مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لاجئون سوريون يزورون بلدهم خلال العيد قبل العودة مجدداً الى تركيا

لاجئون سوريون في تركيا ينتظرون امام معبر باب الهوى للعودة الى بلادهم لقضاء اجازة الاضحى، 21 اب/اغسطس 2017 afp_tickers

بعد فراق استمر عاماً، قرر اللاجئ محمد حاج صطيفي العودة الى سوريا للاحتفال بعيد الاضحى مع عائلته وقضاء اجازة لأيام عدة، ليعود بعدها أدراجه الى تركيا، في غياب توفر مقومات الحياة الاساسية في مسقط رأسه.

ويقول محمد (26 عاماً) اثناء جلوسه في حديقة منزله في مدينة بنش في محافظة ادلب والى جانبه والده ووالدته وشقيقه “منذ اكثر من عام، لم أر اهلي وعندما حلت اجازة العيد قررت المجيء”.

وتضيق الحديقة بالأقرباء الذين يتبادلون اطراف الحديث والضحكات، بينما يتواصل محمد عبر الهاتف مع شقيقاته المتزوجات المقيمات في دول الخليج.

ومحمد واحد بين اكثر من اربعين الف لاجئ سوري يقيمون في تركيا احصت السلطات عبورهم الحدود بشكل قانوني خلال اجازة العيد لتفقد عائلاتهم وأقاربهم في الشمال السوري.

وتستضيف تركيا نحو ثلاثة ملايين سوري فروا من الحرب المستمرة في بلدهم منذ العام 2011. ويعيش غالبيتهم في المدن الكبيرة والباقي في مخيمات للاجئين في المناطق الحدودية.

وسمحت السلطات في محافظة كيليس التركية الحدودية مع سوريا، للسوريين بالعودة الى بلادهم خلال عيد الاضحى عبر معبر انجوبينار، على أن يعودوا أدراجهم بحلول 15 تشرين الاول/أكتوبر.

وتغلق تركيا كافة المعابر الحدودية مع سوريا ولا تسمح الا بمرور قوافل المساعدات الانسانية. وتسمح بعبور المدنيين فقط خلال عيدي الفطر والاضحى.

منذ عام، يستقر محمد بشكل دائم في مدينة الريحانية التركية حيث يعمل موظفاً في شركة انترنت. وينوي العودة اليها بعد انتهاء الاجازة قائلا “أنوي البقاء عشرة أيام هنا”.

– “الهدوء لا يكفي”-

ويعود معظم اللاجئين الى مناطق باتت تحت سيطرة الفصائل السورية المعارضة المدعومة من أنقرة كمدينتي جرابلس والباب في محافظة حلب أو الى محافظة ادلب الواقعة تحت سيطرة فصائل جهادية بشكل رئيسي.

وتشهد المنطقة هدوءاً نسبياً منذ اعلان أنقرة وموسكو، حليفة دمشق، التوصل الى اتفاق مناطق خفض التوتر قبل اشهر.

لكن العودة الى ادلب وفق محمد لا ترتبط “بعودة الامن” فحسب، بل ايضاً “بتوفر فرص العمل ومقومات العيش”.

واضاف “إذا توفر الامن ولا توجد فرص عمل، فبالتأكيد سأبقى حيث أجد لقمة عيشي، اي في تركيا” أما “إذا عادت فرص العمل ومقومات الدولة، افضّل بالتأكيد العودة الى بلدي”.

وتابع “بالنتيجة الهدوء وحده لا يكفي.. وإذا لم تعد المؤسسات والجامعات ويستتب النظام وتعود كل هذه الأمور الى طبيعتها فسنعيش في فوضى”.

وبحسب ما اعلنته المنظمة الدولية للهجرة منتصف الشهر الماضي، فإن أكثر من 600 ألف سوري ممن تركوا مناطقهم ونزحوا داخل سوريا او لجأوا خارجها عادوا ادراجهم بين كانون الثاني/يناير وتموز/يوليو 2017. وعزا 11% عودتهم الى تحسن الوضع الأمني في مكان عودتهم.

وكان 16 في المئة من اجمالي العائدين لاجئين في بلدان الجوار مثل تركيا ولبنان والأردن والعراق.

ويكرر الاعلام التركي الاشارة الى أن الحياة تعود الى طبيعتها تدريجياً في بعض مناطق الشمال السوري، حيث استؤنفت الدراسة في المدارس وعادت خدمات البلدية، خصوصا في مدينتي جرابلس والباب.

لكن المنظمة نبهت الى أن امكانية الحصول على المياه والخدمات الصحية تبقى محدودة بسبب الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية.

وأحدثت الحرب السورية التي اودت بحياة اكثر من 330 الف شخص، دماراً هائلاً في البنى التحتية والممتلكات، ودفعت اكثر من نصف السكان الى النزوح داخل سوريا او اللجوء الى دول الجوار.

– “حلم كل عائلة” –

بعد سيطرة القوات الحكومية اواخر العام الماضي على مدينة حلب التي يتحدر منها، انتقل يمان الخطيب (27 عاماً) مع زوجته وطفله ووالديه الى تركيا. لكنه يضطر للتنقل دورياً عبر طرق تهريب بين مدينة ادلب حيث يعمل صحافياً ومنطقة انطاكيا حيث تقيم عائلته.

ولا يخطط هذا الشاب في الوقت الراهن للعودة مع عائلته بشكل دائم الى ادلب رغم الهدوء النسبي. ويقول ان وجودهم في تركيا مرده عدم وجود اي “منطقة آمنة يستطيعون أن يعيشوا فيها بعد خروجنا من حلب”.

ويضيف “بما أن سوريا منطقة حرب بشكل عام، وجدت تركيا المنطقة الأكثر أمناً للعائلة”.

لكنه على غرار كثيرين، يتمنى ان يستقر مع عائلته مجدداً في سوريا باعتبار ان ذلك “حلم أي عائلة سورية”. ويعتبر ان “تدفق العائلات السورية من تركيا الى سوريا دليل على ان حلم الجميع العودة للوطن، لكن انعدام الامن عدا عن عدم توفر أبسط مقومات الحياة من مياه وكهرباء في المناطق المحررة” يحول دون ذلك.

ورغم سعادتها برؤية افراد من عائلتها واقاربها، تنوي رهف (19 عاماً) بدورها بعد انتهاء اجازة العيد، العودة الى مدينة الريحانية التركية حيث تقيم منذ خمس سنوات مع والدتها وشقيقتها وتخطط لبدء سنتها الجامعية الأولى.

وتوضح وهي تجلس قرب والدها وعمتها “نحن مجبرون على البقاء في تركيا. بالتأكيد أفكر بالعودة الى سوريا إذا عاد الامن والوضع الى ما كان عليه قبل الحرب”.

وتخلص الى القول باللهجة المحلية “ما في أحلى من بلد الإنسان، يظل أحلى من أي بلد آخر”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية