مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نتانياهو يواجه احدى اسوأ الازمات مع الولايات المتحدة

رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو (يسار) يستمع للرئيس الاميركي باراك اوباما خلال لقاء في البيت الابيض في 2013 afp_tickers

يواجه بنيامين نتانياهو احدى اسوأ الازمات التي عرفها رئيس وزراء اسرائيلي في علاقاته مع البيت الابيض الذي لا يبدي اي استعداد لقبول اعتذاراته او تفسيراته للتصريحات التي ادلى بها في سياق الحملة الانتخابية.

ونشرت صحيفة وول ستريت جورنال الثلاثاء تقريرا قد يزيد من حدة الازمة يقول ان اسرائيل تجسست على المفاوضات حول الملف النووي الايراني بين طهران والقوى الكبرى.

ونفت اسرائيل هذه المزاعم على الفور مؤكدة انها “غير صحيحة” وانها لم تتجسس على الولايات المتحدة.

وافادت الصحيفة نقلا عن مسؤولين اميركيين سابقين وحاليين ان الهدف كان اختراق المحادثات من اجل اعتراض اي مسودة اتفاق.

وتابعت الصحيفة نقلا عن المصادر نفسها ان اسرائيل وبالاضافة الى التنصت، حصلت على معلومات من اجتماعات اميركية سرية ومخبرين ودبلوماسيين هي على اتصال بهم في اوروبا.

واضاف ان ما اثار غضب البيت الابيض خصوصا هو ان اسرائيل اطلعت اعضاء في الكونغرس الاميركي على معلومات سرية على امل نسف اي دعم للاتفاق الذي يهدف الى منع ايران من حيازة سلاح نووي.

ويعارض عدد كبير من الجمهوريين مثل هذا الاتفاق.

وكتبت الصحيفة نقلا عن مسؤول اميركي كبير ان “تقوم الولايات المتحدة واسرائيل بالتجسس على بعضهما البعض شيء وان تسرق اسرائيل اسرارا اميركية وتكشفها لاعضاء في الكونغرس من اجل تقويض الدبلوماسية الاميركية شيء اخر تماما”.

وكشفت وكالات الاستخبارات الاميركية التي تتجسس على اسرائيل العملية عندما رصدت محادثات هاتفية بين مسؤولين اسرائيليين. وتضمنت هذه الاتصالات تفاصيل يعتقد الاميركيون ان مصدرها لا يمكن ان يكون غير محادثات سرية، بحسب الصحيفة.

وقال يوفال شتاينيتز وزير الاستخبارات في الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة نتانياهو ان “اسرائيل لا تتجسس على الولايات المتحدة، نقطة على السطر”.

ونفى وزير الخارجية الاسرائيلي المنتهية ولايته افيغدور ليبرمان ما ذكرته الصحيفة.

وقال ليبرمان في اسرائيل “هذا التقرير غير صحيح. من الواضح ان لاسرائيل مصالح امنية عليها الدفاع عنها ولدينا وسائلنا للاستخبارات لكننا لا نتجسس على الولايات المتحدة. هناك ما يكفي من المشاركين في تلك المفاوضات، بمن فيهم الايرانيون”.

وتابع ليبرمان “لقد حصلنا على معلوماتنا الاستخباراتية من مصادر اخرى وليس من الولايات المتحدة. التعليمات واضحة منذ عقود: نحن لا نتجسس على الولايات المتحدة سواء بشكل مباشر او غير مباشر”.

من جهته، نفى رئيس مجلس النواب الاميركي الجمهوري جون باينر علمه بما نشرته وول ستريت جورنال وقال الثلاثاء “بصراحة، انا مصدوم بعض الشيء، لقد صدمني ما اشار اليه المقال عن نقل الاسرائيليين لمعلومات الى اعضاء في الكونغرس”.

واضاف “لست على علم باي شيء من هذا”.

وتهدف المفاوضات بين ايران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين بالاضافة الى المانيا) حول برنامج طهران النووي الى التوصل الى اتفاق سياسي قبل انتهاء المهلة المحددة في 31 اذار/مارس. وبعد ذلك، من المفترض ان يعمل المفاوضون للتوصل الى اتفاق نهائي يتضمن كافة المسائل التقنية بحلول الاول تموز/يوليو المقبل.

وخلال حملته الانتخابية، توجه نتانياهو الى واشنطن بدعوة من الجمهوريين والقى خطابا امام الكونغرس للتنديد بالمفاوضات مع ايران، ما اثار غضب البيت الابيض.

ومن جهته اكد جوناثان رينولد، الذي الف كتابا مؤخرا عن العلاقات الثنائية بين البلدين ان العلاقات بين الحليفين لم تكن اسوأ مما هي الان.

وقال لوكالة فرانس برس “الطابع العام لهذا العداء المتبادل (بين نتانياهو واوباما) يمثل ادنى مرحلة (في العلاقات). لا اعتقد انه كانت هناك انتقادات شخصية عنيفة بشكل عام في السابق”.

وكانت وزارة الخارجية الاميركية شككت في مصداقية نتانياهو وقالت “عندما تقول شيئا، فان الكلمات تهم. وعندما تقول شيئا مختلفا بعد يومين، ماذا ينبغي علينا ان نصدق؟(…) من يعلم؟ لا نستطيع قراءة افكاره”.

ويندرج هذا الموقف في اطار انتقاد واشنطن المستمر للمواقف التي ادلى بها نتانياهو في اطار حملته الانتخابية والتي اعلن فيها رفضه حل الدولتين، علما بانه سارع بعد فوزه في انتخابات 17 اذار/مارس التشريعية الى تبديل خطابه مؤكدا في مقابلات عدة مع وسائل اعلام اميركية انه لا يرفض في الواقع فكرة قيام دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل.

وادلى نتانياهو ايضا بتصريحات تنتقد تصويت العرب الاسرائيليين في الانتخابات التشريعية.

وقبل ساعات من اغلاق مكاتب الاقتراع، وجه نتانياهو نداء لتشجيع انصار حزبه الليكود على الاقتراع. وقال “اليمين في السلطة في خطر. ياتي الناخبون العرب باعداد كبيرة الى مكاتب الاقتراع. الكتل اليسارية تنقلهم في حافلات”.

واعتذر نتانياهو علنا الاثنين عن هذه التصريحات .

ودعا دنيس ماكدونو الامين العام للبيت الابيض في خطاب القاه في واشنطن نتانياهو الى “انهاء احتلال مستمر منذ خمسين عاما” للاراضي الفلسطينية.

ولم تخفف تصريحات نتانياهو من قلق البيت الابيض الذي اعلن عزمه على اعادة تقييم موقفه حيال اسرائيل في الامم المتحدة حيث واشنطن هي الداعم الاكبر للدولة العبرية.

وقالت صحيفة هارتس اليسارية ان كلمات الرئيس الاميركي “تظهر بوضوح حجم الاضرار الدبلوماسية وغيرها من الاضرار التي لحقت بصورة اسرائيل في الغرب”.

ويرى خبراء ان البيت الابيض يستغل هذه الظروف لممارسة ضغط على تشكيل الحكومة المقبلة لنتانياهو. وسيستقبل الرئيس الاسرائيلي رؤوفين ريفلين الاربعاء في الساعة 19,30 (17,30 ت غ) الشخص الذي اختاره لتاليف الحكومة، وفق ما اعلنت الرئاسة. وهذا الشخص سيكون على الارجح نتانياهو الذي ضمن منذ الاثنين غالبية يمينية واضحة في البرلمان.

الا ان صحيفة اسرائيل هايوم المجانية والمقربة من نتانياهو قالت ان تدخل البيت الابيض “تجاوز بالفعل كل الحدود”.

وبحسب الصحيفة فان “نتانياهو اعتذر. ماذا يريد البيت الابيض اكثر من هذا” مشيرة الى ان اوباما يرغب بحكومة يسارية في اسرائيل ولكن الناخبين الاسرائيليين قرروا عكس ذلك. واكدت ان على الادارة الاميركية “احترام الناخب الاسرائيلي”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية