مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

معارك جديدة في محيط موقعين نفطيين في شرق ليبيا

دخان يتصاعد من خزان نفط بعد حريق أضرم في منشأة السدرة قرب راس لانوف في شمال شرق ليبيا في 8 كانون الثاني/يناير. afp_tickers

اندلعت معارك الخميس بين قوات متناحرة في محيط موقعين نفطيين مهمين في شرق ليبيا ما أدى مجددا إلى اضطراب انتاج النفط في البلد الغارق في نزاعات حول النفوذ.

وتضاربت الأنباء حول هوية الجهة التي شنت الهجوم في منطقة الهلال النفطي الخاضعة لسيطرة “الجيش الوطني الليبي” بقيادة المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا.

وفي حين قال الجيش الوطني الليبي إن “سرايا الدفاع عن بنغازي” التي تضم خصوصا مقاتلين طردتهم قوات حفتر في الاعوام الماضية من عاصمة الشرق الليبي، هي من هاجم ميناءي رأس لانوف والسدرة، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط ان المهاجمين هم مسلحون تابعون لابراهيم الجضران الذي كان يشغل منصب آمر حرس المنشآت النفطية.

وخلال قيادته “حرس المنشآت النفطية” الذي كان مسؤولا عن امن الهلال النفطي اصطدم الجضران مرارا بالمسؤولين السياسيين في ليبيا، سواء أكانوا في طرابلس ام في الشرق، ومنع تصدير الخام من الهلال النفطي طيلة عامين تقريبا الى ان طردته قوات حفتر في ايلول/سبتمبر 2016.

ومذاك اختفى الجضران قبل ان يعاود الظهور الخميس في شريط فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي يعلن فيه تشكيل “قوة تحرير الهلال النفطي” بهدف استعادة السيطرة على المواقع النفطية.

وفي بيان مقتضب أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط أنها أجلت موظّفيها من ميناءي رأس لانوف والسدرة “حفاظا على سلامتهم إثر اندلاع اشتباكات مسلّحة في المنطقة”، مشيرة الى أن خسائر الانتاج النفطي تقدّر بأكثر من 240 ألف برميل يوميا.

ومساء ألحقت المؤسسة بيانها بآخر أعلنت فيه “حالة القوة القاهرة ووقف عمليّات شحن النفط الخام من كلّ من ميناءي رأس لانوف والسدرة” اعتبارا من الخميس.

وأضاف البيان ان “مجموعة مسلحة بقيادة إبراهيم الجضران قامت بمهاجمة الميناءين ممّا أدّى إلى إغلاقهما وإجلاء جميع الموظّفين كتدبير وقائي”.

ونقل البيان عن رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله قوله إن “سلامة عمالنا وأمنهم هي أولويتنا القصوى وكل الأمور الأخرى ثانوية، كما أنّنا الآن بصدد مراقبة الوضع عن كثب والعمل مع الشركاء المحليين والحكوميين لاستعادة النظام واستئناف الإنتاج في أقرب وقت ممكن”.

وكان المتحدث باسم قوات حفتر خليفة العبيدي قال ان المهاجمين ينتمون الى “سرايا الدفاع عن بنغازي”، مؤكدا أن “خسائرهم كبيرة” ومشيرا الى أن العمليات العسكرية “مستمرة في درنة والهلال”.

وفي وقت سابق أعلن متحدث آخر باسم قوات حفتر أن “الهجوم يهدف الى تخفيف الضغط عن الارهابيين في درنة (شرق) حيث يشن الجيش الوطني الليبي منذ أيار/مايو هجوما لاستعادة السيطرة على المدينة الخاضعة لسيطرة تحالف من الجهاديين والاسلاميين”.

– “متطرفون” –

ودانت وزارة الخارجية الفرنسية “بأشدّ العبارات الهجوم” واصفة المهاجمين بأنهم “متطرفون”. وأضافت ان “فرنسا مصممة على التوصل الى حلّ سياسي دائم في ليبيا عبر اجراء انتخابات (…) تم التوافق على موعدها في مؤتمر باريس في 29 أيار/مايو”.

وفي أواخر أيار/مايو، جمع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الفاعلين الليبيين الرئيسيين في الأزمة بينهم المشير حفتر، في باريس. وأعلنوا عد الاجتماع التزامهم شفهيا بإعلان ينص على تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في 10 كانون الأول/ديسمبر واحترام نتائجها وتوحيد المؤسسات ومنها البنك المركزي.

ويرى المحللون ان الانقسام الذي يعاني منه البلد يجعل هذه الوعود صعبة التحقيق.

ومنذ سقوط نظام لقذافي، تسود الفوضى ليبيا وتتنازع السلطة فيها حكومتان: حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج المدعومة من المجتمع الدولي ومقرها طرابلس، وحكومة موازية في شرق ليبيا يدعمها المشير حفتر.

وكانت قوات حفتر سيطرت في أيلول/سبتمبر 2016 على أربع منشآت نفطية رئيسية هي الزويتينة والبريقة وراس لانوف والسدرة، التي تؤمن صادرات النفط ما سمح باستئناف الانتاج.

وجمّد جهاز حرس المنشآت النفطية التابع لحكومة الوفاق بقيادة ابراهيم الجضران العمل في هذه المنشآت في طرابلس وشرق البلاد.

ولم تخرج أي نقطة نفط من الموانئ الرئيسية منذ أواخر عام 2014 حتى اعادة فتحها في أيلول/سبتمبر 2016. وتقدّر المؤسسة الوطنية للنفط أن هذا الإغلاق كلّف ليبيا 130 مليار دولار.

وفي آذار/مارس 2017، سيطر جهاز حرس المنشآت النفطية على المرافئ النفطية لكن قوات حفتر تمكنت من استعادة السيطرة عليها.

– “حرب أهلية” –

وادان رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج في بيان الهجوم الذي “من شأنه أن يهدد الأمن والاستقرار ويشعل نار الفتنة”.

وأكد أن “هذا التصعيد غير المسؤول يدفع البلاد باتجاه حرب أهلية يعمل كل الليبيين على تجنبها بل وقطعوا خطوات مهمة باتجاه التوافق”.

في المقابل، اتهمت الحكومة الموازية في الشرق، حكومة الوفاق الوطني بالوقوف وراء الهجوم. ورأت أن “هذا الهجوم يهدف للتحجج بمنع أي تقدم في عمليات الوفاق الليبي وما يجري حاليا من حراك عقب لقاء باريس، بسبب تشبث البعض بالسلطة”.

وتحدثت الحكومة الموازية المرتبطة بحفتر عن “تحالف ما تسمى بسرايا الدفاع عن بنغازي التابعة لتنظيم القاعدة وميليشيا إبراهيم الجضران”.

ودانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في تغريدة الهجوم معتبرة أن “هذا التصعيد الخطير في منطقة الهلال النفطي يعرض اقتصاد ليبيا للخطر، ويهدد بإشعال مواجهة واسعة النطاق في البلاد”.

كما عبرت البعثة عن “شعورها الفزع إزاء الادعاءات بانتهاكات خطيرة لحقوق الانسان في درنة”. ورات ان “هذه الممارسات، اذا ثبتت صحتها، تندرج ضمن جرائم الحرب”.

واضافت ان الامم المتحدة “تؤكد ان التحقيق في هذه الادعاءات يجب أن يكون شاملاً ومستقلاً”.

وكانت ليبيا التي تعتمد على الصناعة النفطية بشكل أساسي، تنتج 1,6 مليون برميل يوميا، قبل الاطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011. وارتفع انتاج النفط في العام 2017 الى أكثر من مليون برميل يوميا، بعدما كان انخفض إلى أقل من 500 الف برميل يوميا بين عامي 2014 و2016.

وتتسبب أعمال العنف بشكل منتظم باضطراب في الانتاج.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية