مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لبنان في مرحلة الاغلاق مجدداً للحدّ من إصابات كوفيد-19 بعد انفجار المرفأ

مرفأ بيروت المدمر من مقر دار أزياء المصمم اللبناني زهير مراد في 19 آب/أغسطس 2020 afp_tickers

من على شرفة منزلها المتضرّر في بيروت، تبدي روكسان مكرزل، بينما تشير إلى المرفأ المدمر قبالتها، خشيتها من تزايد تفشي فيروس كورونا المستجد، مع دخول البلاد اليوم الأول من مرحلة اغلاق جديدة.

وتسأل السيدة (55 عاماً) التي تحطمت نوافذ منزلها وتبعثرت محتوياته بسبب انفجار 4 آب/أغسطس المروع “ماذا بعد؟ فوق مصيبة المرفأ، مصيبة الكورونا؟”.

بدأت صباح الجمعة مرحلة اغلاق جديدة في لبنان، تستمر حتى السابع من أيلول/سبتمبر المقبل، وتتضمن حظراً للتجول بين الساعة السادسة مساء (15,00 ت غ) والسادسة صباحاً (3,00 ت غ).

وتحاول السلطات الحدّ من الازدياد في عدد الإصابات الذي تضاعف خلال الأسبوعين الأخيرين، ليبلغ اجمالي المصابين 11580 حالة على الأقل بينها 116 وفاة. ويخشى المسؤولون تكرار النموذج الايطالي، خصوصاً بعدما جعل الانفجار عدداً من المستشفيات الكبرى خارج الخدمة.

ورغم الضائقة الاقتصادية، تعتبر مكرزل خيار الاغلاق صائباً. وتوضح “لم يعد الناس يأخذون احتياطاتهم. فالجميع في حال ضياع، وربما من الأفضل أن يتخذوا تدابير الاقفال”، مضيفة “لا مكان في المستشفيات، إذا أصيب الناس أين سيضعونهم”؟

وضاعف الانفجار الذي أوقع 181 قتيلاً وأكثر من 6500 مصاباً الضغوط على المستشفيات والطواقم الطبية المنهكة أساساً من الأزمة الاقتصادية في البلاد وتفشي الفيروس.

وتفاوت التزام الاغلاق وفق المناطق، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للاعلام، بينما نفّذ الجيش دوريات راجلة في مناطق عدة بينها طرابلس شمالاً للتأكد من الالتزام. وسجلت الطرق حركة سير طبيعية خلال ساعات النهار، بينما توقفت بشكل شبه كلي مع بدء حظر التجول مساء.

بعد دقائق من بدء حظر التجول، كان سامر هرموش بين مواطنين قلائل يمارسون هواية الركض على كورنيش بيروت رغم المنع.

ويقول لفرانس برس “لا فائدة من هذا الإغلاق، فهم يقررون أن يقفلوا البلد لأسبوعين ثم يفتحون” مضيفاً “لا التزام عاما به، بعض الأسواق التزم بشكل تام وأخرى لم تلتزم إطلاقاً”.

– “نقطة الصفر” –

يستثني القرار أعمال رفع الأنقاض والإغاثة في الأحياء المتضررة من انفجار المرفأ، وكذلك الوزارات والمؤسسات العامة على ألا تزيد نسبة حضور موظفيها على 50 في المئة. ولا يسري القرار على مطار بيروت.

وبعدما اكتظت الأحياء المجاورة للمرفأ بحركة عمال وسكان ومتطوعين نهاراً، بدت المنطقة أشبه بـ”مدينة أشباح” بعد بدء حظر التجول. وخلت الأزقة المتضررة من أي حركة وفق مصور فرانس برس، بينما تمركز عناصر الجيش والأمن في نقاط عدة.

وقال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن خلال ترؤسه اجتماعاً لخلية الأزمة في الوزارة “عدنا إلى نقطة الصفر ولكن مع جهوزية معنوية ولوجستية متقدمة وأعلى من مرحلة بداية الوباء، مستفيدين من الخبرات والتدابير التي اكتسبناها من المرات الماضية”.

ودعا المستشفيات العامة والخاصة إلى “الإنخراط من دون استثناء” في استقبال الإصابات، متحدثاً عن اتفاق أولي مع البنك الدولي لدفع الفواتير العلاجية.

وكان حسن أشار مطلع الأسبوع إلى أنّ غالبية مستشفيات بيروت امتلأت بمصابي كوفيد-19، منبهاً الى أن البلاد وصلت “إلى شفير الهاوية”.

ويتلقى اللبنانيون منذ الخريف الماضي ضربات متتالية في خضم الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخ البلاد، ووسط أزمة سيولة وقيود مصرفية مشددة. وخسر عشرات الآلاف مصادر رزقهم أو جزءاً من مداخيلهم.

ومن المرجّح أن تفاقم تداعيات الانفجار وتدابير الاغلاق الوضع المعيشي سوءاً.

وقالت لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (إسكوا) إن “نسبة الفقراء من السكان تضاعفت لتصل إلى 55 في المئة في عام 2020 بعد أن كانت 28 في المئة عام 2019، وارتفعت نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع بثلاثة أضعاف من ثمانية إلى 23 في المئة”.

– “لا نعمل” –

داخل مشغل نجارة في حي قريب من المرفأ، يخشى قاسم جابر السيناريو الأسوأ ويقول لفرانس برس “لا نعمل. لم يعد لدى الناس المال أو ما يأكلونه”.

ويستغرب الرجل الذي يبلغ 75 عاماً ويصر على فتح محله لمساعدة المتضررين من الانفجار في اعادة تأهيل منازلهم، قرار الإغلاق في هذا التوقيت بعد أشهر من التباطؤ الاقتصادي.

إلا أنه يرحب بقرار المرجعيات الشيعية إلغاء مجالس العزاء العامة ومسيرات احياء ذكرى عاشوراء جراء تفشي الفيروس.

وكان حزب الله وحركة أمل، الحزبان الشيعيان الأقوى في لبنان، قررا في بيان مشترك الشهر الحالي، إلغاء مجالس العزاء الكبرى التي اعتادا تنظيمها في المناطق ذات الغالبية الشيعية ومن ثمّ المسيرات الضخمة يومي التاسع والعاشر.

وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الثلاثاء إن وضع كورونا “خرج عن السيطرة”، داعياً إلى احياء المجالس عبر “التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي وأشكال الإحياء الأخرى”. وأضاف “لا حضور أو تجمعات في المجالس العامة، مسيرة يوم العاشر غير واردة.. هذا كله اتفقنا على أن نتجاوزه هذه السنة بسبب كورونا”.

ويثني جابر على حكمة هذا القرار “لئلا يصاب أحد”.

ويضيف “إذا كنا نسجل في كل يوم مئة أو مئتين أو 300 إصابة، في حال تنظيم مراسم ذكرى عاشوراء، سيلتصق الناس بعضهم ببعض. لا يعقل ذلك”.

وفي اجراء احترازي، أعلنت المديرية العامة للأوقاف الإسلامية في لبنان الجمعة “إغلاق جميع المساجد وتعليق الصلوات فيها أمام المصلين موقتا ابتداء من مساء اليوم، مع إبقاء رفع الأذان”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية