مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأحكام النهائية في قضية خاشقجي قد لا تساعد في تحسين صورة الرياض الدولية (محللون)

الصحافي السعودي جمال خاشقجي afp_tickers

تسعى الرياض إلى طي صفحة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول عبر اصدار أحكام قضائية نهائية، لكنّ الجريمة التي أثارت استياء عالميا قد تخيم طويلا على صورة المملكة، بحسب محللين.

وشوهت تداعيات مقتل خاشقجي في 2018 سمعة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وألقت بظلال على إصلاحاته الطموحة وسلطت الضوء على سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان، كما شكّلت اختبارا لتحالفات قديمة مع القوى الغربية.

والاثنين حاولت السعودية اسدال الستارة على القضية فأصدرت محكمة في الرياض أحكاما نهائية قضت بسجن ثمانية مدانين لفترات تراوح بين 20 وسبع سنوات، في تراجع عن أحكام سابقة قضت بإعدام خمسة منهم.

ورغم ذلك يعتبر المحللون أن من الصعب دفن القضية تماما، خصوصا مع استمرار حملة الحكومة ضد منتقدها بعد عامين من مقتل خاشقجي.

وكتبت صحيفة “عكاظ” القريبة من الحكومة على صفحتها الاولى الثلاثاء “العدالة تتحقق”.

ولم يشاطر هذا الرأي العديد من النشطاء حول العالم، وخصوصا أنّ الحكم جاء بعدما مهد أبناء خاشقجي الطريق لعقوبة أقل شدة إذ أصدروا “عفوا” عن القتلة.

وقال حسين ابيش الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن لوكالة فرانس برس “لا أعتقد أن الأحكام ستدشّن خطا ايجابيا في قضية خاشقجي”.

وأضاف “لا يبدو للعالم الخارجي أن العدالة قد تحققت. قد تبقى هذه القضية تطارد السعوديين لفترة طويلة”.

– عقوبة مخففة –

تسعى السعودية التي تعاني انخفاض أسعار النفط الخام وتستعد لتكون أول دولة عربية تستضيف قمة مجموعة العشرين في تشرين الثاني/نوفمبر، لإحياء صورتها الدولية.

ووصفت الرياض عملية القتل بأنها جريمة “بشعة”، فيما ربطت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ومقررة خاصة للأمم المتحدة بشكل مباشر الأمير محمد بعملية القتل، وهي تهمة تنفيها المملكة.

وما يثير استياء النشطاء بشكل خاص تبرئة كبار المسؤولين المشتبه بتورطهم في جريمة القتل، بينهم مساعدان سابقان لولي العهد هما نائب رئيس الاستخبارات أحمد العسيري والمستشار الإعلامي بالديوان الملكي سعود القحطاني.

وبدت الحكومة حريصة على عدم معاقبة المسؤولين المقرّبين منها، وهي خطوة يقول محللون إنها قد تأتي بنتائج عكسية.

ورأت بسمة المومني الأستاذة في جامعة “واترلو” الكندية أنّه “بتخفيف (العقوبة)، يبدو أن الأمير محمد والدولة السعودية يشعران بمزيد من الثقة بأن العالم يفقد الاهتمام بقضية خاشقجي”.

كما أن العقوبات المخفّفة تساعد إلى حد ما في استعادة ثقة ضباط المخابرات بالدولة كونها تساندهم عندما يتم الكشف عن عملياتهم.

ويعتبر مراقبون أنه حتى مع تبدد الغضب العالمي بشأن جريمة القتل، سيعاني الأمير محمد لترميم صورته الدولية كزعيم إصلاحي.

وقبل جريمة القتل، كان ولي العهد الشاب يروج لنفسه في حملات العلاقات العامة باعتباره ليبراليا يسعى إلى إعادة بناء دولته النفطية المحافظة.

– علامة ايجابية –

مع ذلك، يسعى الأمير محمد لتحفيز الاستثمار الأجنبي بعدما قال مراقبون إن الفضيحة أعاقت إصلاحاته ومشاريعه الضخمة التي تهدف إلى توجيه الاقتصاد بعيدا من النفط.

وعاد العام الماضي مصرفيون ومسؤولون تنفيذيون عالميون إلى مؤتمر استثماري في الرياض بعد مقاطعة في العام السابق بسبب جريمة القتل التي زادت من مخاطر الإضرار بسمعة الشركات الغربية التي تعمل في المملكة العربية السعودية.

وقالت المومني “لقد تعلّم حكام السعودية أن وجود علامة تجارية إيجابية للدولة يمكن أن يكون مهما لتحقيق أهداف مثل جذب الاستثمار الأجنبي وتوقيع صفقات تجارية مع الغرب”.

ومنذ جريمة القتل، ضغطت المملكة لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان الذي تعرض لانتقادات كثيرة، من خلال سلسلة من الإصلاحات.

وتحركت الحكومة مؤخرًا لإلغاء عقوبة الجلد التي تأمر بها المحكمة وإنهاء عقوبة الإعدام على الجرائم التي يرتكبها القصّر.

إلا أن تلك المساعي ظللتها حملة قمع مكثفة ضد أي شكل من المعارضة في الداخل. كما أبلغ مواطنون سعوديون في الخارج عن محاولات من قبل الدولة لتخويفهم أو إسكاتهم.

وقد ادّعى سعد الجابري المسؤول السابق في الاستخبارات المقيم في كندا، في دعوى قضائية مؤخرا أن فريق اغتيال سعودي أرسل لتصفيته بعد اسبوعين من جريمة خاشقجي.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية