السيسي يفتتح قناة السويس الجديدة وسط مراسم احتفالية
افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس بحضور عدد كبير من القادة العرب والافارقة والاجانب "قناة السويس الجديدة" التي تعقد عليها الآمال لانعاش الاقتصاد المصري المتدهور بعرض جوي وبحري تقدمه على متن يخت "المحروسة" الملكي الذي شارك في افتتاح القناة قبل نحو 150 عاما.
بدأت مراسم الاحتفال وسط اجراءات امنية كبيرة في الاسماعيلية (شمال شرق)، في وقت هدد الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية باعدام رهينة كرواتي احتجز غرب القاهرة لخطف الاضواء من حفل الافتتاح.
ودخل السيسي بملابسه العسكرية مجرى القناة على ظهر يخت" المحروسة"، المملوك سابقا للعائلة المالكة في مصر، وتبعته قطع بحرية عسكرية منها الفرقاطة "فريم" التي اشترتها مصر مؤخرا من فرنسا فيما حلقت طائرات عسكرية مقاتلة من انواع مختلفة فوق مجرى القناة في عرض جوي كبير.
وحضر عدد كبير من القادة العرب والافارقة والاجانب الحفل بينهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وأمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة والعاهل الاردني الملك عبد الله بن الحسين ونائب رئيس دولة الامارات حاكم امارة دبي الامير محمد بن راشد آل مكتوم والرئيس الفلسطيني محمود عباس. كما حضر الرئيس السوداني عمر البشير الذي اصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة بتوقيفه.
وعزفت فرق موسيقية عسكرية اناشيد وطنية وموسيقى عسكرية فيما كان ضيوف الحفل يتوافدون على خيمة عملاقة شيدت على ضفة الممر المائي الجديد.
وجلس الرئيس الفرنسي "ضيف الشرف" الى جانب السيسي الذي عاد وارتدى لباسا مدنيا لاستقبال ضيوفه الاجانب.
وقال السيسي في كلمته "لقد قام الشعب المصري بإنجاز مشروع القناة الجديدة في ظروف صعبة على الصعيدين الاقتصادي والأمني"، مضيفا "وعدنا نحن المصريين العالم بأن نقدم له القناة الجديدة هدية، وها نحن نوفي بالوعد الذى قطعناه جميعاً علــى انفسنا، وفي زمن قياسي".
واثناء كلمته قاطعت صفارات اول سفينتي حاويات ضخمتين تعبران "القناة الجديدة" الرئيس، وعلت اصوات المصفقين من الحضور.
ورغم حرارة الطقس خيمت اجواء الحماسة والسعادة والفخر على عشرات المشاركين المصريين الذين لوح بعضهم باعلام صغيرة لمصر.
وقناة السويس التي افتتحت عام 1869 بعد اشغال استمرت عشر سنوات تربط بين البحرين الاحمر والمتوسط وهي من طرق الملاحة الرئيسية للتجارة العالمية ولا سيما لنقل النفط، ومصدر مهم للعملات الاجنبية بالنسبة للسلطات الساعية الى تحريك عجلة الاقتصاد الذي تدهور منذ ثورة 2011 التي اطاحت حسني مبارك.
ومشروع تطوير قناة السويس هو من المشاريع الكبرى للسيسي القائد السابق للجيش الذي عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي عام 2013 قبل ان ينتخب رئيسا بعد عام.
والهدف من تشغيل المجرى الجديد البالغ طوله 72 كلم هو مضاعفة القدرة الاستيعابية لحركة الملاحة في القناة، وتتوقع هيئة قناة السويس ان يكون بوسع نحو 97 سفينة عبور القناة يوميا بحلول 2023 مقابل 49 سفينة حاليا.
وستسمح القناة الجديدة بسير السفن في الاتجاهين ما سيقلص الفترة الزمنية لعبور السفن من 18 الى 11 ساعة.
وخلال العام 2014، عبرت قناة السويس نحو 17100 سفينة وفق الارقام الرسمية لهيئة القناة.
وتاتي سفن الحاويات وناقلات البترول على راس السفن التي عبرت القناة العام الفائت بحسب المصدر ذاته.
وسيؤدي افتتاح القناة الجديدة الى زيادة ايرادات القناة السنوية من 5,3 مليارات دولار (حوالى 4,7 مليار يورو) متوقعة للعام 2015 الى 13,2 مليار دولار (11,7 مليار يورو) عام 2023.
وامتدت الاجواء الاحتفالية الى العاصمة القاهرة ومدينة الاسماعيلية فانتشرت على مداخلهما لافتات تقول "قناة السويس الجديدة. هدية مصر للعالم" و اخرى تشيد ب"معجزة المصريين" مصحوبة بصور للسيسي بعضها في ملابسه العسكرية.
وشاركت في العرض الجوي طائرات الرافال الثلاث وطائرات الاف-16 الثماني التي تسلمتها مصر مؤخرا من فرنسا والولايات المتحدة.
وانتشرت قوات وسيارات من الجيش والشرطة على الطريق الرئيسية الرابطة بين العاصمة والاسماعيلية، بحسب صحافي في وكالة فرانس برس في موقع الاحتفال.
ونشرت مصر عشرة الاف شرطي عبر البلاد في وقت يواجه هذا البلد حملة غير مسبوقة من الهجمات الجهادية.
وقد هدد الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية الاربعاء باعدام كرواتي يعمل لحساب مجموعة فرنسية وخطف في 22 تموز/يوليو في القاهرة، مؤكدا انه سينفذ تهديده في غضون 48 ساعة اذا لم تطلق الحكومة المصرية سراح "مسلمات" معتقلات.
وافتتح السيسي في الخامس من اب/اغسطس 2014 اعمال حفر الفرع الجديد لقناة السويس وطلب انذاك ان تنتهي الاعمال خلال عام واحد بدلا من ثلاث كما اقترحت الهيئة الهندسية القائمة على المشروع.
وطرح بنك مصر المركزي اكتتابا عاما للمصريين لتمويل اعمال انشاء الفرع الجديد للقناة جمع خلاله نحو تسعة مليارات دولار.
وتضمن المشروع حفر قناة جديدة طولها 37 كلم وتعميق وتوسيع القناة الاساسية بطول 35 كلم.
وقناة السويس هي من الممرات التي تشهد اكبر حجم من الملاحة في العالم وفي 2007 شكلت حركة الملاحة عبرها 7,5% من حركة الملاحة التجارية العالمية بحسب مجلس الملاحة العالمي.
وسبق ان اغلقت قناة السويس لثماني سنوات اعتبارا من العام 1967 ليعيد الرئيس المصري الاسبق انور السادات افتتاحها في العام 1975 في حفل صاخب ارتدى فيه الزي العسكري على متن اليخت المحروسة ايضا.
ويجري تدشين المجرى الجديد في وقت تسعى مصر لترسيخ مكانتها كلاعب لا يمكن تجاوزه على الساحة الاقليمية، فيما خفض حلفاؤها الغربيون نبرة انتقاداتهم بشأن حملة القمع التي تستهدف جميع مكونات المعارضة.
واسفرت حملة القمع منذ اطاحة مرسي عن سقوط اكثر من 1400 قتيل معظمهم من المتظاهرين الاسلاميين وادت الى توقيف عشرات الاف وقد حكم بالاعدام على المئات في محاكمات جماعية نددت بها الامم المتحدة.
وقال عمر عدلي الخبير في مركز كارنيغي للشرق الاوسط "ان النظام الجديد يخوض معركة سياسية من اجل ترسيخ شرعيته داخل البلاد انما كذلك خارجها".
ومشروع "قناة السويس الجديدة" جزء من خطة اقتصادية طموحة لتطوير منطقة قناة السويس لتجعل منها مركزا لوجستيا وصناعيا وتجاريا من خلال بناء عدة موانئ تقدم خدمات للاساطيل التجارية التي تعبر القناة.
ومن المتوقع ان يوفر هذا المشروع اكثر من مليون فرصة عمل خلال السنوات ال15 المقبلة.