مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الانفصاليون الجنوبيون في اليمن يتخلون عن الإدارة الذاتية

مقاتلون موالون ل"المجلس الانتقالي الجنوبي" في محافظة ابين بجنوب اليمن في 24 حزيران/يونيو 2020. afp_tickers

أعلن الانفصاليون اليمنيون الأربعاء التخلي عن الإدارة الذاتية في الجنوب وتعهدوا تنفيذ اتفاق لتقاسم السلطة مع الحكومة المعترف بها دوليا، في خطوة قد تعزّز موقف السلطة في حربها مع المتمردين الحوثيين.

وتدور الحرب في اليمن بشكل رئيسي بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، وقوات أخرى تقودها المجموعات المؤيدة للحكومة بدعم من تحالف عسكري تقوده السعودية، منذ سيطر الحوثيون على مناطق واسعة قبل نحو ست سنوات.

لكن ثمة خلافات عميقة في المعسكر المعادي للحوثيين. فالقوات التي يفترض أنّها موالية للحكومة في الجنوب حيث تتمرّكز السلطة، تضم فصائل مؤيدة للانفصال عن الشمال بقيادة “المجلس الانتقالي الجنوبي”، وتتهم الحكومة بالفساد.

وكان المجلس الانتقالي وهو أقوى الجماعات الانفصالية في الجنوب، أعلن في نيسان/ابريل “إدارة ذاتية” في الجنوب بعدما هاجم القوات الحكومية في تعثّر لاتفاق تقاسم للسلطة تم توقيعه برعاية الحكومة السعودية.

والأربعاء، قال المتحدث باسم المجلس الانتقالي نزار هيثم على تويتر إن الانفصاليين يعلنون “التخلي عن إعلان الإدارة الذاتية، حتى يتاح للتحالف (بقيادة السعودية) تطبيق اتفاق الرياض”.

وجاء ذلك بعد ضغوط مارستها السعودية وحليفتها الإمارات، الداعم الرئيسي للمجلس الانتقالي، على أطراف الخلاف.

وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي حض في نهاية حزيران/يونيو الانفصاليين الجنوبيين على “ايقاف نزيف الدم” واحترام اتفاق الرياض لتقاسم السلطة.

ووُقّع الاتفاق في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، وينصّ على تقاسم السلطة في جنوب اليمن بين الحكومة والانفصاليين. لكن بنوده لم تنفذ وسرعان ما تجاوزتها الأحداث.

وفي هذا السياق، نقلت وكالة الانباء الرسمية “واس” عن مصدر سعودي مسؤول أنّ حكومة المملكة قدّمت للطرفين “آلية لتسريع العمل باتفاق الرياض عبر نقاط تنفيذية”.

وتشمل هذه النقاط استمرار وقف إطلاق النار والتصعيد بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وإعلان المجلس الانتقالي الجنوبي التخلي عن الإدارة الذاتية، وتكليف رئيس الوزراء اليمني ليتولى تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال 30 يوماً تضم ممثلين عن المجلس الانتقالي.

وأكّد المصدر السعودي “استجاب الطرفان وأبديا موافقتهما على هذه الآلية وتوافقا على بدء العمل بها”.

ومن جانبه، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في تغريدة على تويتر أن هذه ” خطوة ايجابية ستعزز الثقة بينهما وتسمح للحكومة لممارسة أعمالها من عدن”.

كما رحب ممثل الأمم المتحدة في اليمن مارتن غريفيث بالاتفاق على تسريع تنفيذ الاتفاق، قائلا في تغريدة ان هذا الأمر “يمثل خطوة مهمة على طريق حل النزاع في اليمن بشكل سلمي من خلال عمليه سياسية بقياده يمنية ورعاية أممية”.

– حرب داخل حرب –

وفي نهاية حزيران/يونيو نشر التحالف العسكري الذي تقوده الرياض في اليمن مراقبين سعوديين لمراقبة وقف إطلاق النار بين القوات الموالية للحكومة، المدعومة منه، والمقاتلين الانفصاليين بعد اشتباكات في جنوب البلاد.

وعبّر المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي عن تفاؤله بتطبيق الاتفاق، قائلا إن إعلان الانفصاليين عن التخلي عن الإدارة الذاتية يمثّل “بداية جديدة”، بينما قام هادي بتعيين قائد جديدة للشرطة في عدن ومحافظ جديد لها.

وكتب نائب وزير الدفاع السعودي الامير خالد بن سلمان على تويتر أنّ “موافقة الاطراف اليمنية على آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض تعبر عن الرغبة الجادة في لغة الحوار وحل التجاذبات والاختلافات والقبول بالاخر والسعي للشراكة السياسة، وكذلك دعم مسارات الوصول لحل سياسي شامل وانهاء الأزمة”.

ورأت فاطمة ابو الاسرار الباحثة في معهد الشرق الاوسط أنّ الضغوط السعودية تعني “الى حد كبير أنّ السعوديين يريدون تخفيف حدة التصعيد في اليمن ودفع الأطراف المتحاربة نحو السلام”.

وأضافت “في الوقت الحالي، وبدون رد موحد، فإن السعوديين والحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في حالة الدفاع في الحرب وليس الهجوم، لأن الحوثيين يهاجمون مناطقهم دون عقاب”.

ويمثّل النزاع بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، أحد حلفائها الرئيسيين ضد المتمردين الحوثيين، حربا داخل الحرب في اليمن.

وزادت هذه الحرب داخل الحرب من تعقيد النزاع المستمر منذ خمسة أعوام، والذي أوقع عشرات آلاف القتلى وأدى إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.

وكانت منسقة الشؤون الإنسانية ليز غراندي قالت لوكالة فرانس في مقابلة الشهر الماضي إنّ اليمن يقف على حافة مجاعة من جديد بينما لا تملك الأمم المتحدة أموالا كافية لمواجهة الكارثة التي تم تجنبها قبل 18 شهرا.

وفي حزيران/يونيو الماضي جمعت الأمم المتحدة حوالى نصف المبلغ المطلوب لمساعدة اليمن والبالغ 2,41 مليار دولار في مؤتمر للمانحين استضافته السعودية.

وبحسب منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فإنّ “المزيج الخطير من الصراع والصعوبات الاقتصادية وندرة الغذاء والنظام الصحي المتدهور تدفع ملايين الأطفال في اليمن إلى حافة الهاوية”.

وذكرت أنّ أزمة فيروس كورونا المستجد “يمكن أن تجعل الأمور أسوأ. المزيد من الأطفال الصغار معرضون لخطر سوء التغذية الحاد ويتطلبون علاجًا عاجلاً”.

وتسبب الوباء بوفاة أكثر من 480 شخصا من بين نحو 1700 إصابة سُجلت حتى الآن في اليمن.

وقال أحمد الزهراني أحد سكان عدن “نتمنّى من الحكومة الجديدة والتي شكلت في اتفاق الرياض ان تنظر للجنوب بشكل عام وعدن بشكل خاص”.

وتابع “نحن في عدن نعاني من تردي الخدمات نعاني من شح في الموارد الأساسية وأغلب سكان عدن من ذوي الدخل المحدود (…) لكن للأسف الناس في عدن من من دون راتب منذ أشهر”.

بور-اش-عح-فوم/مع

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية