مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مقاطعة الانتخابات… سيف مصلت على القائمة العربية المشتركة

تجمع لمناصري القائمة المشتركة في بلدة كفر ياسيف في 23 آب/أغسطس قبيل الانتخابات التشريعية في إسرائيل المقررة في 17 أيلول/سبتمبر 2019 afp_tickers

تخوض الأحزاب العربية الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 أيلول/سبتمبر بقائمة واحدة مشتركة، لكنها أمام تحد قوي يتمثل في امتناع عرب إسرائيل عن التصويت بشكل كبير خصوصا في ظل شعور التهميش والاستهداف بالتمييز الذي يعانون منه.

وتمثلت آخر سيناريوهات التمييز بمحاولة حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إقرار قانون يسمح بإدخال الكاميرات إلى صناديق الاقتراع لمنع “التزوير”، بحسب قوله، وهو نهج ينظر إليه البعض على أنه محاولة لتخويف الناخبين العرب في إسرائيل.

وأسقط الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) الأربعاء مقترح القانون الذي لقي رفض المدعي العام واللجنة المركزية للانتخابات في قراءته الأولى، وفشل نتانياهو في تمريره.

وفشل رئيس الحكومة في تشكيل ائتلاف حكومي بعد انتخابات التاسع من نيسان/أبريل الماضي، ما أدى الى تحديد موعد جديد للانتخابات.

وفي خطوة أثارت ضجة الأربعاء، توجه رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة خلال جلسة انعقاد الكنيست نحو رئيس الوزراء الإسرائيلي وشرع بتصويره بهاتفه المحمول من مسافة قريبة. فتدخل عناصر الأمن الذين تواجدوا في القاعة عندما لم يرق التصرف لنتانياهو، وطلب رئيس البرلمان من النائب عودة مغادرة المكان.

وأوضح عودة لوكالة فرانس برس أن تصرفه هدف الى جعل نتانياهو “يشعر بالاستفزاز كما شعر العرب عندما قرر إدخال الكاميرات لمراقبة تصويتهم”.

وقال لصحافيين أجانب الأربعاء “صوتنا (في الانتخابات الماضية) بنسبة 49 في المئة، ونسبة تصويت المستوطنين بلغت 90 في المئة… من يزوّر الانتخابات هم اليمين والمستوطنون”.

– كاميرات –

ويمثل عرب إسرائيل 20 في المئة من مجموع السكان في إسرائيل البالغ تعدادهم تسعة ملايين نسمة.

وعرب إسرائيل هم أبناء وأحفاد حوالى 160 ألف فلسطيني ظلوا في أراضيهم بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948.

في انتخابات نيسان/أبريل، أدخل ممثلو الليكود كاميرات سرية إلى مراكز الاقتراع في القرى والبلدات العربية، بحسب ما أفاد شهود.

وكشف نائب رئيس أحد مراكز الاقتراع في مدينة أم الفحم سامي طلال عن أمر تلقاه آنذاك رئيس الصندوق من حزب الليكود ليستخدم قلما مزودا بكاميرا وميكرفون في جيب قميصه، يوثق من خلالهما عملية الاقتراع.

وقال سامي “تنبهت لأمره وأخبرت عناصر الشرطة بالأمر وأقروا بأنه غير قانوني، طلبت إخراج رئيس الصندوق وهذا ما حصل فعلا”.

تسبب ذلك بحالة إرباك عمت المكان، وتوقف الاقتراع لحوالى نصف ساعة قبل أن يعاد فتح الصناديق أمام الناخبين الذين غادر بعضهم المكان بسبب الحادثة دون أن يدلوا بأصواتهم، على حد قوله.

وتعتبر مدينة أم الفحم البالغ تعداد سكانها 55 ألف نسمة، معقل الحركة الإسلامية الشمالية المقاطعة للانتخابات الإسرائيلية.

في اليوم التالي للانتخابات تباهى ساغي كيزلر، الرجل الذي كان وراء تشغيل الكاميرات، على “فيسبوك” بنجاحه بجعل نسبة تصويت الناخبين العرب منخفضة.

وقال “انخفض معدل المشاركة في المناطق العربية إلى أقل من 50 في المئة”.

وبحسب المحامية في مركز “عدالة” الحقوقي سوسن زهر، ينص القانون في إسرائيل على أن “التصويت يجب أن يكون متساويا وسريا”.

وتضيف زهر التي كانت أول من حملت القضية الى المحاكم، أن قضية الكاميرات تعكس جوا معاديا للعرب.

هذا الأسبوع، وزعت رسالة من تطبيق الرسائل الخاص بنتانياهو كتب فيها “يريد العرب إبادتنا جميعا”، ما دفع بإدارة فيسبوك إلى تجميد حساب رئيس الوزراء لانتهاكه سياسة خطاب الكراهية.

ودافع نتانياهو عن نفسه في مقابلة في الإذاعة العامة الإسرائيلية قائلا “لم أكن أنا. كان أحد موظفي الحملة” من كتب الرسالة. وأضاف “تم إصلاح الخطأ”.

– “لا أحد يريدنا” –

لكن امتناع عرب إسرائيل الذين يحق لـ 960 ألفا منهم الانتخاب، عن التوجه إلى صناديق الاقتراع، لا يعود فقط الى مسألة وجود الكاميرات.

إذ يؤرق قانون القومية الذي أقره الكنيست الإسرائيلي العام الماضي الناخبين العرب، وهو ينص على أن إسرائيل هي “الدولة القومية للشعب اليهودي”.

وتقول المحامية زهر “هذا ما يحدث في المجتمعات التي فيها أقلية والتي تميز ضد الجماعات التي لا تتمتع بالقوة”.

ويقول المتحدث باسم جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل جلعاد غروسمان “النسبة المئوية للناخبين العرب الذي يشاركون في الانتخابات في انخفاض منذ عشرين عاما”.

لكن أيمن عودة يحاول أن يكون متفائلا.

ويجلس عودة الذي يرأس القائمة المشتركة في مكتب الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة بمدينة حيفا، محاطا بصور للشاعر الفلسطيني محمود درويش والقائد الكوبي تشي غيفارا.

ويقول “السبب في انخفاض نسبة التصويت المرة الماضية كان الانقسام، لكننا اليوم توحدنا”.

وخاض العرب الانتخابات الماضية في نيسان/أبريل بثلاث قوائم. وحصلوا على عشرة مقاعد في الكنيست.

ويرى باسم زعرور (34 عاما) خلال عمله في تقطيع اللحوم في محل للجزارة بالناصرة أن لا جدوى من الانتخابات، مضيفا “عندما انفكوا – يقصد القائمة المشتركة – لم أصوت، الناس فقدوا الثقة بهم”.

ووفقا لباسم، المشكلة الأساسية تكمن في أنه عربي “سواء فاز اليمين أو اليسار… لا أحد يريدنا”.

في شوارع مدينة الناصرة، يمكن رؤية لافتات عليها دعاية انتخابية للقائمة المشتركة وشعار “مشتركة أكثر، مكانة أعلى، يمين أقل”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية