مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ميركل والحملة الانتخابية “الغريبة” في المانيا

المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تلقي خطابا خلال أولى فعاليات الحملة الانتخابية من تنظيم الاتحاد الديموقراطي المسيحي في دورتموند يوم 12 آب/أغسطس 2017 afp_tickers

قبل ستة اسابيع من الانتخابات التشريعية، اطلقت انغيلا ميركل اخيرا السبت حملتها الانتخابية، التي يتبين انها بسيطة طالما ان المستشارة تبدو واثقة من الفوز ولا مجال للاطاحة بها.

ففي دورتموند غرب البلاد، لبت الزعيمة المحافظة دعوة الجناح الاجتماعي في حزبها “الاتحاد المسيحي الديموقراطي”، وركزت مداخلتها على مسألة العمالة، مع العلم ان الوضع الجيد لسوق العمل الألمانية يتيح لها توقع الفوز بولاية رابعة على التوالي.

ودافعت ميركل عن حصيلة ولايتها التي انخفض فيها إلى النصف عدد العاطلين عن العمل منذ العام 2005، مشددة على هدف “العمالة الكاملة بحلول العام 2025″، ما يعني خفض معدل البطالة الى ما دون 3 %.

وقالت المستشارة الألمانية “أظن أن بوسعنا مواجهة هذا التحدي”، في عبارة تذكر بتلك المستخدمة عام 2015 في ظل التحدي القاضي باستقبال مئات الآلاف من اللاجئين.

وبدا الارتياح واضحا على ميركل التي اختارت لهذه المناسبة بزة رمادية اللون.

وكعادتها تجنبت ميركل تفصيل الاجراءات التي ستتخذها لخفض معدل البطالة الى ما دون 3%، وهو الهدف الذي ادرجته في البرنامج الاقتصادي للتحالف القائم بين الاتحاد المسيحي الديموقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي، الذي اعلن عنه في مطلع تموز/يوليو الماضي.

غير أنها تطرقت إلى الجهود المنوي بذلها لخفض عدد العاطلين عن العمل منذ فترة طويلة (أكثر من سنة)، علما أن عددهم يتخطى المليون.

ودافعت ميركل عن تدخل السياسة في سوق العمل لتنظيمها وتفادي التجاوزات.

– رفض المعركة –

ويختلف الوضع اليوم كثيرا عن مطلع العام عندما كان منافسها الاشتراكي الديموقراطي مارتن شولتز، قادرا كما كان يبدو على التفوق عليها. وتعطي استطلاعات الراي اليوم الاتحاد المسيحي الديموقراطي 37 الى 40% من الاصوات، مقابل 23 الى 25% للحزب الاشتراكي الديموقراطي.

إلا ان رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي لم يدخر جهدا للتميز عن المستشارة، رغم مشاركة حزبه في الائتلاف الحاكم، وقدم مقترحات لمعالجة اللامساواة الاجتماعية، وتنقل في انحاء المانيا للقاء الناخبين، واجرى عددا كبيرا من المقابلات.

وحاول شولتز ان يحدث صدمة باتهامه ميركل بتقويض المبادىء الديموقراطية من خلال رفضها المعركة.

واعلن في مقابلة مع “در شبيغل” ان “مستشارة لا تقول للناخبين ما تنوي القيام به، تهمل واجبها وتعرض للخطر مستقبل بلادنا”.

لكن هذه المحاولة لم تعط اي نتيجة. وكتب المعلق هربرت برانتل في صحيفة “سودويتش تسايتونغ” انه اذا كانت ميركل “مكتفية اليوم بما حققته من إنجازات” وترفض الدخول في الجدال ما يعرقل النقاش الديموقراطي، فان شولتز “يعطي الانطباع بأنه مغتاظ. انه يبدو كالولد الصغير الذي يبكي لان رفيقته لا تريد ان تلعب معه”.

وكشف برانتل ان “الحملة الانتخابية ليست حارة ولا باردة ولا حتى فاترة، انها لا شيء. انها بالتأكيد الحملة الانتخابية الاكثر غرابة في تاريخ الجمهورية”.

وتبدو المستشارة الألمانية ضمانة للاستقرار والنظام في عالم لا يزال يعتريه القلق. والاقتصاد الالماني على ما يرام، مع نمو ثابت وبطالة متدنية.

وحتى شولتز اضطر الى الاعتراف بأن المستشارة لا تخجل مما انجزته.

وأقر في المقابلة مع “در شبيغل” بأن من “الواضح ان انغيلا ميركل تتمتع بمزايا. نعم، صحيح ان المانيا على ما يرام”. لكنه اضاف “هذا لا يعني ان الجميع في المانيا على ما يرام”.

ويرى عدد كبير من المراقبين ان رهان الانتخابات في 24 ايلول/سبتمبر، هو معرفة هل ستشكل ميركل مرة جديدة ائتلافا مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي، وهل سيأتي دور الحزب الليبرالي الديموقراطي، او ان الخضر هم الذين سيدفنون الحكومة هذه المرة.

– عدم التراجع –

الا ان البعض مثل بيلا أندا، المتحدث السابق باسم المستشار غيرهارد شرودر، يريدون الاعتقاد بان الحزب الاشتراكي الديموقراطي ما زال قويا، مذكرين بأن الاتحاد المسيحي الديموقراطي بزعامة ميركل لم يتقدم في نتائج الانتخابات عام 2005 إلإ ب 0,7 نقطة، بعدما كان يتقدم ب18 نقطة في استطلاعات الراي قبل ستة اسابيع من الانتخابات.

ويدعو، عبر صحيفة بيلد اليومية الشعبية، المرشح الاشتراكي الديموقراطي الى “النضال”. واضاف “يتعين عليه الا يتراجع. يجب ان يقول للجميع: اريد تغيير الوضع”.

ويستطيع شولتز ان يفرح بعد تراجع شعبية المستشارة 10 نقاط هذا الاسبوع، لكن 59% من الألمان ما زالوا يؤيدونها.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية