مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اتفاقا الامارات والبحرين مع إسرائيل يؤسسان لحقبة جديدة في الشرق الاوسط

اعلام اسرائيل والبحرين والامارات والولايات المتحدة في نتانيا في 13 أيلول/سبتمبر 2020 afp_tickers

يدخل الشرق الأوسط الثلاثاء مسار حقبة جديدة عندما توقّع دولة الإمارات ومملكة البحرين اتفاقي تطبيع العلاقات مع إسرائيل في واشنطن، في خطوة تقوّض إجماع العالم العربي بشأن القضية الفلسطينية.

ومن المقرّر أن يشرف الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال احتفال في البيت الأبيض، على توقيع مسؤولين إماراتيين وبحرينيين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ما يطلق عليها الأميركيون اسم بـ”اتفاقات أبراهام”، تيمنا بالنبي ابراهيم الذي يعتبر أبا الديانات الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام.

وسيقود الوفدان العربيان وزيرا خارجية البلدين الخليجيين، وسط توقعات بأن يولّد التطبيع تعاونا مثمرا بين اقتصادات الدول الثلاث في مجالات عدّة من بينها الأمن والأعمال والطاقة والعلوم.

وتلتقي الإمارات والبحرين مع إسرائيل في الخصومة مع إيران، وإن بشكل أقلّ في أبوظبي. وتطلّ الجمهورية الإسلامية على مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يفصلها عن دول الخليج.

وتقيم بعض الدول الخليجية علاقات سرية مع إسرائيل منذ سنوات، ويتيح اتفاق التطبيع لهذه العلاقات بأن تصبح علنية وستعزّز التعاون، في وقت تحاول هذه الدول الغنية بالنفط تجاوز الخسائر التي تسبّب بها فيروس كورونا المستجد.

بالنسبة الى ترامب، يعدّ الاتفاق انتصارا مهما قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر. وأعلن البيت الأبيض أن عضوا يمينيا متطرفا في البرلمان النروجي رشّح ترامب لجائزة نوبل للسلام.

وغرّد ترامب مساء الجمعة الماضي قائلا “اختراق تاريخي آخر اليوم! صديقتانا العظيمتان إسرائيل ومملكة البحرين تتفقان على اتفاق سلام. ثاني دولة عربية تصنع السلام مع إسرائيل في 30 يومًا!”.

واعتبر أنّ الأمر “مثير للاهتمام” كونه تمكّن من إعلان الاتفاق عشية الذكرى السنوية لهجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 التي نفذّها متطرفون إسلاميون ضد الولايات المتحدة.

في المقابل، دعا المسؤولون الفلسطينيون إلى احتجاجات ضد “الصفقات المخزية” في ظل تصدّع مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي رعتها السعودية والتي تدعو إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967 مقابل تطبيع العلاقات.

– مغازلة –

ويمثّل الاتفاقان انتصارا مهما لنتانياهو كذلك، إذ إنها تضفي مزيدا من أجواء قبول إسرائيل في الخليج، في وقت يواجه رئيس الحكومة الإسرائيلي اتهامات بالفساد وتظاهرات مناهضة له ومنافسة سياسية.

وقالت نائبة رئيس بلدية القدس فلور حسان ناحوم “يبدو وكأن بلداننا تتواعد وتلتقي” للتعرّف على بعضها.

أما في دول الخليج، فكان الرد على الاتفاقين أكثر تحفظا.

وبينما رفع العلم الإماراتي على مبنى بلدية تل أبيب، لم يظهر العلم الإسرائيلي بعد على برج خليفة في دبي، أطول مبنى في العالم والذي يعرض عادة إنجازات الدولة الخليجية وحلفائها.

وبعد دقائق من الإعلان المفاجئ عن الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل في 13 آب/أغسطس، برز خلاف حول شروط الاتفاق مع الإمارات بشأن “وقف” أو “تعليق” ضمّ إسرائيل لأراض فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.

كما كشف عن خلاف بين الطرفين حول رغبة الإمارات في شراء طائرات مقاتلة أميركية من طراز “اف-35″، إذ قال نتانياهو إنه يعارض هذه الخطوة على اعتبار أنها يمكن أن تقوّض التفوّق الاستراتيجي لإسرائيل.

لكن محللين يقولون إنه على الرغم من الاختلاف في وجهات النظر، فإن الإمارات، باستراتيجيتها البراغماتية للغاية في السياسة الخارجية، على استعداد تام للمضي في اتفاق من شأنه أن يعزّز دورها في منطقة هيمنت عليها القوى التقليدية، السعودية ومصر، لعقود طويلة.

في المنامة، أعرب بحرينيون معارضون لاتفاق إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عن رفضهم للخطوة. وعلى النقيض من الإمارات، فإن معارضة التطبيع شديدة في البحرين، لا سيما من جانب المجتمع المدني الذي تمّ التعامل معه بقسوة في العقد الماضي.

وتداول مستخدمو تطبيق “تويتر” وسم “بحرينيون ضد التطبيع” و”التطبيع خيانة” على نطاق واسع.

– “اختلاف كبير” –

وتمرّ الأطراف المعنية بالاتفاقين حاليا بمرحلة من التعارف يقول مراقبون إنها يمكن أن تشهد الكثير من سوء الفهم والتعقيدات بعد التصريحات المهلّلة الصادرة عن مسؤولي الدول الثلاث.

وتتحدّث السفيرة الأميركية السابقة لدى الإمارات باربرا ليف الباحثة حاليا في “معهد واشنطن”، عن “ثقافتين اجتماعيتين وسياسيتين يشوبهما اختلاف كبير”.

وتقول لوكالة فرانس برس إن الأوساط الإماراتية “ذهلت جراء الضجيج الإسرائيلي الكبير والنقاش حول كل شيء”، مشيرة الى أنه “سيكون من المثير للاهتمام مشاهدة (المسؤولين من الدول الثلاث) معا”.

بالنسبة الى الباحثة في شؤون الخليج في جامعة حيفا موران زاغا، بينما يمضي الجانبان نحو منطقة غير واضحة المعالم، فإن إطار الاتفاقية سيشكل أساسا لمواضيع النقاش وكيف.

وتقول “سنشهد طفرة في كل مجال تقريبا (…) على المستوى المدني والعلم والثقافة والموسيقى”، إلى جانب رحلات مكثّفة لوفود تجارية ودبلوماسية لاستكشاف أوجه التعاون.

وتتابع “الإسرائيليون يشعرون بالحماس الشديد”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية