مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

كيري يشيد بالانتقال الديموقراطي في بورما باعتباره نموذجا للعالم

كيري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع سو تشي في العاصمة نايبيداو afp_tickers

اشاد وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاحد في نايبيداو بالانتقال الديموقراطي “التاريخي” في بورما الى سلطة مدنية تقودها اونغ سان سو تشي معتبرا انه يشكل نموذجا للعالم.

وتولى حزب زعيمة المعارضة السابقة، الرابطة الوطنية من اجل الديموقراطية، السلطة بعد الانتخابات التشريعية في 8 تشرين الثاني/نوفمبر، وكانت اول انتخابات حرة في بورما منذ اكثر من خمسين عاما وجرت بعد اربعة اعوام على قرار المجلس العسكري حل نفسه في 2011.

وقال كيري لسو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام خلال اول لقاء ثنائي على هذا المستوى منذ تولي الحكومة البورمية الجديدة السلطة في نهاية اذار/مارس، ان التحول نحو الديموقراطية بعد عقود من الحكم العسكري “حدث بارز لجميع الشعوب في كل انحاء العالم”.

واضاف كيري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع سو تشي في العاصمة نايبيداو ان “هذا الحدث التاريخي بالنسبة الى البلاد، هو تاريخي حقا بالنسبة الى قضية الديموقراطية في العالم”.

وتابع “اليوم رسالتي بسيطة جدا، نحن ندعم بقوة الانتقال الديموقراطي الجاري حاليا”.

وتتزامن زيارة كيري الذي ذكر انه زار سو تشي عندما كانت حركتها مقيدة، مع تخفيف واشنطن العقوبات الاقتصادية المفروضة على بورما.

ورفعت واشنطن عقوبات كثيرة عن هذا البلد منذ عام 2011، لكنها ابقت على لائحتها السوداء اسماء متهمين بعرقلة الديموقراطية في البلاد.

وتتولى سو تشي حاليا منصب وزير الخارجية، ووقع الرئيس البورمي قانونا يمنحها دورا جديدا كمستشارة خاصة للدولة ما يسمح لها بممارسة نفوذها على البرلمان والحكومة، لان الدستور يحظر عليها تولي الرئاسة. ويتولى حليفها هتين كياو منصب الرئيس.

وقال كيري “اعلم ان ارث اكثر من نصف قرن من النظام العسكري لم يتم محوه بالكامل” لكنه رأى ان الحكومة الجديدة “انجزت امورا استثنائية”.

والتقى وزير الخارجية الاميركي ايضا الاحد قائد الجيش مين اونغ هلاينغ الذي تريد واشنطن اقناعه بفتح الباب امام اصلاحات جديدة.

وبحث الرجلان مسالة “تطبيق ديموقراطية متعددة الاطراف” وتخفيف النزاعات بحسب ما ورد على صفحة قائد الجيش على فيسبوك.

ولا يزال الجيش يحتفظ بمصالح اقتصادية كبرى وبنفوذ سياسي واسع في البلاد.

ويشغل الجيش بعض الوزارات الاساسية مثل الداخلية والدفاع والحدود وربع مقاعد البرلمان بفضل نواب غير منتخبين ما يعطيه بحكم الامر الواقع حق الفيتو لتعطيل اي تعديل دستوري.

– مسالة الروهينغا الحساسة-

شهدت بورما الفقيرة تغيرات كبيرة منذ 2011 بعد ان ارخى الجيش قبضته عن السلطة بعد عقود من القمع الذي تخلله سجن سو تشي وعدد من زملائها ووضعهم قيد الاقامة الجبرية.

ولا تزال البلاد تواجه تحديات هائلة، تتعلق بالبنية التحتية المتداعية، والفقر، فيما تستمر الصراعات في المناطق الحدودية مع الجماعات العرقية المسلحة، فضلا عن توترات دينية وهيمنة الجيش ومقربين منه على المجال الاقتصادي.

وعلى الصعيد الاقتصادي رفعت الولايات المتحدة قبل ايام العقوبات الاقتصادية عن البلاد، لكنها ابقت على لائحتها السوداء اشخاصا متهمين بعرقلة المسار الديموقراطي في البلاد.

وقالت سان سو تشي “اذا سلكنا الطريق الصحيح، فان كل العقوبات سترفع في الوقت المناسب”.

ولا تزال الاستثمارات الاميركية في البلاد ضئيلة رغم ان بعض الشركات الاميركية وبينها “كوكاكولا” وشبكة المطاعم السريعة “كاي اف سي” الى جانب مصنعي السيارات “شيفروليه” و”فورد” سجلت حضورا تجاريا في البلاد.

لكن المسائل التي تثير التوتر تبقى قائمة.

ففي الاسابيع الماضية، تعرضت السفارة الاميركية لانتقادات من بوذيين متشددين بعدما استخدمت تعبير “روهينغا” للاشارة الى الاقلية المسلمة المضطهدة.

وهذه الكلمة تثير انقساما في البلاد التي شهدت في العام 2012 توترا قويا لا سيما في الغرب حيث تقيم غالبية الروهينغا.

ويقيم اكثر من مئة الف شخص من الروهينغا في مخيمات للنازحين منذ اعمال العنف هذه التي اوقعت 200 قتيل في حين يوجد نحو 1,1 مليون شخص من الروهينغا بدون هوية.

ويعتبر الروهينغا من الاقليات الاكثر اضطهادا في العالم كما اثارت المآسي التي عاشها الاف منهم وهم يحاولون عبور البحر للوصول الى بلدان اخرى في جنوب شرق آسيا، استنكارا عالميا.

وترفض الحكومة البورمية الاعتراف بالروهينغا كمجموعة اتنية معتبرة انهم مهاجرون غير شرعيين من بنغلادش المجاورة وان كانوا يقيمون في بورما منذ اجيال. وهم لا يملكون اي وثائق ولا يستطيعون دخول المدارس او النظام الصحي او سوق العمل.

وخلال المؤتمر الصحافي اقرت سان سو تشي بان الهوية ترتدي “أهمية كبرى” مضيفة ان حكومتها تسعى الى حل مقبول للجميع.

وواجهت سان سو تشي في السنوات الماضية انتقادات شديدة بسبب صمتها حول هذا الموضوع. ووعدت بالعمل من اجل افساح المجال امام المجموعات الاتنية “بالعيش بسلام وبامان خارج المخيمات”.

وسيتابع كيري رحلته الى فيتنام حيث يرافق الرئيس الاميركي باراك اوباما في زيارة تستغرق ثلاثة ايام تتمحور حول تعزيز العلاقات الاستراتيجية والتجارية لكن ايضا حول حقوق الانسان.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية