مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السعودية تتوقع عجزا في موازنة 2016 وتقلص الدعم على اسعار الوقود

العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مترئسا مجلس الوزراء 28 ديسمبر 2015 afp_tickers

اعلنت السعودية الاثنين مستويات قياسية من العجز في ميزانية 2015 وموازنة 2016 مدفوعة بتراجع حاد في اسعار النفط عالميا، في خطوة اقترنت بتقليص دعم منتجات اساسية ابرزها الوقود باكثر من النصف.

وبعد ساعات من اعلان وزارة المال تسجيل عجز قياسي في ميزانية 2015 بلغ 98 مليار دولار، وعجزا متوقعا بقيمة 87 مليارا في 2016، اعلن مجلس الوزراء برئاسة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، رفع اسعار مواد ابرزها الوقود، بنسب وصلت الى 67 بالمئة.

وتأتي هذه الاجراءات في ظل تراجع حاد عالميا في اسعار النفط الذي تعد السعودية اكبر مصدريه، ويساهم بالنسبة الاكبر من مواردها. واكدت وزارة المال الشروع في اصلاحات اقتصادية مالية وهيكلية لتنويع مصادر الدخل وترشيد الانفاق الحكومي وتفعيل آليات الرقابة المالية.

وفي بيان شامل اصدرته الوزارة، بلغ الانفاق المتوقع في موازنة 2016، 840 مليار ريال سعودي (224 مليار دولار)، مقابل ايرادات تبلغ 513 مليار ريال (137 مليار دولار)، ما يمثل عجزا بنسبة 39 بالمئة.

واوضحت انه سيتم تمويل العجز “وفق خطة تراعي افضل خيارات التمويل المتاحة، ومن ذلك الاقتراض المحلي والخارجي”.

واشارت الى انه ازاء “التقلبات الحادة في اسعار البترول في الفترة الاخيرة”، سيتم تخصيص مبلغ 183 مليار ريال (49 مليار دولار) “لمواجهة النقص المحتمل في الايرادات ليمنح مزيدا من المرونة لاعادة توجيه الانفاق الرأسمالي والتشغيلي على المشاريع القائمة والجديدة وفقا للاولويات التنموية الوطنية ولمقابلة اي تطورات في متطلبات الانفاق”.

وستكون 2016 ثالث سنة تواليا تعلن فيها المملكة، الاقتصاد العربي الاكبر حجما، عجزا في موازنتها، نظرا الى الانخفاض الكبير الذي تشهده اسعار النفط. وفقد برميل النفط قرابة 60 بالمئة من سعره منذ حزيران/يونيو 2014، وبات يتداول حاليا ما دون الاربعين دولارا.

وشكل الانفاق العسكري والامني اكبر مجالات موازنة 2016، اذ خصص له 25,4 بالمئة من مجمل الانفاق. ويأتي ذلك مع دور متزايد للمملكة في نزاعات عدة في المنطقة، اذ تقود منذ آذار/مارس تحالفا عربيا ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، واعلنت هذا الشهر تشكيل تحالف عسكري اسلامي يضم 34 دولة بهدف محاربة “الارهاب”.

– عجز قياسي في 2015 –

وبدا تأثير انخفاض سعر النفط واضحا في البيان المالي لعام 2015، اذ بلغت الايرادات 608 مليارات ريال (162 مليار دولار)، بانخفاض قدره 15 بالمئة عما كان متوقعا لدى اعلان الموازنة نهاية عام 2014.

في المقابل، بلغت النفقات 975 مليار ريال، بزيادة 175 مليارا عن المتوقع، ما تسبب بعجز قدره 98 مليار دولار، هو الاعلى في تاريخها.

وشكلت الايرادات النفطية ما نسبته 73 بالمئة من المداخيل الحكومية في 2015، بتراجع قدره 23 بالمئة عن العام الذي سبق.

في المقابل، ارتفعت الايرادات غير البترولية بنسبة 29 بالمئة عن العام السابق، لا سيما عبر رفع حصة الحكومة من قطاع الاتصالات، ورسوم واجور الخدمات العامة، والايجارات والمبيعات.

وعلى رغم العجز المسجل في 2015، الا انه اتى اقل من توقعات مؤسسات مالية عالمية ابرزها صندوق النقد الدولي، كانت توقعت وصول العجز في 2015 الى 130 مليار دولار.

– تقليص الدعم –

واكدت الوزارة ان السعودية تعتزم “مراجعة وتقييم الدعم الحكومي، ويشمل ذلك منظومة دعم المنتجات البترولية والمياه والكهرباء واعادة تسعيرها (بشكل) يراعى فيه التدرج في التنفيذ خلال الخمسة اعوام القادمة”.

كما ستقوم بمراجعة “مستويات الرسوم والغرامات الحالية، واستحدات رسوم جديدة، واستكمال الترتيبات اللازمة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة”، وفرض رسوم اضافية على سلع كالمشروبات الغازية والتبغ.

وبعد ساعات من ذلك، اقر مجلس الوزراء المجتمع برئاسة العاهل السعودي، رفع اسعار الوقود ومشتقات نفطية والمياه والكهرباء وغيرها، بنسب تصل الى 67 بالمئة، بحسب وكالة الانباء الرسمية.

وقرر المجلس رفع اسعار ليتر البنزين العالي الجودة بنسبة خمسين بالمئة (من ستين فلسا الى تسعين، ما يوازي 24 سنتا من الدولار)، والبنزين الاقل جودة من 45 فلسا الى 75 (20 سنتا من الدولار)، اي 67 بالمئة.

وسيدخل رفع اسعار الوقود حيز التنفيذ منتصف ليل الاثنين الثلاثاء، في حين يطبق رفع اسعار المنتجات الاخرى الشهر المقبل.

واعلنت شركة “ارامكو” النفطية السعودية عبر موقع “تويتر” انها ستقوم باقفال المحطات حتى منتصف ليل الاثنين الثلاثاء (2100 تغ)، وستعيد فتحها بعد منتصف الليل عندما تدخل الاسعار الجديدة حيز التنفيذ.

وكانت اسعار الوقود في المملكة تعد واحدة من الادنى في العالم.

واكد المجلس ان رفع الاسعار هو لجعلها اكثر توافقا مع الاسعار عالميا.

وتأتي خطوة المملكة لتتبع خطى دول خليجية اخرى كالامارات العربية المتحدة والكويت، في حين تدرس دول خليجية اخرى اجراءات مماثلة.

وبالفعل اعلنت البحرين الاثنين خفض الدعم الحكومي عن مادتي الديزل والكيروسين ابتداء من الشهر المقبل، بحسب ما اوردت وسائل الاعلام الرسمية.

ونقلت وكالة انباء البحرين عن وزير الطاقة عبد الحسين علي ميرزا اعلانه “تطبيق التسعيرة الجديدة للكيروسين والديزل اعتبارا من الأول من شهر كانون الثاني/يناير المقبل”.

واضاف ان رفع مشتقات النفط الاخرى لا يزال قيد الدراسة. ولم يعلن الوزير نسب الزيادة على هاتين المادتين.

وخصص بيان وزارة المال السعودية فقرات لاصلاحات اقتصادية تهدف الى جعل المالية العامة للدولة “اكثر تلبية لمتطلبات الشفافية والتحليل السليم لسياسة مالية الحكومة”.

وتعهدت “العمل على الحد من تنامي المصروفات الجارية خاصة الرواتب والاجور والبدلات”، واجراءات هدفها “تحقيق اصلاحات هيكلية واسعة في الاقتصاد الوطني وتقليل اعتماده على البترول” خلال السنوات الخمس المقبلة، مع اولوية “الاستثمار في المشاريع والبرامج التنموية”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية