مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قوات سوريا الديموقراطية تشيد بـ”النصر التاريخي” في الرقة

مقاتل من قوات سوريا الديموقراطية يقف على سطح مبنى في الرقة المدمرة في 20 تشرين الاول/اكتوبر 2017 afp_tickers

اعلنت قوات سوريا الديموقراطية رسميا الجمعة تحرير مدينة الرقة، ووصفت هذا التقدم العسكري المهم ب”النصر التاريخي” الذي اهدته “الى الانسانية الجمعاء”، في حين اكدت من جهة ثانية انها ستسلم مقاليد المدينة الى مجلس مدني ليدير شؤونها.

وبعد ثلاثة أيام من سيطرتها على المدينة بالكامل، أعلنت قوات سوريا الديموقراطية، وهي تحالف من فصائل كردية وعربية مدعومة بقوة من واشنطن، في مؤتمر صحافي في وسط المدينة رسمياً “تحرير (…) عروس الفرات، مدينة الرقة”، التي كانت طوال ثلاث سنوات المعقل الابرز لتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا.

وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية طلال سلو خلال المؤتمر “نهدي هذا النصر التاريخي للإنسانية جمعاء، ونخص بالذكر ذوي ضحايا الإرهاب ممن كابدوا ظلم وإرهاب داعش في سوريا والعالم”.

وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية الثلاثاء سيطرتها على كامل مدينة الرقة إثر معارك ضارية دامت أكثر من أربعة أشهر وبعد اتفاق تسوية برعاية وجهاء عشائر ومجلس الرقة المدني سلم بموجبه المئات من عناصر التنظيم أنفسهم إلى تلك القوات.

وهنأ التحالف الدولي بقيادة واشنطن في بيان الجمعة قوات سوريا الديموقراطية باعلانها “تحرير مدينة الرقة من احتلال داعش”، مشيرا الى اهمية الرقة بالنسبة للتنظيم المتطرف على “المستويات التخطيطية والتمويلية والتنفيذية”.

وكانت الرقة، وفق التحالف، في بعض الاحيان “الملهم للقيام بأنشطة ارهابية” حول العالم بينها “باريس وبروكسل ونيس ومانشستر”.

بدوره، قال وزير الخارجية ريكس تيلرسون ان “تحرير الرقة خطوة حاسمة في الحرب العالمية ضد تنظيم الدولة الاسلامية”. لكنه اضاف ان “استعادة الرقة لا تعني ان معركتنا ضد تنظيم الدولة الاسلامية انتهت”.

وتابع “سيواصل التحالف الدولي الاعتماد على جميع عناصر القوة الوطنية عسكريا واستخباراتيا ودبلوماسيا واقتصاديا وامنيا حتى يتم تحرير جميع السوريين من وحشية تنظيم الدولة الاسلامية والتاكد من أنه لم يعد قادرا على تصدير الارهاب الى العالم”.

ومن المفترض أن يتسلم المجلس إدارة المدينة بعدما كان تسلم العديد من المناطق المحررة في ريفها، وسيكون أيضاً المسؤول عن متابعة ملف الإعمار فيها.

وأنشئ المجلس في نيسان/ابريل الماضي ويضم وجهاء من أبرز عشائر الرقة وشخصيات سياسية لإدارة المدينة وريفها.

وقال ناصر حاج منصور المستشار السابق لقوات سوريا الديمقراطية إن “الرقة هي الاختبار الأساسي للتجربة في بناء العلاقات بين الاكراد والعرب ونأمل أن نكون قادرين على بناء النظام الفدرالي في سوريا”.

وتابع “نقبل أن تعود المؤسسات العامة مثل المياه والكهرباء إلى الرقة لكن ليس مؤسسات النظام الأمنية”.

– التسليم بعد التمشيط –

وأكدت قوات سوريا الديموقراطية الجمعة في بيانها “إننا في القيادة العامة لقوات سوريا الديموقراطية نعلن بأننا سنقوم بتسليم إدارة مدينة الرقة وريفها إلى مجلس الرقة المدني ونسلم مهام حماية أمن المدينة وريفها لقوى الأمن الداخلي في الرقة”.

وأوضح سلو رداً على أسئلة صحافيين أنه “بعد الانتهاء من عملية التمشيط بشكل آمن سوف نقوم بتسليم المدينة إلى مجلس الرقة المدني”.

ولا تزال عمليات التمشيط مستمرة في المدينة بحثاً عن عناصر متوارية من تنظيم الدولة الاسلامية ولتفكيك الألغام التي زرعها الجهاديون بكثافة.

وبدأ مقاتلون من قوات سوريا الديموقراطية خلال اليومين الماضيين بالخروج من المدينة، ومنهم من توجه لدعم القوات التي تخوض معارك ضد الجهاديين في محافظة دير الزور شرقاً.

ولم تسمح قوات سوريا الديموقراطية بعودة المدنيين إلى المدينة بانتظار الانتهاء من عملية التمشيط وإزالة الألغام المنتشرة في شوارع ومنازل المدينة.

وقال سلو “عند الانتهاء من إزالة الألغام وتأمين المدينة بشكل جيد سيسمح بعودة المدنيين”.

وفرّ عشرات آلاف المدنيين من مدينة الرقة هرباً من المعارك الضارية التي شهدتها، وخلت المدينة تدريجياً من سكانها لتصبح فارغة تماماً منهم لحظة سيطرة قوات سوريا الديموقراطية عليها.

من جهته، توقع المتحدث باسم رئاسة الاركان الفرنسية باتريك ستايغر ألا يتمكن المدنيون من العودة إلى الرقة إلا “بعد أسابيع طويلة” بسبب الألغام. وقال “المدينة حرفياً مليئة بالألغام المصنعة يدوياً”.

– “أسوأ مما تخيلت” –

في الملعب البلدي الذي اعتاد سكان الرقة أن يطلقوا عليه تسمية “الملعب الأسود” بعدما جعل تنظيم الدولة الاسلامية منه سجنا، تجمع العشرات من مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية بلباسهم العسكري ومدنيون من أعضاء مجلس الرقة المدني.

ودخل العديد من أعضاء مجلس الرقة المدني للمرة الأولى إلى المدينة بعد سنوات على مغادرتها هرباً من حكم الجهاديين.

وقال عضو المجلس أحمد العلي (31 عاماً) المتحدر من المدينة لوكالة فرانس برس “هذه المرة الأولى التي أدخل فيها المدينة بعد تحريرها”.

وتابع قبل أن يجهش بالبكاء “لم أتمكن من الوصول إلى بيتي في شارع القطار”، مضيفاً انه يدفع أي شيء “لكي أرى بابه فقط”.

ويعم الدمار الرقة. في الأحياء الواقعة على أطراف المدينة والتي تمت استعادتها في بداية الهجوم منازل مدمرة وأخرى انهار سقفها او خلعت أبوابها. الا أن المشهد بدا صادماً في وسط المدينة حيث جرت معارك عنيفة جداً للسيطرة على مبان استراتيجية. وكأن احياء تحولت بأكملها الى أنقاض، فلم يعد من الممكن التفريق بين منزل ومتجر فكل شيء بات مجرد تلال من الركام، حجارة وانابيب واسلاك.

وتتوقع الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أن يتطلب تنظيف الرقة وإعادة إعمارها جهوداً ضخمة، واشهراً عدة قبل عودة الحياة إليها.

وقدرت الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي أن 80 في المئة من مساحة الرقة باتت غير قابلة للسكن، وتعاني المدينة حالياً من غياب كامل للبنية التحتية الأساسية.

وقال محمود محمد (27 عاما) من لجنة الإعمار في مجلس الرقة المدني، “عندما دخلنا إلى المدينة، تغيرت خططنا تماماً. الوضع أسوأ بكثير مما كنت أتخيله”.

ولا تصدق فضيلة حمد الخليل (34 عاما) انها عائدة إلى الرقة “التي لم تعد تعرفها”.

وقالت “نعم فرحنا لكن هناك دمار والام وحزن. دخلت الرقة وفعلا ما عرفتها. ما كنت أعرف الشوارع والمباني. بلدي لم اعد اعرفه”.

وتشكل السيطرة على مدينة الرقة نكسة كبرى للتنظيم الذي مني في الأشهر الأخيرة بسلسلة خسائر ميدانية في سوريا والعراق المجاور.

وفقد التنظيم، وفق التحالف الدولي بقيادة واشنطن، 87 في المئة من أراضي “الخلافة” التي أعلنها في البلدين في العام 2014.

واكد التحالف الدولي في بيانه الجمعة ان تحرير الرقة “لا يعني نهاية ارهاب داعش”. ونقل عن قائد التحالف الجنرال بول فنك قوله “ما زلنا نحارب بقايا داعش في العراق وسوريا (…) ولا تزال هناك معركة صعبة تنتظرنا”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية