مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اتفاق حول خطة مساعدة جديدة يجنب اليونان الخروج من منطقة اليورو

محادثات ثلاثية بين رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس (يمين) والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في بروكسل في 12 تموز/يوليو 2015 afp_tickers

توصل الاوروبيون الاثنين الى اتفاق للتفاوض على خطة مساعدة ثالثة لليونان تبقي هذا البلد في منتطقة اليورو لكن لقاء تضحيات كبيرة من قبل اثينا التي تبقى بحاجة الى دعم مالي جديد.

واعلن رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر لوكالة فرانس برس ان احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو “زال”، وذلك عند الاعلان عن هذا الاتفاق الذي تم التوصل اليه في ختام مفاوضات طويلة استمرت 17 ساعة اضطر خلالها رؤساء وحكومات الدول ال19 الاعضاء في منطقة اليورو لتجاوز انقساماتهم واستئناف حوار كان مقطوعا مع اثينا.

وكان رئيس الوزراء اليوناني اليساري الكسيس تسيبراس يطالب باتفاق للحظة الاخيرة من اجل انقاذ المصارف اليونانية التي تعاني من نقص في السيولة وتجنب انهيار مالي للبلاد. وقد رحب الاثنين “باتفاق صعب” لكنه يعتبر انه يضمن “انعاش” الاقتصاد.

وسيكون على منطقة اليورو التي يجتمع وزراء ماليتها الاثنين في بروكسل من جديد، في هذه الحالة العاجلة العثور على وسائل تؤمن “جسرا” لتلبية احتياجات البلاد في الامد القصير بحوالى 12 مليار يورو حتى منتصف آب/اغسطس.

وفي المجموع تبلغ قيمة خطة الانقاذ الثالثة هذه لليونان منذ 2010 بين 82 و86 مليار يورو.

وحاليا، تؤمن اليونان استمرارها بفضل الاموال التي يضخها البنك المركزي الاوروبي الذي اعلن الاثنين الابقاء على تمويله الطارىء لليونان بعد اشارة سياسية من بروكسل في هذا الشأن.

واعترف يونكر امام الصحافيين بان التوصل الى الاتفاق كان عملا “شاقا” معبرا عن امله في ان تبدأ المفاوضات “في نهاية الاسبوع” لتطبيقه.

وحتى ذلك الحين، سيكون البرلمان اليوناني قد صوت الثلاثاء او الاربعاء على الارجح على الاصلاحات القاسية وغير الشعبية اطلاقا التي يطالب بها الدائنون مقابل خطة الانقاذ هذه. وهي تتضمن خصوصا زيادة ضريبة القيمة المضافة واصلاح نظام التقاعد وعمليات الخصخصة ومكتب الاحصاءات.

وستناقش برلمانات عدة دول ايضا بما فيها البرلمان الالماني خطة المساعدة هذه.

وقال رئيس مجموعة اليورو يورين ديسلبلوم الاثنين “عندما يقومون بذلك، سيكون لدينا قرار رسمي اكثر لاستئناف المفاوضات”.

وبذلك قطعت مرحلة كبرى بعد ستة اشهر من المفاوضات المضطربة بين حكومة تسيبراس اليسارية وشركائها الاوروبيين، لكن انعاش الاقتصاد اليوناني ما زال يتطلب جهدا كبيرا.

من جهتها قالت المستشارة الالمانية ان الاتفاق يتضمن “مجموعة واسعة من الاصلاحات التي تحظى اليونان من خلالها على ما اعتقد بفرصة للعودة الى طريق النمو” لكن “الطريق سيكون طويلا وعلى ضوء مفاوضات الليلة الماضية سيكون صعبا” قبل ان تستأنف اليونان النمو.

ورحب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي كانت بلاده من الدول التي تبنت مواقف لينة، بالخيار “الشجاع” الذي قام به تسيبراس.

واستمرت المفاوضات طوال الليل وحتى صباح الاثنين لمحاولة التوصل الى تسوية تسمح ببقاء اليونان في منطقة اليورو. وفجرا رسمت ملامح اتفاق عرض على قادة الدول، بشأن لائحة مطالب اثينا.

لكن ذلك لم يكن كافيا للحصول على موافقة الحكومة اليونانية بينما كان آلاف اليونانيين يدعونها في تغريدة بوسم “انقلاب” الى عدم الاستسلام لاملاءات الدول الدائنة.

والعقبة الاساسية كانت رفض اليونان فكرة انشاء صندوق خارج البلاد يضم موجودات يونانية بقيمة خمسين مليار يورو لضمان عمليات الخصخصة الموعودة. ووافق تسيبراس على الاقتراح لكن بعدما حصل على ان يكون مقر الصندوق في اثينا.

وفي نهاية الليل تم البت في مصير اليونان من قبل اربعة قادة هم انغيلا ميركل وفرنسوا هولاند ورئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك وتسيبراس.

ولا ينص الاتفاق النهائي على خروج موقت لليونان من منطقة اليورو كما ورد بشكل واضح الاحد في مشروع لوزراء مالية منطقة اليورو اطلق مجددا احتمال خروج اليونان الذي يثير قلق القادة الاوروبيين.

ويتوقع مراقبون ان تواجه الحكومة اليونانية صعوبات في تمرير الخطة لدى الرأي العام الداخلي، بعدما وعدته برفض نهج التقشف واملاءات الدائنين، صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي.

الا ان الاصلاحات التي يطالب بها الدائنون الان اكثر تشددا من تلك التي رفضها اليونانيون بنسبة فاقت 61% خلال استفتاء في 5 تموز/يوليو.

وللحفاظ على هامش تحرك اضطر تسيبراس الى التقرب من المعارضة مثيرا خلافات داخلية في حزبه سيريزا، ما يثير مخاوف من قيام ازمة سياسية جديدة.

وقال مصدر حكومي يوناني مبررا هذه التنازلات “حين يكون مسدس مصوبا الى راسك سوف توافق انت ايضا”.

لكن الساعات كانت معدودة بالنسبة لليونان بعدما فرغت خزائنها وبات اقتصادها على شفير الانهيار، في وقت لا تستمر البلاد الخاضعة لرقابة على الرساميل سوى بفضل المساعدات الطارئة التي يمنحها البنك المركزي الاوروبي لمصارفها المغلقة منذ 29 حزيران/يونيو.

لكن الكثيرين من اليونانيين المضطرين للعيش بستين يورو يوميا لا يستطيعون سحب غيرها من اجهزة الصرف الالي، عبروا عن شعور بالمرارة.

وقال خارالمبوس روليسكوس الاقتصادي البالغ من العمر 60 عاما في اثينا “انه بؤس واهانة وعبودية”.

ورأت كاتارينا كاتسابا التي تبغ من العمر 52 عاما وتعمل لشركة صيدلانية “لست موافقة على الاتفاق انهم يحاولون ابتزازنا”. لكنها اضافت “اثق برئيس الوزراء والقرارات التي سيتخذها تخدم مصالحنا”.

وبعد اعلان الاتفاق، قررت الحكومة اليونانية مجددا الاثنين تمديد اغلاق المصارف لفترة يفترض ان يتم الاعلان عنها مساء، بحسب ما قال مصدر في وزارة المالية لوكالة فرانس برس طلب عدم الكشف عن اسمه.

وقال المصدر نفسه، انه بعد اجتماع بين نائب وزير المالية ديميتريس مارداس ومدراء المصارف اليونانية الرئيسية، ورغم التوصل الى اتفاق في بروكسل، قررت الحكومة الاستمرار في الحفاظ على ضوابط رأس المال و”اغلاق المصارف” المقفلة في البلاد منذ 29 حزيران/يونيو الماضي.

وفي مدريد اثار الاتفاق غضب مسؤول في حزب بوديموس حليف حزب سيريزا اليوناني، اعتبر انه “انقلاب مالي” يهدف الى تحويل اليونان الى “محمية”.

وقال النائب الاوروبي السابق وممثل بوديموس بابلو ايتشينيكي ان “ما يسعون اليه في اليونان هو احداث انقلاب مالي وتحويلها الى محمية”، معتبرا ان “التضامن الاوروبي لا وجود له”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية