مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ميركل تقوم بمحاولة اخيرة لتشكيل حكومة وتجنب ازمة

المستشارة الالمانية انغيلا ميركل تصل الى مقر حزبها الاتحاد الديموقراطي المسيحي في برلين في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 afp_tickers

استمرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الأحد ببذل جهود حثيثة لمنع انهيار مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي قد تدفع بحال فشلها لاجراء انتخابات جديدة وادخال المانيا واوروبا في مرحلة من الاضطراب السياسي.

وكانت انتخابات ايلول/سبتمبر الماضي قد أضعفت الزعيمة المخضرمة وتركتها بدون غالبية مطلقة في البرلمان، مع تحول جزء من ناخبيها الى حزب “البديل من أجل المانيا” اليميني المتطرف بعدما اغضبتهم سياستها المتحررة تجاه اللاجئين.

ويثبت القرار المثير للجدل بالسماح بدخول أكثر من مليون لاجىء سياسي منذ عام 2015 انه مجددا حجر عثرة في وجه تشكيل ائتلاف بين احزاب من اليمين واليسار في الطيف السياسي الالماني.

ويحاول حزب ميركل “الاتحاد الديموقراطي المسيحي” المحافظ وحليفه البافاري حزب “الاتحاد الاجتماعي المسيحي” ايجاد ارضية مشتركة مع الحزب الديموقراطي الحر القريب من عالم الاعمال والخضر.

وحدد زعماء الاحزاب في البداية الساعة 18,00 (17,00 ت غ) من يوم الاحد للتوصل الى توافق، لكن المهلة مرت بدون تحقيق اي اختراق. وهذا التمديد هو الثاني بعد مفاوضات الخميس الماضي التي انتهت ايضا دون التوصل الى نتيجة.

والقضايا الخلافية كثيرة تبدأ من سياسة الهجرة الى البيئة والاولويات الضريبية واوروبا.

وكتبت صحيفة “بيلد” الواسعة الانتشار ان “الاخفاق في الافق”، في وقت تكهنت وسائل اعلام المانية بان الأحزاب يمكن ان تطلب مزيدا من الوقت لاستعراض خياراتها.

وفي حال لم يتم التوصل الى نتيجة، يفترض ان تعود المانيا الى صناديق الاقتراع مطلع 2018. وفي هذه الحالة، ستجري الانتخابات بدون ان تكون ميركل على رأس الاتحاد الديموقراطي المسيحي. لذلك يبدو مصيرها مرتبطا بنجاح المشاورات التي تجريها حاليا.

وبالرغم من فوز ميركل التي تحكم المانيا منذ 12 عاما في الانتخابات التشريعية نهاية ايلول/سبتمبر الماضي، الا ان نتيجة الاقتراع تعد الاسوأ في سجل المحافظين منذ عام 1949.

وحضت نائبة الحزب المسيحي الديموقراطي يوليا كلوكنر المفاوضين “على العمل معا والخروج بنتيجة”.

وبالنسبة الى ميركل التي ظلت لسنوات تهيمن على النقاشات داخل الاتحاد الاوروبي، فان هذا الاسبوع هو الأكثر اهمية في حياتها السياسية.

وكما قالت صحيفة بيلد “اليوم لا يتعلق فقط ب(الائتلاف)، لكنه ايضا يوم مصيري لأنغيلا ميركل. اذا فشلت في تشكيل ائتلاف، فان منصبها كمستشارة في خطر”.

وقال فرانك ديكير الخبير السياسي في جامعة “بون لقناة البرلمان الالماني التلفزيونية “فينيكس” انه “من مصلحة ميركل ولادة حكومة، لان اي فشل سيعني ايضا انتهاءها” سياسيا.

وكشف استطلاع للرأي نشرت صحيفة “دي فيلت” نتائجه الاحد ان 61,4 بالمئة من الالمان يعتقدون انها لا تستطيع ان تبقى في منصبها في حال اخفقت في مفاوضاتها لتشكيل ائتلاف حكومي.

-“لاانساني”

وتجري ميركل منذ اكثر من شهر مفاوضات شاقة جدا بهدف تشكيل تحالف مع الحزب الليبرالي الديموقراطي ودعاة حماية البيئة (الخضر)، وهو تحالف لم يختبر في المانيا من قبل.

تشكل سياسة الهجرة في المانيا العقبة الرئيسية في المفاوضات، وتعتبر موضوعا خلافيا رئيسيا منذ وصول عدد هائل من طالبي اللجوء الى البلاد.

ويسعى حزب “الاتحاد الاجتماعي المسيحي” الذي خسر في بافاريا امام “البديل من اجل المانيا” ان يحد من وصول المهاجرين الى 200 ألف مهاجر سنويا.

الخضر كانوا بحسب تقارير على استعداد للموافقة على مطلب الاتحاد ،لكن في المقابل اصروا أن يتمكن كل الأجانب الذين يتمتعون ب”وضع اللاجئين”، من لم شمل العائلات. حاليا، لا يستفيد من ذلك الا البعض.

لكن الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الديموقراطي الحرّ يرفضان ذلك بشدة.

وقال احد قادة الاتحاد الاجتماعي المسيحي الكسندر دوبريندت ان “القضية تتعلق بمعرفة ما اذا كنا نريد تشجيع صعود اكبر لليمين المتطرف في بلدنا”.

ويرى “الخضر” أن التمييز الحاصل “غير انساني” لأن اللاجئين السوريين الذين هربوا من الحرب الأهلية لا يمكنهم الاستفادة من ذلك.

-“ائتلاف ام انعدام ثقة”

رغم ذلك فان الرئيس الألماني فرانك-والتر شتاينماير قال لصحيفة “فيلت ام سونتاغ” انه “لا حاجة للبدء باجراء نقاشات تثير ذعر حول انتخابات جديدة”.

واضاف ان “كل الأطراف على دراية بمسؤولياتهم. وهذه المسؤولية تعني عدم اعادة التفويض الى الناخبين”.

ويبدو ان لا شهية لدى الناخب الالماني لاجراء انتخابات جديدة في حال فشلت المفاوضات، فقد اظهر استفتاء ل”بيلد” ان 50% يعارضون اعادة اجراء انتخابات مقابل 47%.

وفي حال نجاح الائتلاف المفترض الذي يطلق عليه اسم “ائتلاف جامايكا”، لان الوان علم جامايكا الوطني تجمع كل الوان اعلام الأحزاب المشاركة في المفاوضات، فان هذا الائتلاف سيكون الأول من نوعه على مستوى وطني.

لكن السؤال يبقى حول مدى صلابة هذا الائتلاف.

وقالت رئيسة كتلة الاشتراكيين الديموقراطيين البرلمانية اندريا ناليس لمجموعة “فانكي” الاعلامية انها تعتقد ان تحالفا كهذا سيكون “ائتلافا من انعدام الثقة، حيث سيكون هناك أزمات مستمرة، ويلعب كل فريق أوراقه الخاصة دون ان يكون هناك امكانية للعمل كفريق”.

وفي حال الفشل، ستبدأ مرحلة غموض سياسي كبير في المانيا واوروبا، حيث ينتظر شركاء برلين لمعرفة من سيعمل معهم على مشاريع انعاش الاتحاد الاوروبي ومنطقة اليورو والتي تناقش منذ اسابيع.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية