مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هدنة في أفغانستان لثلاثة أيام بمناسبة عيد الفطر

أفغاني يؤدي الصلاة على هضبة قرب مدينة مزار الشريف في شمال أفغانستان في 15 أيار/مايو 2020. afp_tickers

أعلنت حركة طالبان الأفغانية السبت وقفاً لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من الأحد بمناسبة عيد الفطر، في مبادرة سارع الرئيس أشرف غني إلى الترحيب بها، مشيراً إلى أنّه أمر قواته بأن تلتزم بدورها هذه الهدنة.

وبعدما شنّت الحركة المتمرّدة خلال الأشهر القليلة الماضية سلسلة هجمات دامية على القوات الحكومية، قال المتحدّث باسمها ذبيح الله مجاهد في بيان إنّ “القيادة تطلب من كلّ مجاهدي الإمارة الإسلامية اتّخاذ إجراءات خاصّة لضمان سلامة مواطنيهم، وعدم شنّ أيّ عمليات هجومية على العدو في أيّ مكان كان”، مشدّداً في الوقت نفسه على حقّ مقاتلي طالبان في الدفاع عن أنفسهم إذا ما تعرضوا لأي هجوم.

وسارع الرئيس الأفغاني إلى الترحيب بمبادرة الحركة المتمرّدة.

وقال غني في تغريدة على تويتر “أرحّب بإعلان طالبان وقفاً لإطلاق النار”، مضيفاً “بصفتي القائد الأعلى للقوات المسلّحة، أمرت جنود القوات المسلحة الأفغانية بالالتزام بالهدنة لمدة ثلاثة أيام وبالدفاع عن أنفسهم حصراً في حال تعرّضهم لهجوم”.

– “فرصة مهمّة” –

بدورها رحّبت الولايات المتحدة بهذه الهدنة المفاجئة، معتبرة إيّاها “فرصة مهمّة ينبغي أن لا تفوّت”.

وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد في تغريدة على تويتر إنّ “الولايات المتّحدة ستقوم بدورها للمساعدة”، مشدّداً على أنّ هذه المبادرة “يجب أن تتبعها على الفور خطوات إيجابية أخرى: إطلاق الجانبين سراح السجناء المتبقّين على النحو المحدّد في الاتفاق المبرم بين الولايات المتّحدة وحركة طالبان، وعدم العودة إلى مستويات مرتفعة من العنف، والاتفاق على موعد جديد لبدء المفاوضات الأفغانية-الأفغانية”.

بدوره رحّب بالمبادرة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، معرباً عن أمله في أن “يغتنم كل الأطراف فرصة السلام هذه”.

وهذه أول مرة تبادر فيها طالبان، من تلقاء نفسها، إلى إعلان وقف لإطلاق النار، منذ أطاح بنظامها في نهاية 2001 تدخّل عسكري دولي بقيادة الولايات المتحدة.

وفي نهاية نيسان/أبريل رفضت طالبان دعوة أطلقها الرئيس الأفغاني أشرف غني لوقف إطلاق النار بمناسبة شهر رمضان. ويومها اعتبرت الحركة المتمرّدة دعوة غني “غير عقلانية وغير مقْنعة”.

وكثّفت طالبان هجماتها على القوات الأفغانية منذ وقّعت في نهاية شباط/فبراير في الدوحة اتفاقاً تاريخياً مع الولايات المتّحدة ينصّ على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان خلال 14 شهراً مقابل ضمانات أمنية.

ومنذ توقيعها اتّفاق الدوحة، شنّت طالبان أكثر من 3800 هجوم أسفرت عن مقتل 420 مدنياً وإصابة 906 آخرين، بحسب حصيلة نشرتها السلطات الأفغانية الإثنين.

وبحسب بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في أفغانستان (يوناما) فإنّ طالبان تتحمّل مسؤولية سقوط 208 ضحايا مدنيين في نيسان/أبريل، بزيادة نسبتها 25 بالمئة عن الشهر نفسه في 2019.

أما عدد الضحايا المدنيين الذين تسببت قوات الأمن الأفغانية بسقوطهم في نيسان/أبريل فبلغ 172، بزيادة نسبتها 38 بالمئة عن الشهر نفسه في العام الماضي.

– هدنة 2018 –

والرئيس أشرف غني الذي يطالب منذ سنوات بوقف لإطلاق النار بين القوات الحكومية ومقاتلي طالبان، نجح في حزيران/يونيو 2018 في إقرار هدنة لمدة ثلاثة أيام بمناسبة عيد الفطر احترمها الطرفان يومها.

وخلال تلك الهدنة، شهدت أفغانستان لحظات نادرة ومفاجئة من التآخي بين مقاتلين من حركة طالبان وعسكريين من القوات المسلّحة الأفغانية، وانتشرت يومها صور ظهر فيها الطرفان يتعانقان أمام عدسات الكاميرا.

كما احترمت طالبان هدنة جزئية مدّتها تسعة أيام من 22 شباط/فبراير إلى 2 آذار/مارس أقرّت بمناسبة توقيع اتفاق الدوحة.

لكنّ المتمرّدين ما لبثوا أن كثّفوا هجماتهم على القوات الأفغانية، وقد حاولوا عبثاً هذا الأسبوع الاستيلاء على قندوز، المدينة الشمالية الاستراتيجية التي هاجموها مرّات عديدة في السنوات الأخيرة ونجحوا في إحدى المرات في السيطرة عليها لفترة وجيزة.

وهذا الأسبوع أكّد زعيم طالبان هيبة الله أخوند زاده أنّ حركته ملتزمة بالاتفاق التاريخي الذي أبرمته مع الولايات المتحدة على الرّغم من الاتّهامات الموجّهة إليها بشنّ آلاف الهجمات منذ التوقيع عليه.

وفي رسالة نادرة نشرت قبيل عيد الفطر، حضّ أخوند زاده واشنطن على “عدم السماح بهدر” الفرصة التي وفّرها الاتفاق لإنهاء أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة.

وقال أخوند زادة إنّ “الإمارة الإسلامية ملتزمة الاتّفاق الذي تم التوقيع عليه مع الأميركيين وتحضّ الطرف الآخر على الوفاء بالتزاماته وعدم السماح بهدر هذه الفرصة المهمّة”.

– “انتهاك لروح الاتفاق” –

وأضاف زعيم الحركة الذي نادراً ما يظهر أو يدلي بتصريحات علنية “أحضّ المسؤولين الأميركيين على عدم إتاحة فرصة لعرقلة وتأجيل وفي نهاية المطاف إخراج هذا الاتفاق الثنائي المعترف به دولياً عن مساره”.

ووضعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنهاء الحرب في أفغانستان ضمن أولوياتها. وضغط مسؤولون أميركيون على كابول وطالبان لإجراء محادثات سلام في مسعى لإتمام عملية سحب القوات الأجنبية من أفغانستان.

وكان خليل زاد الذي تفاوض مع طالبان للتوصل إلى اتفاق الدوحة، قال إنّ المتمرّدين يفون بالتزاماتهم المنصوص عليها في الاتفاق وإنْ كانت أعمال العنف الأخيرة تشكل انتهاكاً “لروح” هذه الاتفاقية.

وجاءت تصريحاته بعد هجوم مروّع استهدف في منتصف أيار/مايو الجاري مستشفى للتوليد في كابول وأسفر عن سقوط 24 قتيلاً، بينهم أمّهات ورضّع، في اعتداء نفت طالبان أي دور لها فيه.

وقال خليل زاد يومها إن متمرّدي طالبان “تعهّدوا عدم تنفيذ اعتداءات في 34 مدينة رئيسية وبالفعل لم يقوموا بذلك، بناء على تقييمنا. لكنّنا نعتقد أنهم ينتهكون روح” الاتفاق، محمّلاً تنظيم الدولة الإسلامية مسؤولية الهجوم على المستشفى.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية