مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

منفذا اعتداء الكنيسة بايعا تنظيم الدولة الاسلامية وفرنسا تعلن الوحدة

شرطي فرنسي امام الكنيسة في سانت اتيان دو روفريه في 27 تموز/يوليو 2016 afp_tickers

بث تنظيم الدولة الاسلامية مساء الاربعاء شريط فيديو يظهر شابين قدمهما كمنفذي الهجوم على الكنيسة في شمال غرب فرنسا، يبايعان زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي، في حين اعلن قادة فرنسا السياسيون والدينيون وقوفهم صفا واحدا.

ويظهر الفيديو الذي نشرته وكالة “اعماق” المقربة من التنظيم شابين عرفا عن نفسيهما باسمي ابو عمر وابو جليل الحنفي بجوار راية التنظيم، احدهما يقرأ بصعوبة نصا بالعربية لمبايعة “أمير المؤمنين”.

هاجم رجلان احدهما الفرنسي من اصل جزائري عادل كرميش الثلاثاء كنيسة سانت اتيان دو روفريه وذبحا كاهنا واصابا شخصا بجروح خطيرة خلال احتجاز رهائن. وتبنت الجماعة المتطرفة في اليوم ذاته الاعتداء عبر وكالة “اعماق” التابعة لها.

وشارك الرئيس فرنسوا هولاند ومسؤولون سياسيون من الاغلبية والمعارضة بينهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وممثلون عن كل الاديان الاربعاء في قداس على روح الاب جاك هاميل الذي كان في السادسة والثمانين من عمره في كاتدرائية نوتر دام دو باري معبرين عن وقوف فرنسا صفا واحدا بعد تعرضها لسلسلة اعتداءات.

وسادت اجواء من الحزن والمواساة القداس في مشهد يختلف عن الغضب والجدال الذي برز حول التدابير الامنية بعد اعتداء نيس في 14 تموز/يوليو والذي اوقع 84 قتيلا.

وصفق الحضور للرئيس هولاند ورئيس اساقفة باريس اندريه فان تروا قبل خروجهما من الكنيسة.

وخلال اجتماعهم معه في قصر الإليزيه الأربعاء، عبر ممثلو مختلف الديانات عن موقف موحد وطلبوا من الرئيس تشديد الإجراءات الأمنية حول أماكن العبادة.

واستنكر عميد مسجد باريس دليل بوبكر “باسم مسلمي فرنسا” الاعتداء الذي وصفه بانه “انتهاك للحرمات مخالف لكل تعاليم ديننا”. واعتبر رئيس أساقفة باريس المونسنيور اندريه فان تروا أن على المؤمنين في فرنسا “ألا ينجروا الى اللعبة السياسية” لتنظيم الدولة الإسلامية الذي “يسعى الى تأليب أبناء العائلة الواحدة، الواحد ضد الآخر”.

وفي طريقه الى كراكوفيا للمشاركة في بولندا في يوم الشباب العالمي قال البابا فرنسيس “هناك كلمة تتكرر كثيرًا وهي كلمة عدم الأمان ولكن الكلمة الحقيقيّة هي كلمة حرب. نقول منذ بعض الوقت أننا نعيش حربًا مجزّأة؛ وعندما أقول حرب لا أعني حربًا دينيّة وإنما حرب مصالح وحرب من أجل المال ومن أجل الموارد الطبيعيّة. فالحرب ليست حرب أديان لأن الأديان كلها وجميعنا نريد السلام”.

– اضطراب في السلوك –

في هذه الاثناء، كشف التحقيق ان عادل كرميش الذي كان يبلغ التاسعة عشرة من عمره ويعيش بالقرب من الكنيسة التي استهدفها الاعتداء هو ابن اسرة جزائرية كثيرة العدد لا مشاكل لديها. ولكنه كان يعاني من اضطرابات في السلوك.

وقال ممثل للمسلمين في المدينة ان العائلة كشفت تطرفه وابدت قلقها من المستوى الذي انحدر اليه ابنها.

وكان عادل كرميش معروفا لدى اجهزة الامن حيث حاول مرتين التوجه الى سوريا وكان يخضع للمراقبة بسوار الكتروني حين نفذ الاعتداء.

ولم يعرف عن شريكه سوى انه في التاسعة عشرة من عمره واسمه عبد الملك ب.

وامام مطالبة اليمين بتشديد قانون مكافحة الارهاب، رفض وزير الداخلية برنار كازنوف مقترح احتجاز الأشخاص المعروفين بنزوعهم الى التطرف باعتباره “مخالفا للدستور” وبانه “لن يكون فعالا على الاطلاق”.

وردا على اتهام عدد من نواب اليمين في نيس بانه كذب بشأن التدابير الامنية ليل 14 تموز/يوليو عندما قام تونسي بقتل 84 شخصا دهسا بشاحنة، جاء تقرير للشرطة الوطنية ليدعم موقف الوزير بالقول ان الانتشار الامني كان مناسبا.

وتواجه دعوات هولاند الى التضامن واللحمة صعوبات نظرا لتدني شعبيته وازاء تشدد المواقع مع اقتراب انتخابات 2017 الرئاسية.

– عدم الرضوخ –

وطالبت الصحافة الفرنسية بمجملها الحكومة باتخاذ “اجراءات”، ودعت الفرنسيين الى “الوقوف صفا واحدا” فيما تتزايد الاعتداءات منذ 18 شهرا ضد البلاد المنخرطة في التحالف العسكري الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.

وهذه هي المرة الأولى التي يهاجم جهاديون مكان عبادة كاثوليكيا في أوروبا.

وكتبت صحيفة “لوموند” الاربعاء ان “عدم الرضوخ بتاتا هو اول فعل مقاوم لمجتمع مثل مجتمعنا – وهو امر مشرف له – واول هزيمة يتم الحاقها بالعدو”.

وفرنسا هي البلد الأوروبي الذي يضم أكبر جاليتين مسلمة ويهودية مع نحو خمسة ملايين مسلم وأكثر من 500 ألف يهودي.

اشاع مقتل الاب جاك هاميل صدمة لدى الفرنسيين على اختلاف انتماءاتهم. وتراكمت الورود البيضاء والألعاب والشموع الاربعاء امام مدخل بلدية سانت اتيان دو روفريه وتتالت رسائل التضامن ومنها “ما يمنع الناس من العيش معا هي حماقتهم وليست خلافاتهم”.

– خطر التطرف –

وقال مؤرخ الديانات الفرنسي اودون فاليه إن “الخطر الحقيقي هو ان يتجه قسم من الكاثوليك الى التطرف، لا سيما وان نسبة لا بأس بها منهم تدلي باصواتها للجبهة الوطنية” الحزب اليميني المتطرف.

وأضاف “قد نجد انفسنا بعد اليوم امام موقف كاثوليكي لا يعبر عن الجميع وانما عن فئة كبيرة تطالب بإتخاد إجراءات أكثر تشددا حيال التطرف الإسلامي العنيف، مع خطر مهاجمة المسلمين. وهذا ما يسعى إليه داعش: الانقسام وتحريض المسلمين على الكاثوليك”.

تعرضت فرنسا لثلاثة اعتداءات خلال 18 شهرا قتل فيها 17 شخصا في كانون الثاني/يناير 2015، و130 في تشرين الثاني/نوفمبر، و84 في تموز/يوليو 2016. وتخضع لحالة الطوارىء التي يتم تمديدها كل ثلاثة اشهر.

وقال هولاند الثلاثاء ان مستوى التهديد لا يزال “مرتفعا جدا” في فرنسا.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية