مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مناصرو الحريري يستقبلونه بالهتافات والدموع في بيروت

رئيس الحكومة اللبنانية سعد الدين الحريري يلقي كلمة امام انصاره في بيروت في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 2017 afp_tickers

ما أن أطل رئيس الحكومة سعد الحريري أمام مناصريه في وسط بيروت بعد نحو ثلاثة أسابيع من استقالته المفاجئة، حتى ألهب الحاضرين حماسة، وانطلقت هتافات التأييد والاناشيد الداعمة له، من دون ان تغيب دموع التأثر.

وتوافد المئات من مناصري تيار المستقبل الذي يرئسه الحريري، من رجال ونساء وأطفال من مناطق عدة، الى دارته المعروفة باسم بيت الوسط، رافعين أعلام التيار والشعارات المؤيدة على غرار “أنت أو لا أحد” و”عالحلوة والمرة معك”.

وقدم الحريري استقالته من رئاسة الحكومة بشكل مفاجئ في الرابع من الشهر الحالي من الرياض، في خطوة أثارت صدمة واسعة في لبنان، لدى حلفائه وبيته الداخلي كما لدى خصومه، جراء الغموض الذي أحاط بها.

وتوجه الحريري بعد أسبوعين من استقالته الى باريس اثر وساطة فرنسية بعد تداول سيناريوهات وشكوك حول “احتجازه” في السعودية، التي تعد حليفته التقليدية ولطالما قدمت له الدعم السياسي والمالي.

وعلى إيقاع الأغاني الحماسية والأناشيد، بالكاد تمكنت منى صباغ من حبس دموعها.

وتقول السيدة البيروتية في الأربعينات من العمر وقد ارتدت قميصاً قطنياً طبعت عليه صورة تجمعها بالحريري “كنا خائفين وقلقين للغاية”.

وتضيف “كلهم اليوم معه، ليس الشعب اللبناني فحسب بل العالم أجمع” معتبرة أن “لبنان كبر به”.

وبعد اعلانه الاستقالة، تم التداول بشائعات وسيناريوهات متعددة حول وجوده في “الاقامة الجبرية” أو توقيفه في السعودية، ما دفع أطرافاً خارجية الى التعبير عن قلقها. وعمت التساؤلات والشائعات الشارع اللبناني حول مصيره.

وأثمرت وساطة فرنسية انتقال الحريري الى باريس قبل أن يعود أدراجه الى بيروت الثلاثاء في رحلة تخللها توقف لساعات في القاهرة ولارنكا.

– “لحظة لن أنساها” –

وأعلن الحريري الأربعاء من القصر الجمهوري، قبيل بدء الاستقبالات بمناسبة عيد الاستقلال، أنه سيتريث في المضي بتقديم استقالته رسمياً، نزولاً عند طلب الرئيس اللبناني لافساح المجال أمام مزيد من التشاور مع القوى السياسية حول القضايا الخلافية، إلا أنه لم يتحدث عن ظروف اقامته في السعودية طوال أسبوعين.

وأطل الحريري بعد ظهر الأربعاء من مدخل بيت الوسط، مرتدياً ثياباً غير رسمية، ليلهب حماسة مناصريه الذين رددوا الهتافات الداعمة من بينها “سعد سعد سعد” و”بالروح بالدم نفديك يا سعد” قبل أن يقاطعهم قائلاً “هذه اللحظة لا يمكن أن أنساها، أنا بالروح والدم أفديكم”.

وكادت الهواتف الذكية التي رفعها المحتشدون لتوثيق تلك اللحظات أن تحجب رؤية الحريري الذي خاطبهم قائلاً “هذه لحظة اللقاء مع الأحباب، مع الأهل الحقيقيين”.

وبخلاف الملامح المتعبة التي ارتسمت على وجهه في المقابلة الوحيدة التي أدلى بها بعد أسبوع من استقالته في الرياض، بدا الحريري أمام مناصريه مفعماً بالنشاط والحيوية. لم تفارق الابتسامة وجهه وهو يلوح لهم ثم يسير بينهم من دون أن يتردد في التقاط صور السلفي معهم.

ويقول علي الذي جاء من بلدة برجا الواقعة جنوب بيروت لفرانس برس إن الحريري “وجه السلام.. وقد أعاد الروح للبلد”.

وعلى بعد امتار منه، يعتبر الشاب محمد الخليل (23 عاماً) أن “عودة الحريري تعني عودة لبنان”.

ووجه الحريري الذي وصل الى رئاسة الحكومة قبل عام بموجب تسوية أتت بعون رئيساً للبلاد، في بيان استقالته، انتقادات لاذعة الى كل من إيران وحزب الله، أبرز مكونات حكومته. واتهم الأخير بـ”فرض أمر واقع بقوة سلاحه” في لبنان.

ويقول محمد الناشط في تيار المستقبل “يجب أن يكون هناك سلاح واحد هو سلاح الجيش اللبناني”.

ويمتلك حزب الله المدعوم من طهران ترسانة ضخمة من السلاح، تشكل مادة خلافية في لبنان، عدا عن الانقسام ازاء مشاركته في القتال الى جانب قوات النظام في سوريا.

– “الاستقلال الحقيقي”-

على مدى ساعات، لم تتوقف مكبرات الصوت عن بث الأناشيد والأغاني ترحيباً بالحريري وتأكيداً على الوفاء له.

وسطع نجم سعد الحريري (47 عاماً) في العام 2005، كزعيم سياسي بعدما قاد فريق “قوى 14 آذار” المعادي لسوريا الى فوز كبير في البرلمان، ساعده في ذلك التعاطف معه بعد مقتل والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في تفجير مروع في وسط بيروت، والضغط الشعبي الذي تلاه وساهم في إخراج الجيش السوري من لبنان بعد نحو ثلاثين سنة من تواجده فيه.

واذا كان البعض من مناصريه يشككون في صحة السيناريوهات حول ظروف “احتجازه” في السعودية قبل نجاح الوساطة الفرنسية، تعتري الحيرة بعضهم الآخر.

وتقول هلا (32 عاماً) لفرانس برس “عودته مهمة جداً رغم أننا لم نفهم أشياء كثيرة”.

ووفقاً للمحامية ندى ربعة (48 عاماً) “لم تكن الأسابيع الثلاثة الأخيرة سهلة”.

وتوضح لفرانس برس “كما لو أننا في حالة حرب وثمة عائلات كانت تستعد للمغادرة والكل يسأل أين دولة الرئيس”.

وتزامن لقاء الحريري بمناصريه مع احتفال لبنان باستقلاله عن الانتداب الفرنسي. ولا تتردد هذه السيدة في التنويه بدور باريس الفاعل في عودة الحريري.

وتقول بحماس إن اليوم هو “الاستقلال الحقيقي بعدما أعاد الرئيس (ايمانويل) ماكرون سعد الحريري” الى بيروت.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية