة تقديم المساعدة لأجنبي، وتواجه نظريا على الأقل حكما بالسجن قد يصل الى عشر سنوات.

انها رحلة طويلة لامرأة اعتادت ان توزع منشورات مؤيدة للجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة التي ترتكز حملتها الانتخابية على معاداة المهاجرين.

وتعيش أوريه البالغة 44 عاما في منطقة كاليه في شمال فرنسا، حيث تجمّع آلاف المهاجرين في السنوات الماضية منتظرين فرصة عبور القناة الى بريطانيا سواء بطريقة شرعية او لا.

كانت متزوجة لعشرين عاما من شرطي يعمل في حرس الحدود، ويتشاركان التعاطف مع الجبهة الوطنية.

تقول “عشت حياة بسيطة وصوتت للجبهة الوطنية مثل زوجي، دون ان أفكر في الحقيقة مرتين قبل ذلك”.

عملت بياتريس ليلا كمساعدة في مركز للمتقاعدين، وخلال النهار كانت تعتني بابنها.

وعندما توفي زوجها بعد اصابته بالسرطان، استمرت في العمل بأقصى ما تملك من جهد وانتقلت الى حقل تعليم الكبار.

وشكلت احدى ليالي شباط/فبراير عام 2015 نقطة تحول في حياتها، عندما أوصلت مهاجرا سودانيا شابا الى مكان قرب مخيم اللاجئين في كاليه الذي يحمل اسم “الغابة”.

تقول “كان امرا صادما رؤية كل هؤلاء الناس يغوصون في الأوحال”.

و”الغابة” كان مخيما عشوائيا قذرا يؤوي اللاجئين والمهاجرين الذين وصلوا الى شمال فرنسا. وعاش فيه في ذلك الوقت ما بين 6000 و8000 شخص في ظروف مأسوية، الى حين تدخلت السلطات وأزالت المخيم.

وقررت أوريه عند مشاهدتها هذه المعاناة ان تتطوع للعمل هناك، لتلتقي بعد عام مختار للمرة الأولى.

-حب من أول نظرة

كان مختار واحدا من مجموعة من الايرانيين الذين خاطوا أفواههم في آذار/مارس عام 2016 احتجاجا على سعي السلطات الفرنسية لازالة القسم من الجنوبي من المخيم.

عندما التقته بياتريس للمرة الأولى تكلم مختار باللغة الانكليزية التي لا تتقنها “اقتصر الأمر على مرحبا وشكرا ووداعا، لذا لم اتحدث معه على الفور”.

تتابع “نهض ليحضر لي الشاي، وشعرت بأنه شخص لطيف، وهادىء جدا، ثم شكله…كان حبا من النظرة الأولى”.

لم يشكل حاجز اللغة أي عائق بينهما.

تقول “قصة حبنا بدأت هناك، بمساعدة غوغل ترانسلايت (خدمة غوغل للترجمة)”.

لاحقا وبعد عدة شهور على بدء علاقتهما، طلب متطوع آخر من بياتريس ان تؤوي مختار عدة أيام ريثما يضعان خطة لايصاله الى بريطانيا بواسطة شاحنة.

لكن هذه الخطة لم تفض الى شيء وانتهى به الأمر مقيما عندها مع والدتها البالغة 76 عاما وابنها البالغ 19 عاما لمدة شهر.

بالرغم من معاناة مختار المريرة لثمانية أشهر في المخيم، الا انه لم يتخل عن حلمه بالوصول الى بريطانيا، وعاد ليطلب مساعدة بياتريس في خطة يائسة أخرى.

وافقت على شراء قارب صغير له بمبلغ ألف يورو ليستخدمه مع رفيقين في محاولة الوصول الى بريطانيا بحرا هذه المرة.

تقول “لو لم أفعل ذلك، كانوا سيجدون شخصا آخر للقيام به”، مضيفة “هذا كان هدفهم ولم يكن باستطاعتي فعل شيء لأقنعهم بالتخلي عن الفكرة”.

وفي الرابعة صباحا من يوم 11 حزيران/يونيو عام 2016، عانقت بياتريس مختار وقبلته مودعة قبل ان يصعد مع رفاقه الى القارب الذي أنطلق بهم باتجاه الأراضي البريطانية.

– “لا شيء غير قانوني”

بعد شهرين على هذه الواقعة، أوقفت الشرطة الفرنسية بياتريس في نفس المركز الذي كان زوجها يعمل فيه بسبب المساعدة التي قدمتها لمختار.

تقول “أخبرتهم بالحقيقة كاملة لأنه بالنسبة الي لم أقم بشيء غير قانوني”.

اما شريكها مختار فقد تمكن من الوصول الى بريطانيا وان بصعوبة بعد ان تسربت المياه الى داخل القارب الذي كاد يغرق.

واستقر المدرّس الايراني السابق في مدينة شيفيلد في شمال بريطانيا واستحصل لاحقا على اذن بالعمل.

وتستخدم بياتريس العبّارة التي يمنع المهاجرون من الصعود على متنها لتزوره بين عطلة أسبوعية واخرى.

اما لغتها الانكليزية فقد تحسنت كثيرا، وتقول مع ابتسامة “أفهم كل شيء الآن، لكن ما زال عندي مشكلة في التحدث”.

روت قصتها في كتاب يحمل عنوان “كاليه حبي”، تحتفي فيه بشجاعة مختار وعزة نفسه.

وكتبت “جعلني مختار اتذوق طعم الحب الذي نسيته (…) لكنه أعطاني ايضا شيئا أثمن، طعم الحقيقة”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية