مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تجتمع الاثنين لبحث الهجوم في سوريا

مقر منظمة حظر الاسلحة الكيميائية في لاهاي في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 afp_tickers

عقدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الاثنين اجتماعا طارئا في لاهاي حول الهجوم الكيميائي المفترض على مدينة دوما قرب دمشق، حيث بدأت بعثة تقصي الحقائق التابعة لها عملها الميداني.

وبعد يومين على ضربات غربية استهدفت مواقع سورية مستبقة نتائج التحقيق، توافد سفراء دول عدة، بينهم فرنسا وبريطانيا وروسيا، إلى مقر منظمة حظر الاسلحة الكيميائية، الحائزة على نوبل للسلام بفضل عملها في سوريا، لعقد لقاءات خلف الأبواب المغلقة.

ووصل فريق تقصي الحقائق الى دمشق ظهر السبت بعد ساعات على الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا فجراً ودمرت ثلاثة مواقع يشتبه بأنها مرتبطة ببرنامج السلاح الكيميائي السوري.

وقال السفير الفرنسي فيليب لاليو خلال اجتماع لاهاي إن “الأولوية اليوم تكمن في منح اللجنة الفنية (في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية) الوسائل لإنجاز تفكيك البرنامج السوري”، مضيفاً “نعلم جميعا أن سوريا أبقت على برنامج كيميائي سري منذ 2013” عند انضمامها إلى اتفاقية حظر الاسلحة الكيميائية وتدمير ترسانتها.

وكان من المتوقع أن يبدأ فريق تقصي الحقائق عمله الميداني الأحد، إلا أنه عقد لقاءات مع مسؤولين سوريين في دمشق وسط تعتيم اعلامي من الطرفين حول برنامج عمله للتحقيق في الهجوم الكيميائي المفترض في دوما الذي ادى في السابع من نيسان/أبريل الى مقتل أربعين شخصاً، وفق مسعفين وأطباء محليين.

واتهمت الدول الغربية دمشق باستخدام غازي الكلور والسارين في الهجوم فيما تنفي دمشق وحليفتها موسكو استخدام أسلحة كيميائية.

وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الاثنين “تم عقد عدة اجتماعات مع الوفد نوقش خلالها التعاون بين الجانبين لتنفيذ المهمة المطلوبة بدقة وشفافية وحيادية”، مضيفا أن بلاده “شددت في هذه الاجتماعات على استعدادها التام للتعاون ولتوفير كل التسهيلات اللازمة لوفد تقصي الحقائق للقيام بمهامه”.

وكانت دمشق الاسبوع الماضي دعت المنظمة لزيارة دوما، كما اتهمت الدول الغربية بشن الضربات لاعاقة عمل بعثة تقصي الحقائق.

– “مسرحية درامية” –

وتواجه البعثة مهمة صعبة في سوريا بعدما استبقت كل الأطراف الرئيسية نتائج التحقيق، بما فيها الدول الغربية. وتتعلق المخاطر أيضاً باحتمال العبث بالأدلة في موقع الهجوم المفترض في دوما التي دخلتها قوات روسية وسورية بعد ساعات من الضربات الغربية.

ويهدف عمل البعثة بالدرجة الأولى الى تحديد ما اذا كان تم استخدام مواد كيميائية، ولا يقع على عاتقها تحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم.

وتعهدت موسكو الاثنين بعدم التدخل في عمل البعثة. وأوردت سفارتها في لاهاي على موقع تويتر أن “روسيا تؤكد التزامها ضمان سلامة وأمن البعثة ولن تتدخل في عملها”.

وفي دمشق، تجمع آلاف الأشخاص في ساحة الأمويين لتأكيد دعمهم للرئيس السوري بشار الأسد بعد يومين على الضربات الغربية وعلى اعلان الجيش السوري استعادة كافة الغوطة الشرقية بعد انتهاء عملية اجلاء آخر المقاتلين المعارضين من مدينة دوما.

وفيما أشادت واشنطن بالضربات معتبرة أنها حققت “أفضل” نتيجة ممكنة، قللت كل من السلطات السورية وفصائل المعارضة من تداعياتها، خصوصاً أن المواقع المستهدفة كانت خالية بعدما بلغت الدول الغربية روسيا بأمرها.

واعتبر الرئيس الأميركي أن الضربة تمت “بشكل مثالي”، وكتب على تويتر “المهمة انجزت”، في عبارة اثارت انتقادات كونها ذكّرت باعلان الرئيس الاميركي الاسبق جورج دبليو بوش السابق لاوانه الانتصار في الحرب في العراق في 2003.

وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن ضربات جديدة ضد سوريا ستحدث “فوضى” في العلاقات الدولية، فيما أكد البنتاغون أنه لا يعتزم ذلك.

ويقول الدبلوماسي الأميركي السابق في معهد الاطلسي للدراسات نبيل خوري أن “الخلاصة بالنسبة لي أن الضربة الأخيرة لم تغير شيئاً”، مضيفاً “أعتقد أنها كانت مسرحية دراما قادها ترامب وبوتين لحفظ ماء الوجه”.

ورأى مراقبون عدة أن الأسد خرج أقوى بعد الضربات كونها اظهرت عدم قدرة الغرب او حتى عدم استعداده للاطاحة به.

وبدا أن الدول الغربية وضعت الجهود الدبلوماسية نصب اهتمامها، وستجري مناقشات في مجلس الأمن اعتبارا من الاثنين حول مسودة قرار جديدة بشأن سوريا قدمها الأميركيون والفرنسيون والبريطانيون بعد ساعات من الضربات، تنص بصورة خاصة على إنشاء آلية تحقيق جديدة تتعلق باستخدام أسلحة كيميائية في سوريا.

– مهمة واشنطن “لم تتغير” –

من جهة أخرى، لا يزال الغموض يحيط باستراتيجية واشنطن حيال سوريا، إذ أكد البيت الأبيض الأحد أن ترامب مصمم على سحب قواته في أقرب وقت ممكن، بعد ساعات من اعلان نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس أقنعته بالبقاء “لمدة طويلة”.

وقالت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية ساره ساندرز إن “الرئيس كان واضحا، إنه يريد ان تعود القوات الاميركية باقرب وقت ممكن الى الوطن”.

وجاءت تصريحات المتحدثة بشأن الانسحاب لتتناقض مع ما أعلنه ماكرون في مقابلة تلفزيونية مطولة مساء الأحد، مؤكداً أنه أقنع ترامب بعدم سحب القوات الأميركية من الأراضي السورية.

وقال ماكرون إن ترامب بات الآن مقتنعاً بضرورة الإبقاء على الوجود الأميركي في سوريا، موضحاً “قبل عشرة أيام قال الرئيس ترامب إنّ الولايات المتحدة تريد الانسحاب من سوريا (…) أؤكد لكم أننا أقنعناه بضرورة البقاء مدة طويلة”.

وأضاف معلقاً على الضربات “لقد نجحنا في العملية على الصعيد العسكري”، لكنه شدد على أنها لا تشكل إعلان حرب على سوريا.

وأشار إلى أن “الهدف هو بناء ما يسمى بالحل السياسي الشامل”، ملمحاً إلى أنه لا يرغب في رحيل فوري للأسد عن السلطة.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية