مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مقتل 27 مدنيا في قصف لقوات النظام السوري والهدنة تترنح

مسعفون يعملون على نقل ضحايا القصف في حلب في 23 نيسان/ابريل 2016 afp_tickers

قتل 27 مدنيا السبت في قصف لقوات النظام على مناطق عدة واقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في سوريا ما يجعل اتفاق الهدنة المعمول به منذ نحو شهرين يترنح على وقع هذا التدهور الميداني الجديد.

واعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان الانتهاكات من جانب قوات النظام والفصائل المقاتلة على حد سواء تعني ان الهدنة المعمول بها منذ 27 شباط/فبراير “انتهت”.

وفي مدينة حلب وفي اليوم الثاني من غارات مكثفة لقوات النظام، قتل “12 مدنيا” في قصف جوي طال حي طريق الباب في الجزء الواقع تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في شرق مدينة حلب، وفق ما افاد مصدر في الدفاع المدني وكالة فرانس برس.

واظهرت صور فيديو التقطها مراسل فرانس برس حجم الدمار الذي لحق بحي طريق الباب حيث بدت واجهات ابنية مدمرة بالكامل، وحيث عملت فرق الدفاع المدني على اجلاء السكان والجرحى وبينهم اطفال.

ومدينة حلب مقسمة منذ العام 2012 بين احياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المقاتلة واخرى غربية واقعة تحت سيطرة النظام. وتشهد منذ ذلك الحين معارك شبه يومية بين الطرفين، تراجعت حدتها بعد اتفاق وقف الاعمال القتالية.

وقال محمد مشهدي (42 عاما)، احد افراد الدفاع المدني في حلب، “اعتقد أن الهدنة انتهت مع اول قذيفة سقطت على المدينة”.

واضاف “النظام يكثف من غاراته الجوية التي اصبحت يومية وبمعدل 20 غارة تقريباً”. واعتبر ان “النظام لا يفهم لغة المفاوضات السياسية، انما كل ما يتقنه هو القصف والقتل والتدمير فقط”.

واستهدفت الفصائل المقاتلة بدورها بالقذائف الجزء الغربي من المدينة.

وافادت وكالة الانباء الرسمية (سانا) ان “ثلاثة شهداء ارتقوا وأصيب 17 شخصا بجروح متفاوتة جراء استهداف إرهابيي جبهة النصرة والمجموعات المسلحة المنضوية تحت زعامتها الأحياء السكنية في مدينة حلب”.

ويقتصر اتفاق الهدنة المعمول به منذ 27 شباط/فبراير، والذي يستثني تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة، عمليا على الجزء الاكبر من ريف دمشق، ومحافظة درعا جنوبا، وريف حمص الشمالي (وسط) وريف حماة (وسط) الشمالي، ومدينة حلب وبعض مناطق ريفها الغربي.

-عودة الحرب-

وعلى جبهة اخرى، قتل، بحسب المرصد السوري، “13 شخصا بينهم طفلان واصيب 22 آخرون جراء قصف مدفعي لقوات النظام” في حصيلة هي الاكبر منذ بدء الهدنة في مدينة دوما، معقل الفصائل المقاتلة في الغوطة الشرقية لدمشق والمحاصرة منذ العام 2013.

وتحدث المرصد عن اشتباكات بين الفصائل الاسلامية وقوات النظام في محيط بلدة بالا في الغوطة الشرقية.

وبحسب سانا، “استشهد طفل وأصيبت امرأة بجروح جراء اعتداء إرهابي بقذيفة هاون على مخيم الوافدين السكني في ريف دمشق”.

كذلك، قتل شخصان في قصف جوي استهدف مدينة تلبيسة، احد معقلي الفصائل المقاتلة، في ريف حمص (وسط) الشمالي، بحسب المرصد. وتدور منذ منتصف ليل الجمعة اشتباكات بين الفصائل المقاتلة وقوات النظام السوري في محيط المدينة.

وقال عبد الرحمن “الهدنة انتهت، فهناك غارات واشتباكات على جبهات عدة من حلب الى دمشق”.

واوضح “منذ بدء الهدنة كنت اجهز يوميا قائمة بالانتهاكات، اما اليوم فقد توقفت بسبب تزايد عدد الخروقات”.

واضاف “هذا ليس خرقا، هذه حرب”.

وتأتي تلك التطورات غداة اعراب الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي تضغط بلاده من اجل انجاح الهدنة والمفاوضات السياسية على حد سواء، عن “قلقه الشديد” ازاء احتمال انهيار اتفاق وقف الاعمال القتالية.

وفي جنيف، حيث تواجه المفاوضات غير المباشرة رغم استمرارها مأزقا، اعتبر موفد الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا الجمعة ان “خطرا شديدا” يحيط باتفاق الهدنة.

وتستمر هذه المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة حتى الاربعاء رغم تعليق وفد المعارضة الاساسي مشاركته فيها.

وعلقت الهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لاطياف واسعة من المعارضة السياسية والعسكرية، منذ ايام، مشاركتها الرسمية في جولة المفاوضات احتجاجا على تدهور الاوضاع الانسانية وانتهاكات لاتفاق وقف الاعمال القتالية تتهم بها قوات النظام.

ولم يبق في جنيف سوى وفد الحكومة السوري ووفد من المعارضة المقربة من موسكو وشخصيات ممثلة لمؤتمر القاهرة ووفد آخر من معارضة الداخل، ووفد تقني تابعة للهيئة العليا للمفاوضات.

واستهلت الامم المتحدة في 13 نيسان/ابريل جولة صعبة من المحادثات في جنيف، تصطدم بتمسك طرفي النزاع بمواقفهما حيال مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد.

وتطالب الهيئة العليا للمفاوضات بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات مشترطة رحيل الاسد مع بدء المرحلة الانتقالية، في حين يصر الوفد الحكومي على ان مستقبل الاسد ليس موضع نقاش في جنيف مقترحا تشكيل حكومة وحدة موسعة تضم ممثلين عن المعارضة “الوطنية” وعن السلطة الحالية.

وفي ظل وضع ميداني وسياسي معقد، تشهد مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا توترا امنيا حيث تسري هدنة تم الاتفاق عليها الجمعة بعد اشتباكات استمرت يومين بين قوات النظام السوري ومقاتلين اكراد.

ويعقد مسؤولون في الحكومة السورية واكراد السبت اجتماعا ثانيا لمواصلة محادثات حول الهدنة ستتركز، وفق مصدر امني، على “تبادل المقاتلين الاسرى من الجانبين واعادة النقاط التابعة للحكومة التى تقدمت فيها القوات الكردية”.

وخلال السنوات الخمس من النزاع الدامي الذي اسفر عن مقتل اكثر من 270 الف شخص، ازداد المشهد السوري تعقيدا، وتعددت اطرافه بين قوات نظامية ومجموعات موالية لها، وجهاديين وفصائل مقاتلة واكراد.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية