مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تصعيد للتوتر يثير مخاوف حول التوازن الاتني في اثيوبيا

فترة من الاورومو تتلقى غذاء في مخيم للاجئين في ادما باثيوبيا في 4 تشرين الاول/اكتوبر 2017 afp_tickers

عاشت سعدى يوسف من اتنية الاورومو دون مشاكل طيلة سنوات بين اتنية الصومالي الكبيرة في شرق اثيوبيا الى ان أمرها مسؤولون محليون بالرحيل مؤخرا.

تروي هذه الشابة ان السلطات ارسلت شاحنة كبيرة لاجلاء افراد اتنية الاورومو من منطقة الصومالي المجاورة وتقول لوكالة فرانس برس “راح الناس يرشقونا بالحجارة ونحن على متن الشاحنة” قبل الرحيل.

تبرر سعدى قرار الطرد بالريبة التي سادت بين الاتنيتين اللتين تعتبران من بين الاكبر في اثيوبيا وذلك بعد اسابيع عدة من اعمال عنف دامية خلال ايلول/سبتمبر على الحدود البالغ طولها الف كلم بين المنطقتين الاداريتين.

تقدر الحكومة في اديس ابابا ان اعمال العنف هذه اوقعت مئات القتلى لكن من الصعب تحديد حصيلة بسبب صعوبة الوصول الى المناطق الاكثر تأثرا.

ولجأت سعدى (35 عاما) في اواخر ايلول/سبتمبر الى مبنى مهجور في ادما (جنوب العاصمة) على بعد اكثر من 550 كلم عن واتشالي البلدة التي نشأت فيها في منطقة الصومالي.

وتسلط أعمال العنف الضوء مجددا على التوتر الذي يشهده نظام الحكم الاثيوبي المعروف بنظام “اتحادي اتني”.

يقول معارضو هذا النظام الذي كان يفترض ان يمنح نوعا من الاستقلالية لمختلف المجموعات السكانية في البلاد المقسمة منذ 1995 الى تسعة مناطق ادارية، انه يساهم بشكل خطير في تأجيج مشاعر الانتماء الاتني واعطاء “صبغة” اتنية لخلافات عقارية قديمة في ثاني اكثر الدول الافريقية اكتظاظا (اكثر من 100 مليون شخص).

بالاضافة الى العنف بين الاورومو والصومالي، واجه النظام موجة من التظاهران في 2015 و2016 انطلقت من منطقتي اوروميا وامهرة (شمال). وأوقعت المواجهات الناجمة عن قمع المتظاهرين نحو الف قتيل بحسب السلطات.

واذا كانت ملابسات اعمال العنف الاخيرة بين الاورومو والصومالي لا تزال مبهمة فان عواقبها مأساوية.

علاوة على الحصيلة البشرية الكبيرة التي اعلنتها السلطات، فقد احصت الامم المتحدة 43 الف شخص فروا منازلهم. الا ان مسؤولا اداريا من الاورومو التقته فرانس برس في هرار في منطقة الاورومو ان هذا العدد اكبر بكثير ويقارب “67 الف شخص”.

– “خسرت كل شيء في يوم واحد” –

يتهم ناجون من المواجهات السلطات بالتأخر في نشر القوات الفدرالية لوقف حلقة الهجمات والرد عليها المفرغة، وأعربوا عن القلق من ان يؤدي ذلك الى قطيعة تامة بين المجموعتين.

وقال مولو واريو من الاورومو والذي فر من اعمال العنف في ضواحي مويالي على الحدود مع كينيا بسبب خلاف عقاري “هذه الامور يمكن ان تؤدي الى تطهير اتني”.

وتابع مولو المسن “لقد اثار مشاعر عدائية والعلاقات لن تعود ابدا كما كانت عليه بيننا”.

واذا كانت الخلافات شائعة بين المجموعتين حول ترسيم الحدود الادارية او الوصول الى الموارد (نقاط الماء والمراعي) الا انها لم تكن تفضي الى اعمال عنف بهذه الحدة.

وتبادل مسؤولون من الاورومو والصومالي الاتهامات بارتكاب فظائع.

يتحدث افراد من اتنية الصومالي عن حادث في اواداي في منطقة اوروميا عندما قتل افراد من الاورومو 19 تاجرا صوماليا يبيعون القات.

في المقابل، يقول افراد من الاورومو فروا من واتشالي لوكالة فرانس برس ان العناصر من الصومالي الذين طردوهم من منازلهم وهم يحملون سكاكين واسلحة نارية اشاروا بوضوح الى حادث واتشالي.

اكد عبد الجبار احمد (20 عاما) لفرانس برس ان افراد الصومالي الذين اتوا لطرده قالوا له “الاورومو قتلوا 20 صوماليا في اواداي وسنطرد كل الاورومو من منطقة الصومالي”.

وأوضح نازحون آخرون من الاورومو ان اصدقاء او جيران من الصومالي استضافوهم خلال اعمال العنف وان وحدة الشرطة “ليو” هي المسؤولة عن اسوأ اعمال العنف.

وبات الجيش الفدرالي يسيطر على المحاور الرئيسية على طول الحدود ما ادى الى عودة الهدوء بشكل تدريجي. لكن النازحين من الاورومو يعلمون ان العودة الى الصومالي باتت مستبعدة.

وتقول سعدى “لقد جمعت اموالا هناك طيلة 20 عاما والان خسرت كل شيء في يوم واحد. لماذا اعود؟ لم يعد لي شيء هناك”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية