مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مقتل العشرات اختناقا جراء قصف بغازات سامة على شمال غرب سوريا

اطفال يتلفون العلاج في خان شيخون بعد قصف مفترض لقوات النظام بغازات سامة على البلدة الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة في ادلب، الثلاثاء 4 نيسان/ابريل 2017 afp_tickers

تسبب قصف جوي بغازات سامة على شمال غرب سوريا الثلاثاء بمقتل 58 مدنياَ على الاقل اختناقاً بينهم 11 طفلاً، في هجوم اثار تنديدا واسعاً واعتبرت المعارضة السورية انه يضع مفاوضات السلام في جنيف في “مهب الريح”.

وسارعت فرنسا الى مطالبة مجلس الامن بعقد اجتماع طارئ اثر “الهجوم الكيميائي الجديد الخطير”، بعد ساعات من توجيه الائتلاف السوري المعارض طلباً مماثلاً. كما حملت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي قوات النظام “المسؤولية الرئيسية” عن هذه الهجمات.

واحصى المرصد السوري لحقوق الانسان نقلا عن مصادر طبية مقتل “58 مدنياً على الاقل بينهم 11 طفلا صباح الثلاثاء جراء اصابتهم بحالات اختناق، اثر تنفيذ طائرات حربية قصفاً بغازات سامة على مدينة خان شيخون في محافظة ادلب”.

وتسبب القصف بعشرات حالات الاختناق الاخرى، ترافقت وفق المرصد مع “أعراض اغماء وتقيؤ وخروج زبد من الفم”.

ولم يتمكن المرصد من تحديد نوع الغاز المستخدم في القصف واذا كانت الطائرات التي نفذته سورية ام روسية.

لكن وزارة الدفاع الروسية اكدت ان طائراتها “لم تشن اي غارة في منطقة بلدة خان شيخون”.

وفي أحد مستشفيات خان شيخون، نقل مراسل فرانس برس مشاهدته لاطباء ومسعفين يحاولون انقاذ طفلة من دون جدوى قبل ان يغلق احدهم عينيها، ليحملها والدها ثم يقبل جبينها ويخرج بها من المستشفى.

واثناء تواجد مراسل فرانس برس في المكان، تجدد القصف الجوي على المدينة ليطال المشفى ذاته ما الحق به دمارا كبيرا.

وأفاد مراسل فرانس برس ان الطائرات الحربية قصفت اولاً مكاناً قريباً من المستشفى قبل ان تستهدفه بضربتين اضافيتين، أدت الاخيرة الى دمار كبير. وتمكن أفراد من الطاقم الطبي من مسعفين واطباء من الفرار، ليتكرر القصف على محيط المستشفى.

ويسيطر ائتلاف فصائل اسلامية ابرزها جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) على كامل محافظة ادلب التي غالبا ما تتعرض لغارات وقصف جوي تنفذه طائرات سورية وأخرى روسية. كما يستهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن دورياً قياديين جهاديين في المحافظة.

– جنيف في “مهب الريح” –

ونشرت مديرية صحة ادلب التي تعنى بتقديم الخدمات الطبية في المحافظة شريط فيديو من داخل احد المشافي الميدانية يظهر فيه عدد من الاطفال وهم ممددون على الاسرة ويتلقون الاسعافات.

ويوضح احد الاطباء اثناء وضعه قناع تنفس لأحد الاطفال “كل الحالات عبارة عن فقدان الوعي واختلاجات وتقبض حدقات العيون وافرازات رغوية شديدة ونقص اوكسيجين”.

وخلال السنوات الثلاث الماضية، اتهمت الامم المتحدة ومنظمات حقوقية قوات النظام باستخدام اسلحة سامة لمرات عدة، لكن لطالما نفت دمشق صحة هذه الاتهامات.

ووافقت الحكومة السورية في العام 2013 على تفكيك ترسانتها الكيميائية، بعد اتفاق روسي اميركي أعقب تعرض منطقة الغوطة الشرقية، أبرز معاقل المعارضة قرب دمشق، لهجوم بغاز السارين في 21 آب/اغسطس 2013 وتسبب بمقتل المئات. وتم التوصل الى الاتفاق بعد تهديد واشنطن بشن ضربات على دمشق.

ويعد هذا الهجوم وفق عبد الرحمن ثاني اكبر اعتداء بسلاح كيميائي منذ اعتداء الغوطة.

وأثار الهجوم ردود فعل منددة من المعارضة السورية والداعمين لها.

واعتبر كبير المفاوضين في وفد الهيئة العليا للمفاوضات الى جنيف محمد صبرا ان “الجريمة تضع كل العملية السياسية في جنيف في مهب الريح، وتجعلنا نعيد النظر بجدوى المفاوضات” بعد ايام على انتهاء الجولة الخامسة منها برعاية الامم المتحدة.

وسأل صبرا “إذا كانت الامم المتحدة عاجزة عن ردع النظام عن مثل هذه الجرائم، فكيف ستنجز عملية سياسية تؤدي لانتقال سياسي في سوريا؟”.

وطالب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية “مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة على خلفية الجريمة، وفتح تحقيق فوري” متهماً قوات النظام بتنفيذ القصف.

– ردود دولية –

وطالب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت مجلس الامن “بعقد اجتماع طارئ”. واعتبر ان “استخدام اسلحة كيميائية يشكل انتهاكا غير مقبول لاتفاقية حظر الاسلحة الكيميائية ودليلا جديدا على الهمجية التي يتعرض لها الشعب السوري منذ سنوات طويلة”.

في انقرة، ابلغ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اتصال هاتفي ان “مثل هذا النوع من الهجمات غير الانسانية غير مقبولة محذرا من انها قد تنسف كل الجهود الجارية ضمن اطار عملية استانا” لاحلال السلام في سوريا.

وترعى روسيا وتركيا الى جانب ايران محادثات في استانا تهدف اساسا الى تثبيت وقف اطلاق نار في سوريا سار منذ نهاية كانون الاول/ديسمبر ويتعرض لخروقات كثيرة.

وعلى هامش مشاركها في مؤتمر بروكسل حول سوريا، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني “بالطبع المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق النظام” السوري.

واضافت “لكن هذا يشكل تذكيرا دراماتيكيا بان الوضع على الارض لا يزال مأساويا في عدة مناطق من سوريا”.

ويشكل مستقبل سوريا محور اجتماع تستضيفه بروكسل دعي اليه اكثر من سبعين بلدا ومنظمة دولية، لاستعراض وعود المساعدات التي قطعتها الاسرة الدولية في شباط/فبراير 2016 خلال اجتماع مماثل في لندن.

ويعقد هذا المؤتمر بغياب اطراف رئيسية منخرطة في النزاع السوري ابرزها انقرة وموسكو.

وتقدر الأمم المتحدة التي تنظم والاتحاد الاوربي هذا المؤتمر، حاجاتها للعام 2017 بـ8,1 مليار دولار، بينها 4,7 مليار للاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة في دول الجوار.

وخلال المؤتمر، حذر المفوض السامي لشؤون اللاجئين لدى الامم المتحدة فيليبو غراندي الثلاثاء ان محنة ملايين اللاجئين السوريين اصبحت تعتبر “يائسة” مع تراجع المساعدات. وقال غراندي “نرى اطفالا لا يمكنهم ارتياد المدارس وعائلات غير قادرة على ايجاد مأوى مناسب او تأمين احتياجاتها الاساسية”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية