مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

واشنطن والتشدد في طهران يشكلان عائقا امام اصلاحات روحاني

شبان ايرانيون يحتفلون بفوز حسن روحاني بولاية رئاسية ثانية afp_tickers

بعد نشوة الانتصار، يواجه الرئيس الايراني حسن روحاني عددا من التحديات وعلى رأسها عداء الولايات المتحدة ومعارضة المحافظين المتشددين لسياسة الاصلاح والانفتاح التي ينتهجها.

ولا تزال المؤسسة الإيرانية من التيار المحافظ الراسخ في البلاد- لا سيما في القضاء والحرس الثوري – تشكك بعمق في كلام روحاني عن الحريات المدنية وبناء علاقات مع الغرب.

ويقول الخبير في الشؤون الايرانية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية كليمان ثيرم ان “المؤسسات غير المنتخبة ستحاول منع روحاني من تطبيق برنامجه الاصلاحي”.

واضاف “بالتالي، فانه سيركز على الجانب الاقتصادي. واذا تحسنت معيشة السكان فسيكون في وضع اقوى للدفع قدما باصلاحات هيكلية للحقوق المدنية”.

ولن تكون عملية تحسين الاقتصاد أمرا سهلا. ورغم الاتفاق النووي مع القوى العالمية، لا تزال واشنطن تفرض مجموعة من العقوبات التي تمنع البنوك العالمية والمستثمرين الأجانب من الاستثمار في ايران.

وهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية بتمزيق الاتفاق النووي، وإن كان لم يعد يأتي على ذكر ذلك، لكنه لا يوفر فرصة لانتقاد ايران، وهو حاليا يقوم بزيارة الى السعودية، الخصم الإقليمي لايران. وقد وقع فيها صفقة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار وصفت بأنها تستهدف “التأثير الإيراني السيء” في المنطقة.

ومع ذلك، فإن الحكومات الأوروبية والآسيوية عازمة على التمسك بالاتفاق النووي والاستفادة الكاملة من فرص الاستثمار المربحة في إيران.

وتشيد هذه الحكومات بفوز روحاني على المتشدد إبراهيم رئيسي الذي كان هدد بنهج أكثر صرامة في العلاقات مع الخارج.

وقال المستشار الدولي لهيئة الخصخصة الايرانية فريد دهديلاني بعد إعلان نتائج السبت ان “الكثير من المستثمرين الذين لم أسمع منهم منذ ثلاثة اشهر اتصلوا بي فجأة صباح السبت وبعضهم حجز تذاكره”.

واضاف ان “روحاني سيواصل بشكل اكثر فاعلية جدول اعماله الاقتصادي، الاستثمار في المصانع والانتاج وامتصاص رأس المال الاجنبي. أعتقد ان حكومته ستكون اكثر شبابا ومرونة”.

– سياسي يتمتع بالذكاء –

وسيكون من الصعب تحدي قوات الأمن التي تسيطر على قطاعات واسعة من الاقتصاد.

وفشل روحاني خصوصا في الإفراج عن زعماء المعارضة المسجونين أو في منع اعتقال العديد من المواطنين الذين يحملون جنسية مزدوجة من أجهزة الاستخبارات التي تبقى خارج سيطرته.

ويخشى كثيرون من أن تكون فترة ولايته الثانية مشابهة للولاية الثانية للرئيس الاسبق محمد خاتمي في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، عندما أحبطت المؤسسة المتشددة كل محاولة للإصلاح.

لكن روحاني، وهو من داخل النظام، قد يكون في وضع أفضل من سابقيه، كما يقول أستاذ السياسة فواد إيزادي من جامعة طهران.

ويضيف إيزادي “لقد برز روحاني كسياسي أكثر ذكاء من خاتمي”.

ويتابع “كان جزءا من النظام لفترة كافية لمعرفة كيفية التحرك داخله. لكن خاتمي كان أكثر أيديولوجية، الامر الذي قلص قدرته على إنجاز الأمور”.

والأهم من ذلك أن نهج روحاني التكنوقراطي سمح له باختيار شخصيات محافظة مهمة مثل رئيس البرلمان علي لاريجاني.

ويقول ايزادي ان “التحالف مع لاريجاني كان مفيدا جدا لروحاني في الحصول على الوزراء والسياسات المعتمدة. وسيظل ذلك حاسما في ولايته الثانية”.

– المرشد الاعلى التالي؟ –

ويبقى السؤال الكبير على المدى الطويل ما إذا سيكون لروحاني تأثير في صعود المرشد الأعلى المقبل بعد وفاة المرشد الحالي آية الله علي خامنئي.

ويقول إيزادي إن رئيسي الذي وصف بأنه خليفة محتمل، بات الآن خارج الدائرة.

ويضيف “ربما سيعود بعد أربعة اعوام. ولكن مع هذا النوع من الاداء يمكننا ان نطمئن الى ان رئيسي لن يكون المرشد الاعلى المقبل. يجب ان يكون هناك تأييد شعبي للمرشد”.

ولكن مع سيطرة المتشددين بقوة على مجلس الخبراء الذي سيختار المرشد المقبل، لن يكون لروحاني وحلفائه تأثير يذكر في مسالة الخلافة.

ومع ذلك، فقد أظهرت نتائج انتخابات نهاية الأسبوع دليلا واضحا على أن سكان إيران الشباب يدعمون رؤيته بالنسبة لمستقبل البلاد.

ويقول علي فائز من مجموعة الأزمات الدولية إن “الشعب الإيراني لم يعد يؤمن بالاقتصاد الشعبوي والتغيير الجذري”.

ويضيف “لديه ما يكفي من النضج لكي يفهم ان حل مآزق بلاده يكمن في الادارة الكفوءة للاقتصاد والاعتدال في العلاقات الدولية”.

ولعل أبرز دليل على ذلك انتزاع الاصلاحيين خلال انتخابات الجمعة بلدية طهران من المحافظين الذين كانوا يسيطرون عليها منذ 14 عاما.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية