مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قوات حكومة الوفاق الليبية تتقدم في سرت غداة اول غارات اميركية

صورة نشرها المركز الاعلامي لحكومة الوفاق الليبية تظهر رئيس الحكومة فايز السراج في مصراتة 1 اب/اغسطس 2016 afp_tickers

اعلنت قوات حكومة الوفاق الليبية الثلاثاء انها احكمت سيطرتها بالكامل على حي اضافي في وسط مدينة سرت لتضيق بذلك الخناق على تنظيم الدولة الاسلامية الذي تعرضت مواقعه في المدينة المتوسطية الاثنين لضربات جوية اميركية.

وجاء الاعلان عن التقدم الميداني بعد ساعات على تنفيذ الولايات المتحدة غارات جوية على مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية في سرت، كانت الاولى منذ اطلاق القوات الحكومية الليبية العملية العسكرية الهادفة الى استعادة المدينة من ايدي الجهاديين في ايار/مايو.

ونشرت القوات الحكومية على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الثلاثاء رسما بيانيا اوضحت فيه انها باتت تسيطر بشكل كامل على حي الدولار في وسط سرت (450 كلم شرق طرابلس) الذي اقتحمته الاحد.

وبحسب الرسم البياني، انتقلت الاشتباكات الى منطقة قصور الضيافة الواقعة بين حي الدولار ومركز قاعات واغادوغو، المقر الرئيسي لتنظيم الدولة الاسلامية في سرت.

وقتل في معارك الاثنين التي خاضتها القوات الحكومية مع تنظيم الدولة الاسلامية في حي الدولار خمسة عناصر من القوات الحكومية، واصيب 17 عنصرا بجروح، بحسب بيان رسمي.

وكانت القوات الحكومية الليبية التي تضم خليطا من الجماعات المسلحة ووحدات صغيرة من الجيش المفكك اطلقت قبل اكثر من شهرين عملية “البنيان المرصوص” لاستعادة سرت الخاضعة لسيطرة التنظيم المتطرف منذ حزيران/يونيو 2015.

وحققت القوات الحكومية في بداية عمليتها العسكرية تقدما سريعا، لكن العملية عادت وتباطأت بفعل المقاومة التي يبديها عناصر التنظيم الجهادي الذين يعتمدون على القناصة والسيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون.

وقتل في العملية العسكرية منذ بدئها في 12 ايار/مايو اكثر من 300 عنصر من القوات الحكومية واصيب اكثر من 1500 بجروح، بحسب مصادر طبية في مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) حيث مركز قيادة عملية “البنيان المرصوص”.

-خمس غارات-

ومع استمرار بطء التقدم الميداني والخسائر البشرية في صفوف القوات الحكومية، اعلنت حكومة الوفاق الوطني المدعومة من المجتمع الدولي الاثنين عن ضربات جوية اميركية بناء على طلب منها.

وقال رئيس الحكومة الليبية فايز السراج في كلمة متلفزة ان حكومته طلبت “دعما مباشرا من الولايات المتحدة الاميركية بتوجيه ضربات جوية محددة”. وهو ما اكدته وزارة الدفاع الاميركية معلنة استهداف دبابة واليات تابعة لتنظيم الدولة الاسلامية.

واوضحت القوات الحكومية في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه الثلاثاء ان الطائرات الاميركية شنت الاثنين خمس غارات استهدفت مواقع واليات لتنظيم الدولة الاسلامية.

واعتبر الرئيس الأميركي باراك اوباما الثلاثاء أن تلك الضربات تأتي في اطار الحفاظ على “الامن القومي” لبلاده ولحلفائه الاوروبيين.

وكان المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك اكد في بيان امس ان هذه الغارات “ستتواصل”.

وقال مسؤول عسكري في وزارة الدفاع الأميركية طلب عدم الكشف عن هويته ان الولايات المتحدة شنت الثلاثاء “نحو سبع غارات” في سرت.

وقام السراج بزيارة الى مركز قيادة عملية “البنيان المرصوص” في مصراتة حيث شدد على “وضع كافة الامكانيات المتاحة لدعم قوات” حكومته، بحسب بيان نشر على موقع الحكومة اليوم.

واعتبر الباحث في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ماتيا توالدو ان “القوات الحكومية تحتاج الى الدعم الجوي رغم انها تملك قوة جوية الا ان هذه القوة لا تقارن بالدعم الذي يمكن ان تحصل عليه من الولايات المتحدة”.

في المقابل، أصدرت لحنة الدفاع في البرلمان المعترف به بيانا نقلته وكالة “وال” للأنباء القريبة من البرلمان، أبدت فيه اعتراضها على الضربات الأميركية.

وقالت اللجنة في بيانها “نطالب سعادة السفير الاميركي بالجضور الى لجنة الدفاع والامن القومي بمجلس النواب بمدينة طبرق للاستيضاح حول هذه الضربات والخروقات الجوية بدون اذن وتنسيق مسبق”، معتبرة أنها تؤدي إلى “تغليب طرف على طرف وازدواجية لمعايير محاربة الارهاب”.

-جبهة جديدة-

ومع اولى الضربات الاميركية في سرت، يكون التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة فتح جبهة جديدة في الحرب مع تنظيم الدولة الاسلامية الذي يتعرض لحملة عسكرية دولية في كل من العراق وسوريا.

وسبق للولايات المتحدة ان شنت ضربات ضد مجموعات متطرفة في مناطق متفرقة من ليبيا في الاعوام الخمسة الاخيرة، بينها ضربة جوية في شباط/فبراير الماضي استهدفت منزلا في مدينة صبراتة (70 كلم غرب طرابلس) كان يستخدمه تنظيم الدولة الاسلامية كمعسكر، في غارة قتل فيها 49 شخصا.

ومن دون ان تنتقد الضربات الاميركية بشكل مباشر، دعت وزارة الخارجية الروسية الى التحرك “بما يتطابق بدقة مع القانون الدولي” والى “تنسيق وثيق” في مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية.

وفي ظل تراجعه في سوريا والعراق حيث يتعرض لحملة جوية من قبل التحالف الدولي، وجد تنظيم الدولة الاسلامية في الفوضى الامنية التي تشهدها ليبيا منذ انتفاضة العام 2011 موطئ قدم اتاح له تاسيس قاعدة تدريب وتجنيد في هذا البلد الغني بالنفط.

والى جانب سيطرته على مدينة سرت التي تبعد نحو 300 كلم فقط عن السواحل الاوروبية، يتواجد تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة بنغازي (الف كلم شرق طرابلس) حيث يخوض معارك مع قوات موالية للبرلمان المعترف به دوليا يقودها الفريق اول خليفة حفتر.

وتقوم مجموعة عسكرية فرنسية بمساندة القوات التي يقودها حفتر في حربها مع تنظيم الدولة الاسلامية وجماعات اسلامية اخرى عبر مراقبة تحركات هذه التنظيمات، بحسب ما اعلنت باريس.

وفي الوقت نفسه، اكدت فرنسا من جديد “دعمها الكامل” لحكومة الوفاق الوطني الليبية التي يرئسها فايز السراج وذلك بعد اسبوع من مطالبته باريس “بتوضيحات رسمية” عن الوجود العسكري الفرنسي في ليبيا.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان ان وزير الخارجية جان مارك آيرولت وفي اتصال هاتفي مع السراج “اكد مجددا رغبة فرنسا في تعزيز تعاونها مع هذه الحكومة في كل المجالات بدءا من الامن ومكافحة الارهاب”.

واضاف البيان ايضا ان وزير الخارجية الفرنسي “رحب بقرار السلطات الليبية طلب مساعدة دولية تتمثل بضربات اميركية على اهداف ارهابية في سرت”.

واثار اعلان السلطات الفرنسية عن تواجد عسكري في شرق ليبيا موجة احتجاجات في العاصمة طرابلس ومدن الغرب الليبي الاخرى الخاضعة لسلطة حكومة الوفاق هذا الشهر.

ويرى توالدو ان الدور العسكري الاميركي في ليبيا “اقل اشكالية” من الدور الفرنسي على اعتبار ان القوات الاميركية تقصف اهدافا محددة لتنظيم الدولة الاسلامية وليست منخرطة في “الحرب الداخلية” في بنغازي كما هو الحال بالنسبة الى القوات الفرنسية.

ورغم ذلك، يقول توالدو ان السراج سيتعرض للمساءلة حيال “الجهة التي منحته الحق في طلب تنفيذ الغارات”.

من جهته، قال وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني إن روما مستعدة لتقديم مساعدتها للقوات الحكومية “وخصوصا على الصعيدين الإنساني والصحي”.

إلى ذلك، قتل 15 عنصرا من القوات الليبية الموالية للبرلمان المعترف به دوليا الثلاثاء، بهجوم انتحاري في بنغازي شرق ليبيا تبناه “مجلس شورى ثوار بنغازي”، الجماعة المسلحة الرئيسية التي تقاتل قوات البرلمان في ثاني مدن البلاد، بحسب ما افادت مصادر عسكرية.

وقال محمد العزومي المتحدث باسم الكتيبة 302 في القوات التي يقودها الفريق اول خليفة حفتر لوكالة فرانس برس إن “هناك 15 شهيدا واكثر من ثلاثين جريحا في هجوم انتحاري في محور القوارشة” في غرب بنغازي (الف كلم شرق طرابلس).

واكد مسؤول عسكري اخر في القوات الموالية للبرلمان المعترف به مقتل 15 جنديا في هذا الهجوم واصابة 31 اخرين بجروح، موضحا ان الهجوم وقع “بعدما فجر انتحاري يقود شاحنة مفخخة نفسه قرب تجمع لقواتنا في القوارشة”

واعلن “مجلس شورى ثوار بنغازي” الذي يضم خليطا من الجماعات الاسلامية بينها “انصار الشريعة” القريبة من تنظيم القاعدة، تبنيه للهجوم.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية