مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مهربو المخدرات ينشطون في بنغلادش مستفيدين من ازمة الروهينغا

صورة ملتقطة في 6 نيسان/أبريل 2018 لأفراد من حرس الحدود البنغلاديشيين يفتشون قارب صيد أثناء قيامهم بدوريتهم على طول نهر ناف في تكناف على طول الحدود بين ميانمار وبنغلادش. afp_tickers

لا شيء يوقف المخدرات. فمادة الميثامفيتامين التي يجرى انتاجها في بورما، ما زالت تعبر الى بنغلادش على رغم ازمة الروهينغا. فهؤلاء اللاجئون المسلمون هم يد عاملة سهلة للمهربين الذين غالبا ما يكونون بوذيين او جنودا بورميين.

فالحبوب الحمراء الصغيرة المسماة “يابا”، المعروفة جيدا في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا منذ عقود، تصل منذ أشهر بكميات غير مسبوقة الى بنغلاديش. وهذا يتزامن مع وصول أكثر من 700 الف من الروهينغا الفارين في اطار ما تعتبره الامم المتحدة تطهيرا عرقيا في بورما.

واعتبر توفيق الدين احمد، من دائرة مراقبة المخدرات في بنغلادش، ان حوالى “250 الى 300 مليون حبة تناهز قيمتها 600 مليون دولار” ستدخل البلاد هذه السنة. اي اكثر 10 مرات من 2017.

وتترافق عمليات التهريب في اغلب الاحيان مع اطلاق نار وعمليات خطف وابتزاز، ما يزيد من معاناة اللاجئين الروهينغا .

وفي مقاطعة كوكس بازار في بنغلادش، حيث يعيش معظم اللاجئين الروهينغا، تكثفت المداهمات بحثا عن المهربين لوقف تجارة المخدرات.

ففي 15 اذار/مارس، ترك مهربون 1،8 مليون حبة من الميثامفيتامين على ضفاف نهر ناف، الحدود الطبيعية بين بورما وبنغلادش.

وفي اواخر نيسان/ابريل، عثر ايضا على 900 الف حبة في مراكب.

وفي 7 ايار/مايو، اعتقل جندي بورمي وفي حوزته حوالى 200 الف حبة من

الميثامفيتامين في ولاية راخين (غرب بورما)، التي شهدت عمليات العنف بحق الروهينغا. كما عثر لاحقا على 1،7 مليون حبة من الميثامفيتامين بعد ذلك في مخبأ للجندي نفسه.

وفي بنغلادش، تأتي جميع حبوب “يابا” تقريبا من بورما التي تمتلك عشرات المختبرات الصغيرة في مناطق تشهد حركات تمرد اتنية مسلحة.

وقال قائد حرس الحدود في بنغلادش اسد الزمان شودوري، ان “التهريب يتيح الحصول بسهولة على المال. وبما انه لا تتاح للروهينغا امكانية أخرى من اجل البقاء، فانهم يتحولون الى مهربين”.

واعتقل اكثر من مئة من الروهينغا بتهمة التهريب منذ آب/اغسطس الماضي، كما تفيد الشرطة الاقليمية.

– عدم الاستقرار يزيد من التهريب-

وقال عبد السلام، أحد قادة مجموعة الروهينغا في مخيم شاملابور، ان “من السهولة بمكان استغلال اللاجئين”. واضاف ان “كثيرين من الشبان يقعون في فخ بارونات المخدرات”.

وفي غرب بورما، يمتهن بوذيون من اتنية الراخين ايضا التهريب، فيعوضون بذلك عن الفراغ الذي تركه الروهينغا الفارون.

وهذا دليل في نظر اسد الزمان شودوري، على أن لا احد في هذا المجال “يبدي اهتماما حيال من هو من الروهينغا ومن هو بوذي”.

وعزز عدم الاستقرار عمليات التهريب.

وفي اواخر نيسان/ابريل، كانت وكالة فرانس برس شاهدا على عمليتي ضبط مخدرات على طول الطريق التي تربط مدينة كوكس بازار بتكناف، القريبة من المخيمات.

فالحزمة الأولى المخبأة تحت مقعد حافلة، كانت تضم 12 الف حبة بنكهة الفانيلا. وبعد قليل، اوقفت امرأة كانت مسافرة برفقة طفل مع المخدر المخبأ في اكياس فاكهة.

ومن تكناف، تُرى ولاية راخين، احدى مناطق بورما التي تحولت بؤرة عنف ضد الروهينغا، بالعين المجردة، من الضفة الأخرى للنهر.

وفي العام الماضي، رأى البنغلادشيون من هنا، القرى المحترقة ثم مراكب الروهينغا المرعوبين تتدفق.

واليوم، تتحدى السفن المليئة بالمخدرات مراكز المراقبة ودوريات شرطة الحدود.

لكن الارقام تثبت ان كل شيء بدأ منذ 2012 خلال اعمال العنف السابقة ضد الروهينغا في بورما.

وتقول السلطات البورمية ان 200 الف قرص قد ضبطت في ولاية راخين في تلك السنة. وفي 2016، ارتفع العدد الى 58 مليونا.

في هذا الوقت، ازداد الجيش قوة في المنطقة وعمل الكثير من الجنود في التهريب لزيادة دخلهم.

وفي الاول من تشرين الاول/اكتوبر 2017، في ذروة الأزمة، اعتقل جنديان بورميان في مدينة مونغداو بولاية راخين وفي حوزتهما حوالى مليوني قرص من اليابا تناهز قيمتها 2،2 مليون يورو في السوق المحلية.

وفي 24 اذار/مارس، اعتقل نجل موظف في مونغداو وفي حوزته 650 الف حبة من مادة الميثامفيتامين.

– لا شعور بالامان-

وتقول مصادر الشرطة البورمية ان مختلف المجموعات المسلحة، من المسلمين الروهينغا الى البوذيين الراخين، متورطون جميعا في هذه التجارة وفي عمليات “شراء اسلحة”.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال زعيم روهينغي يعيش في بنغلادش “دخلت في هذه التجارة قبل خمس سنوات بعدما التقيت رجلا واسع النفوذ في المنطقة”.

وأتاحت له الاموال التي ربحها نقل عائلته التي كانت تعيش في مخيم الى شقة في مدينة كوكس بازار.

وقال “لو لم افعل ذلك، فان شخصا آخر كان سيفعله”.

لكن تزايد عمليات التهريب تؤدي الى ازدياد اعمال العنف في المنطقة. وتقول الشرطة البنغلادشية ان عددا كبيرا من جرائم القتل في المخيمات على صلة بالمخدرات.

وتدخل الأم انوارا بيجوم اصبعها في ثقب قميص تي شيرت لابنها الذي قتل بالرصاص في اذار/مارس في زقاق بمخيم نيابارا. وتعتقد الشرطة ان ما حصل تصفية حسابات، لكن العائلة لا تشاطرها الرأي.

وقال شقيقه الكبير حسن علي (32 عاما) ان “ثلاثين او اربعين شخصا في كل مخيم هم عناصر عصابات… ثمة اسلحة هنا”. واضاف “لا اشعر اني في امان، لكن ليس متاحا لنا الذهاب الى مكان آخر”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية