مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ماكرون يعتزم الشروع في الإصلاحات مستندا إلى غالبية برلمانية كبيرة

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على دراجة في شوارع لوتوكيه (شمال فرنسا) في 17 حزيران/يونيو 2017 afp_tickers

بات بامكان الرئيس الفرنسي الوسطي ايمانويل ماكرون الشروع بورشة الاصلاحات الدقيقة التي يأمل في إنجازها في فرنسا وأوروبا ايضا، مستندا إلى غالبية واضحة في الجمعية الوطنية بعد الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية التي جرت الاحد.

وكسب ماكرون رهانه بالتغيير مع نهاية عهد الثنائية الحزبية بين اليسار واليمين وبروز كتلة وسطية وانتخاب عدد قياسي من النساء ودخول أعداد كبيرة من النواب الجدد إلى البرلمان . أما أولوياته على الصعيد الداخلي فهي فرض قواعد اخلاقية في الحياة السياسية واصلاح قانون العمل وتعزيز ترسانة مكافحة الارهاب.

ومن المفترض ان يقدم رئيس الوزراء ادوار فيليب على الفور استقالة حكومته، وفق الإجراء المعتاد بعد أي انتخابات تشريعية. وقد كرست عملية الاقتراع الأخيرة الصعود الخاطف لأصغر رئيس سنا في تاريخ فرنسا (39 عاما).

وقال المتحدث باسم الحكومة كريستوف كاستانير إن رئيس الوزراء المنتمي الى الجناح المعتدل من حزب “الجمهوريون” اليميني سيستعيد منصبه بعد “تعديل تقني” محدود للحكومة.

وحقق حزب “الجمهورية إلى الأمام” الرئاسي وحليفه “الحركة الديموقراطية” (موديم) الأحد غالبية مطلقة مريحة في الجمعية واكتسحا الأحزاب المنافسة مع حصولهما على 350 مقعدا من اصل 577، من بينها 308 مقاعد لحزب ماكرون وحده.

اما الحزب الاشتراكي فلم يعد يملك سوى 30 مقعدا في مقابل 284 في الجمعية الوطنية المنتهية ولايتها. وتمكن “الجمهوريون” من الاحتفاظ بـ112 مقعدا (130 مع حلفائهم الوسطيين). وفاز حزب “الجبهة الوطنية” اليميني المتطرف بثمانية مقاعد احدها لزعيمته مارين لوبن (مقابل 2 في السابق) ولو أن هذه النتيجة جاءت بمثابة خيبة أمل له.

وبالرغم من الفوز الساحق للرئيس، ترى الصحف ان هذه الغالبية لا تعني ان الناخبين منحوا الرئيس تفويضا مطلقا لاجراء اصلاحاته، على ضوء نسبة الامتناع عن التصويت التاريخية التي طبعت هذه الانتخابات (57% في الدورة الثانية) وعكست رفض الناخبين إطلاق يد السلطة التنفيذية الجديدة.

واقر كاستانير “حصلنا على غالبية واضحة لكن الفرنسيين في الوقت نفسه رفضوا توقيع شيك على بياض”.

وقال زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي فاز في مرسيليا (جنوب) وحصل حزبه “فرنسا المتمردة” الذي تأسس قبل عام فقط على 17 مقعدا”، ان “الشعب دخل في اضراب عام مدني”.

فكانت هذه الانتخابات تكريسا للاحزاب الشابة والوافدين الجدد الى الحياة السياسية حيث أن 91% من نواب “الجمهورية الى الامام” جدد، و100% من نواب فرنسا المتمردة لم يسبق انتخابهم ابدا في مجلس النواب.

– جدول اعمال اوروبي –

نجح 140 نائبا فقط من أصل 345 ترشحوا في اعادة انتخابهم في مناصبهم. وشدد فيليب مساء الاحد “قبل عام فقط، لم يكن أحد ليتخيل مثل هذا التجديد السياسي”.

وحللت صحيفة “ليبراسيون” اليسارية الاثنين ان “الامتناع القياسي وحده يلقي بظلاله على فوز لم يكن يخطر لأي معلق في مطلع الحملة”.

اما صحيفة “لو فيغارو” اليمينية فعلقت بان “ثورة +الى الامام+ التي لم يشأ أحد الأخذ بها اكتسحت فرنسا كالتسونامي في اقتراعين وأربع دورات انتخابية”.

ورأى الخبير في الدستور ديدييه ماوس أن الفرنسيين “أطلقوا النار على كل ما يمثل نظاما سابقا ويحاولون أمرا آخر”.

وعليه، بات الرئيس يتمتع بهامش تحرك كبير لتنفيذ اصلاحات دقيقة تندرج ضمن نهج ليبرالي-اجتماعي.

ومع كسب رهانه الأخير بالسيطرة على الجمعية الوطنية، بات موقع ماكرون معززا على المستوى الاوروبي عشية اجتماع للمجلس الاوروبي وانطلاق محادثات بريكست.

ومن المقرر ان يشارك ماكرون في اجتماع المجلس يومي 22 و23 حزيران/يونيو لبحث مسائل أساسية مثل الهجرة والامن والدفاع. وهو التقى في الايام الاخيرة عددا من القادة الاوروبيين للتباحث في سبل اعطاء دفع جديد لاتحاد فقد من شعبيته ويواجه صعود الاحزاب القومية واليمينية.

وسارعت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي ستخوض قريبا بدورها استحقاقا انتخابيا، الى تهنئة ماكرون على “الغالبية النيابية الواضحة” التي فاز بها، بحسب المتحدث باسمها. واعتبر وزير خارجيتها سيغمار غابريال ان الطريق باتت “سالكة امام الاصلاحات”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية