مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مقتل 25 مدنيا في غارات على مدينة الرقة معقل الجهاديين في سوريا

دمار في حلب في 2 ايار/مايو 2016 afp_tickers

قتل 25 مدنيا بينهم ستة اطفال جراء قصف جوي استهدف مدينة الرقة، المعقل الابرز لتنظيم الدولة الاسلامية الذي يتصدى لهجمات عدة في سوريا فيما اعربت الامم المتحدة عن املها في توفر الشروط اللازمة لاستئناف مفاوضات السلام الشهر المقبل.

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان الاربعاء عن غارات نفذتها طائرات حربية لم يتضح اذا كانت سورية ام روسية امس الثلاثاء على مناطق عدة في مدينة الرقة تسببت بمقتل “25 مدنيا بينهم ستة اطفال”.

واشار الى ان “عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب اصابة عشرات المواطنين بجروح بعضهم في حالة حرجة”.

وغالبا ما تتعرض مدينة الرقة لقصف جوي تشنه طائرات روسية او سورية واخرى تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن. وتستهدف الغارات عادة مقار الجهاديين وتحركاتهم، الا انها توقع بين الحين والآخر قتلى مدنيين.

ونشرت حملة “الرقة تذبح بصمت” الاربعاء على حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر النيران مندلعة داخل شاحنة صغيرة بيضاء اللون قرب مبنى استهدفته الغارات، بالاضافة الى صور اخرى تظهر مبنى، تضررت احدى طبقاته العليا.

وبحسب المرصد، قصفت طائرات تابعة للتحالف الاربعاء مناطق عدة داخل مدينة الرقة، بينها مبنى المحافظة.

وتأتي هذه الغارات بعد تراجع قوات النظام السوري والمقاتلين الموالين لها ليل الاثنين الى خارج محافظة الرقة بعدما كانت دخلتها قبل اسابيع للمرة الاولى منذ عامين.

وبدات قوات النظام ومقاتلون من قوات “صقور الصحراء” موالون لها ومدربون من موسكو، هجوما مطلع الشهر الحالي بدعم جوي روسي وتمكنت من التقدم جنوب مدينة الطبقة التي سيطر عليها الجهاديون العام 2014 وتقع على بعد خمسين كيلومترا غرب مدينة الرقة.

– انسحاب “كارثي”-

ومدينة الطبقة التي سيطر عليها الجهاديون العام 2014 تقع على بعد خمسين كيلومترا غرب مدينة الرقة، معقل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا. وتشكل نقطة عبور رئيسية على ضفاف الفرات وستسمح استعادتها لقوات النظام بقطع طريق امداد الجهاديين من جهة الغرب.

وكانت قوات النظام قد وصلت الاحد الى بعد سبعة كيلومترات عن مطار الطبقة العسكري، قبل تراجعها اثر هجوم معاكس لتنظيم الدولة الاسلامية الذي استقدم 300 مقاتل من مدينة الرقة ولجأ كما هي العادة الى التقدم عبر هجمات انتحارية.

ووصف موقع “المصدر” الاخباري والقريب من دمشق، التراجع بـ”الكارثي” متحدثا عن “انسحاب غير منظم” لقوات النظام التي تركت خلفها “اسلحة وجنودا”.

وربط الخبير في الجغرافيا السورية في معهد واشنطن فابريس بالانش لوكالة فرانس برس هذا التراجع ببنية القوات السورية المهاجمة والمؤلفة “بشكل اساسي من بدو موالين او من عناصر انضمت اليها غالبا لاسباب مالية، وبالتالي فهي ليست قوات نخبة وانسحبت مباشرة بعد اولى الهجمات الانتحارية” التي نفذها الجهاديون.

واوضح انه “في معركة الطبقة كانت القوات السورية منتشرة على مساحات واسعة بشكل اضعف قدراتها الدفاعية” خصوصا في هذه المنطقة الصحراوية.

ويتبع التنظيم وفق بالانش تكتيكا يقوم على “الهجوم خلال الليل والتقدم عبر هجمات انتحارية ضد خطوط الخصوم، وبالتالي فهو يخترق الجبهة ويقطع خطوط التواصل بين الجبهات الامامية والخلفية”.

وجاء هجوم قوات النظام في الرقة بعد ايام على هجوم آخر كانت بدأته قوات سوريا الديموقراطية بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة اميركية في 24 ايار/مايو لطرد التنظيم من شمال محافظة الرقة من دون ان تحقق تقدما ملحوظا.

في محافظة حلب المجاورة، تخوض قوات سوريا الديموقراطية منذ 31 ايار/مايو معارك عنيفة ضد تنظيم الدولة الاسلامية للسيطرة على مدينة منبج، احدى ابرز معاقل الجهاديين في المحافظة.

وتمكنت هذه القوات من تطويق مدينة منبج وقطع طرق امداد التنظيم الى مناطق اخرى تحت سيطرته ونحو الحدود التركية.

ويتبع تنظيم الدولة الاسلامية استراتيجية التفجيرات الانتحارية ذاتها، ما يعيق تقدم قوات سوريا الديموقراطية.

ونفذ التنظيم وفق المرصد، خلال الـ24 ساعة الماضية ثلاثة تفجيرات انتحارية بعربات مفخخة في غرب وجنوب شرق منبج.

وتشهد سوريا نزاعا داميا منذ اذار/مارس 2011 تسبب بمقتل اكثر من 280 الف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية وبنزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

– “المدنيون يتعرضون لمجاعة”-

بالتزامن مع هذه التطورات الميدانية، اعرب موفد الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا مساء الثلاثاء امام الجمعية العامة للامم المتحدة عن امله ببدء جولة جديدة من مفاوضات السلام في تموز/يوليو شرط تحسن الاوضاع الامنية والانسانية.

واعتبر دي ميستورا انه يجب اولا “احترام وقف الاعمال القتالية وزيادة المساعدات الانسانية والتوصل الى اتفاق مبدئي حول العملية السياسية الانتقالية”.

واضاف “يمكننا عندها اجراء مباحثات سورية، وآمل (بان يتم ذلك) في تموز/يوليو، ليس حول المبادىء بل التدابير الملموسة المؤدية الى العملية السياسية”. وتابع “هذا هو هدفنا، هذا ما نرغب في الحصول عليه”.

واشار الى ان النظام والمعارضة في سوريا لا يتفقان على مفهوم العملية الانتقالية وخصوصا على دور الرئيس السوري بشار الاسد، فضلا عن تباين المواقف بين روسيا والولايات المتحدة.

واكد ان “المباحثات السياسية لا يمكن ان تستمر (…) طالما ان وتيرة المعارك تزداد ويتعرض المدنيون لمجاعة”.

وجرت منذ كانون الثاني/يناير ثلاث جولات غير مباشرة من مفاوضات السلام بين الحكومة والمعارضة السوريتين في جنيف برعاية الامم المتحدة، الا انها لم تحقق اي تقدم في ظل الخلاف على مستقبل الاسد.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية