مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الجيش العراقي يعيد انتشاره في كافة المناطق المتنازع عليها مع الاكراد

اشتعال الغاز في حقل هافانا النفطي الى الغرب من مدينة كركوك الذي استعادته القوات العراقية في 17 تشرين الاول/اكتوبر 2017 afp_tickers

استعاد الجيش العراقي خلال 48 ساعة كل المناطق التي سيطر عليها تدريجيا مقاتلو البشمركة الأكراد منذ العام 2003 ولا سيما في محافظة كركوك في حين ارتفعت اصوات تطالب رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني بالاستقالة.

وعمقت هذه الانتكاسة القاسية التوتر بين الحزبين الرئيسيين في الاقليم الذي يحظى بحكم ذاتي حيث أعلنت مفوضية الانتخابات تعليق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بسبب عدم وجود مرشحين وتداعيات الاوضاع بعد استعادة الحكومة مناطق متنازع عليها ضمنها حقول نفط.

وأكد العميد يحيى رسول المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة لفرانس برس الاربعاء “إنها ليست عملية عسكرية وإنما إعادة نشر القوات في كافة المحافظات بهدف تطبيق القانون”.

وأكدت قيادة العمليات المشتركة “اكمال فرض الامن لما تبقى من كركوك وشملت قضاء دبس وناحية الملتقى وحقل خباز وحقل باي حسن الشمالي وباي حسن الجنوبي، اما باقي المناطق فتمت اعادة الانتشار والسيطرة على خانقين وجلولاء في (محافظة ) ديالى وكذلك اعادة الانتشار والسيطرة على قضاء مخمور وبعشيقه وسد الموصل وناحية العوينات وقضاء سنجار وناحية ربيعة وبعض المناطق في سهل نينوى”.

وقال مراسل فرانس برس في كركوك إن القوات العراقية دخلت إلى المدينة ولم يعد من أثر لقوات البشمركة فيها.

– العودة إلى حدود إقليم كردستان –

وقال الخبير الفرنسي سيريل روسل لفرانس برس إن الأكراد فقدوا تقريبا كل المناطق التي سيطروا عليها منذ عام 2003 وتبلغ مساحتها 23 ألف كلم مربعة.

وأضاف روسل إنه “لم يبق معهم سوى خمسة إلى ستة آلاف كلم مربعة في محافظة نينوى و520 كلم مربعة في التون كوبري على الطريق بين كركوك وإربيل. هذا يعني تقريبا العودة إلى حدود المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان”.

وقال نائب رئيس إلاقليم كوسرت رسول “إنها حملة أنفال جديدة ضد كردستان”، في إشارة إلى حملة القمع العنيفة التي شنها نظام صدام حسين ضد الأكراد عامي 1987-1988 وقتل خلالها قرابة عشرات الالاف ودمرت أكثر من ثلاثة آلاف قرية.

ومنذ الاجتياح الأميركي عام 2003، سيطرت قوات البشمركة تدريجيا على 23 ألف كلم مربعة من أصل 37 الفا هي مساحة المناطق التي يطالب بها الأكراد خارج الاقليم.

ويمتد هذا الشريط الذي يزيد طوله عن الف كلم من الحدود السورية حتى الحدود الإيرانية مرورا بمحافظات كركوك ونينوى وديالى وصلاح الدين وإربيل.

وأكد قائد شرطة كركوك العميد خطاب عمر أن القوات العراقية ستسير دوريات “في الأحياء الكردية” بهدف طمأنة الأهالي حتى لا يغادر الناس “بسبب شائعات تحدث عن تعرضهم لأعمال عنف”.

لكن الضربة الأقسى التي تلقاها الأكراد تمثلت في خسارة حقول نفط كركوك ما يبدد أملهم في بناء دولة مستقلة علما أنهم كانوا يصدرون قرابة ثلاثة أرباع نفط كركوك عبر كردستان، رغم عدم موافقة بغداد.

وطلب وزير النفط جبار اللعيبي الأربعاء من شركة “بريتش بتروليوم” اتخاذ التدابير الضرورية في أسرع وقت لتطوير المنشآت النفطية في كركوك.

وكانت وزارته وقعت عقدا استشاريا مع بريتش بتروليوم عام 2013 لتقدير الاحتياطات النفطية وتطوير حقل بابا كركر، وهو الأقدم في العراق وبدأ استثماره عام 1927، وحقل هافانا.

– انقسام كردي –

وتبلغ طاقة حقل بابا كركر الانتاجية 50 ألف برميل في اليوم وحقل هافانا 50 إلى 60 ألف برميل في اليوم وفق مسؤول في شركة نفط الشمال العراقية الحكومية.

وقال مسؤول في شركة نفط الشمال لفرانس برس إن الفنيين عادوا إلى حقلي باي حسن وهافانا شمال غرب كركوك لاستئناف الانتاج.

وقال الخبير الفرنسي سيريل روسل إنه بخسارة حقول كركوك، تراجعت مداخيل إقليم كردستان إلى النصف.

وأضاف “إنها نهاية الاستقلالية الاقتصادية لإقليم كردستان وحلم الاستقلال”.

وتابع إن “الاتحاد الديموقراطي الكردستاني أغرق المركب لإغراق القبطان” مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان وزعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني.

على الصعيد السياسي، تاجلت جلسة البرلمان الكردي حتى اشعار اخر. وقررت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات “تعليق الاستعدادات لاجراء الانتخابات التي كانت مقررة في الاول من تشرين الثاني/نوفمبر 2017، بصورة مؤقتة (…) بسبب تداعيات الوضع الحالي”.

وكان فرحان جوهر النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني اعلن في وقت سابق اليوم لفرانس برس “تأجيل انعقاد جلسة برلمان الاقليم الى اجل غير مسمى” لعدم اتفاق الحزبين الرئيسيين في الاقليم على موعد اجراء الانتخابات.

واوضح ان “سبب التأجيل هو مطالبة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بتمديد ولاية البرلمان فترة عامين فيما طالبنا تمديدها ثمانية اشهر” يتم خلالها انهاء الاستعدادات لاجراء الانتخابات.

لقد باتت الهوة عميقة بين الحزبين خصوصا وأن عدة مسؤولين من الاتحاد الوطني الكردستاني اتهموا بارزاني ب”السرقة” ويطالبونه بالاستقالة.

وقال لاهور شيخ جنكي المسؤول العام للجهاز الكردي لمكافحة الارهاب في منطقة السليمانية معقل الاتحاد الوطني الكردستاني، “فيما كنا نقوم بحماية الشعب الكردي، كان مسعود بارزاني يسرق النفط ويعزز نفوذه”.

وحمل بارزاني خصومه قادة الاتحاد الوطني الكردستاني مسؤولية ما جرى، قائلا إن “بعض الشخصيات المنتمية إلى حزب سياسي مهّدت الطريق للهجوم” على كركوك.

لكن رئيس برلمان الاقليم يوسف محمد قال في رسالة بثتها مساء الثلاثاء قناة التلفزيون التابعة لحركة “التغيير” التي ينتمي اليها “اطالب باستقالة رئيس الاقليم والنخبة الحاكمة لبدء مرحلة جديدة وتغيير النظام جذريا”.

واضاف ان “اكبر خدمة يقدمها بارزاني الى شعبه ان يتحمل مسؤولياته حيال هذا الوضع ويقدم استقالته”.

كما انتقد حكومة الاقليم، قائلا ان “المسؤولين عن انتكاسة اليوم، هم نخبة السلطة التي لم تبال بالمؤسسات والقوانين (…) وركضت وراء اطماعها وخاضت مغامرات شخصية، خصوصا مسعود بارزاني”.

واشار الى ان بارزاني “بقي بشكل شرعي او غير شرعي، رئيسا للسلطة طوال 12 عاما”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية