مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ولي العهد السعودي يعيد خلط الاوراق في السعودية ويعمل لاقامة “مملكة معتدلة”

صورة لولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في مكة تعود الى الثالث والعشرين من آب/اغسطس 2017 afp_tickers

أراد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مفاجأة السعوديين وكبار المستثمرين بمخطط لبناء مدينة مستقبلية، لكنه في الحقيقة كشف عما اعتبره المحللون حجر الاساس في رؤيته: بناء مملكة معتدلة ومتحررة من التشدد.

في ظهوره العلني الثلاثاء ضمن أعمال منتدى “مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض، تعهد الامير الشاب باعادة ترتيب أوراق المملكة بشكل يتماشى مع تطلعات مجتمع شاب.

وجاءت هذه التصريحات متزامنة مع اشراف ولي العهد (32 عاما) على سلسلة اصلاحات اقتصادية واجتماعية، هي الاكبر في تاريخ المملكة الحديث، وفي مقدمتها خطة لتنويع الاقتصاد، والسماح للمرأة بقيادة السيارة.

وقال أمام مئات المستثمرين الأجانب “70 بالمئة من الشعب السعودي أقل من 30 سنة، وبكل صراحة لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار مدمرة، سوف ندمرها اليوم وفورا”.

وتمثل تصريحاته هجوما نادرا من قبل مسؤول سعودي رفيع المستوى على أصحاب الافكار المتشددة في المملكة التي تطبق الشريعة الاسلامية.

بالنسبة الى لوري بوغارت الخبيرة في شؤون الخليج في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى، فان هذه “أوضح تصريحات سمعناها حتى الان حيال الطريق التي يخطط ولي العهد لوضع السعودية عليها”.

وأضافت “من الواضح ان ولي العهد يريد احداث تغيير دراماتيكي في المملكة، والوصول الى نفوذ ديني أقل تأثيرا”.

– مواصلة الطريق –

وأثارت خطوات الانفتاح في المملكة مخاوف من ردة فعل من قبل المتشددين، الا ان هذه القرارات لم تلق معارضة جدية حتى من قبل المؤسسة الدينية التي أعلنت تأييدها لغالبية الاجراءات الحكومية.

وكانت السعودية قررت قبل اسابيع السماح للمرأة بقيادة السيارة بدءا من حزيران/يونيو المقبل، وألمحت الى قرب رفع الحظر عن دور السينما، وأقامت احتفالات مختلطة باليوم الوطني في خطوة غير مسبوقة. كما أسست “مجمع الحديث النبوي” لتوثيق الأحاديث النبوية.

وشهدت المملكة السعودية الصيف الماضي توقيف رجال دين بينهم الداعيان البارزان سلمان العودة وعوض القرني، من دون ان توضح اسباب اعتقالهم.

ولدى عودة والقرني ملايين المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي. واتهم القرني في السابق بالارتباط بجماعة الإخوان المسلمين، التي تصنفها السعودية ودول خليجية اخرى “منظمة ارهابية”.

ورأى محللون ان بعض الموقوفين معارضون للسياسة الخارجية المتشددة التي تتبعها السعودية حاليا، خصوصا في ما يتعلق بالازمة مع الجارة قطر، بينما ينظر بعضهم الاخر بريبة الى الاصلاحات الاقتصادية التي يعتمدها الامير محمد، وبينها خصخصة قطاعات عامة وتقليل الدعم الحكومي.

وقال علي الشهابي مدير مركز “أرابيا فاونديشن” في واشنطن ان ولي العهد “عمل طويلا من خلف الستار لاستقطاب المحافظين وقد نجح في ذلك مع بعض منهم”.

واضاف “سيكون هناك دائما متشددون (…) لكن المسار الحالي والنفوذ ورغبة الشباب بالتغيير تمنحه المساحة الكافية لمواصلة الطريق”.

– الحالمون فقط –

وبموازاة الاصلاحات ضمن خطة “رؤية 2030” لتنويع الاقتصاد، يؤكد الامير محمد من خلال حملة الاعتقالات ان القيادة الجديدة للمملكة لن تتسامح مع اي معارضة للمسار الحالي الذي تمضي به.

وتقول بوغارت “احد العناصر التي تفتقدها عملية التغيير هي التسامح مع الاختلاف السياسي والاختلاف في الاراء حيال الطريق الذي يجب ان تسير به السعودية، والأمير أوضح هذا الامر”.

الا ان قطار التغيير السريع الذي تسير به المملكة والمشاريع العملاقة التي يعلن عنها يوما بعد يوم قد تؤجل اي خلاف علني.

وفي منتدى الاستثمار في الرياض، اعلنت المملكة امام اكثر من 2500 رجل اعمال عن مشروع لبناء منطقة اقتصادية ضخمة في شمال غرب البلاد تشمل اراضي في الاردن ومصر واستثمارات تبلغ اكثر من 500 مليار دولار، على ان تستكمل المرحلة الاولى من المشروع في 2025.

وكانت السعودية أعلنت في السنتين الماضيتين عن مشاريع استثمارية عملاقة بهدف جذب الاستثمارات الخارجية اليها، وبينها بناء مدينة ترفيهية ضخمة قرب الرياض وتحويل جزر في البحر الاحمر الى منتجعات فخمة.

وظهرت في تسجيل ترويجي مصور لمشروع المنطقة الاقتصادية الضخمة المسماة “نيوم”، نساء يمارسن الرياضة واخريات يعملن في مختبرات الى جانب زملاء الذكور.

وقال الامير محمد في الجلسة الحوارية التي تركزت على المشروع “انه للحالمين فقط”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية