مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

جائزة نوبل للسلام رسالة الى ترامب الذي يواجه أزمتين نوويتين

مديرة منظمة "الحملة الدولية للقضاء على الاسلحة النووية" بياتريس فين تحمل لافتة للمنظمة في جنيف في 6 تشرين الاول/اكتوبر 2017 afp_tickers

يبدو أن لجنة نوبل النروجية أرادت تحذير الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يلوح بالانسحاب من الاتفاق النووي الايراني في حين ينغمس في حرب كلامية محفوفة بالمخاطر مع كوريا الشمالية.

وكان من بين أبرز الذين رشحتهم اللجنة للفوز بجائزة نوبل للسلام، صانعو الاتفاق الذي أبرم عام 2015 لتجنب حيازة طهران على القنبلة الذرية، وخصوصا وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف.

إلا أن منحهما الجائزة كان سيبدو بمثابة صفعة للرئيس الأميركي المعارض بشدة لهذا الاتفاق، الذي أبرمه سلفه الديموقراطي باراك أوباما.

ورأت المسؤولة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ميليسا دالتون في حديث لوكالة فرانس برس أن اختيار منظمة “الحملة الدولية للقضاء على الاسلحة النووية” (آيكان) لجائزة نوبل، جعل “الرسالة مستترة وغير مباشرة” لكنها “تدفع باتجاه الحفاظ على الاتفاق الايراني”.

وقد حرصت مديرة منظمة “آيكان” بياتريس فين على الربط بين الجائزة وموقف ترامب وأشادت بالاتفاق النووي.

وعلقت الولايات المتحدة بفتور على فوز منظمة “آيكان” بجائزة نوبل، معتبرة أن معاهدة حظر الأسلحة النووية التي عملت من أجلها “آيكان” “لن تجعل العالم “أكثر أمانا”.

لكن هل ستغير هذه الجائزة رأي الرئيس الجمهوري، الذي وصف الاتفاق الايراني ب”المعيب” بالنسبة للولايات المتحدة والذي أكد مساء الخميس من جديد أن طهرن تنتهك “روحه”؟

وقالت دالتون “لا أعتقد أن هناك هامشا في هذه المرحلة للتأثير على البيت الأبيض”.

وبحسب مسؤولين عدة تواصلت معهم فرانس برس، يستعد ترامب “في الأيام المقبلة” الى رفض القول بأن ايران تلتزم بالاتفاق النووي أمام الكونغرس.

ويفرض القانون الأميركي على الرئيس الاميركي ان يؤكد كل 90 يوما ما اذا كانت ايران ملتزمة بالاتفاق وما اذا كان رفع العقوبات الذي جرى بموجب الاتفاق يخدم المصلحة الوطنية للولايات المتحدة. وكان حتى الآن “ضمن” الاتفاق لكنه اشار الى ان التاريخ الحاسم سيكون في 15 تشرين الاول/اكتوبر.

وفي حال “عدم ضمان” ترامب التزام ايران بالاتفاق، وهو أمر مسلم به بالنسبة الى غالبية المراقبين، سيكون قد وجه ضربة قوية الى الاتفاق الموقع بين طهران والقوى العظمى (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا) والذي يهدف الى ضمان الطابع السلمي والمدني للبرنامج النووي الايراني مقابل رفع تدريجي للعقوبات عن ايران.

– “موضوع يتوجّسون منه” –

هل عدم ضمان الرئيس الأميركي هو ضربة قاضية للاتفاق النووي الايراني؟

يؤكد مسؤولون أميركيون أن عدم الضمان لا يحتم “تمزيق” النصّ. ففي هذه الحالة، تصبح الكرة في ملعب المشرعين الأميركيين، الذين سيكون لديهم مهلة 60 يوما ليقرروا بشأن الابقاء على رفع العقوبات أو إعادة فرضها على إيران علما أن إعادة العقوبات ستعني موت الاتفاق سياسيا.

ويوضح دبلوماسي غربي “قلنا الى الادارة (الأميركية): سواء أعلنتم ضمانة (التزام ايران بالاتفاق) أم لا، هذه ليست مشكلتنا، انما هي سياسة أميركية داخلية”، مضيفا “لكن حذار من انتهاج مسار يعرض الاتفاق للخطر”.

وفي حين تطلب واشنطن اعادة التفاوض بشأن النصّ، لا تريد طهران ولا الأوروبيون ولا بكين ولا موسكو الحديث عن ذلك.

انتقلت المعركة اذا الى الكونغرس. وقال الدبلوماسي “النواب الجمهوريون ليسوا سعداء من العودة إلى موضوع يتوجّسون منه، ولا يرغبون في أن يتحملوا مسؤولية افتعال أزمة دولية فيما يبحث العديد من أعضاء مجلس الشيوخ عن تسوية من أجل عدم انهاء الاتفاق”.

إلا أن عدم ضمان التزام ايران سيفتح المجال للصقور المعارضين للاتفاق، بزعامة السيناتور الجمهوري توم كوتون، للمطالبة بخط أكثر تشددا.

وترى دالتون أن رسالة نوبل أتت في الوقت المناسب “وسيتلقاها بالطبع المجتمع الدبلوماسي الأميركي والكونغرس”، مشيرة الى أن الأشخاص المؤثرين مثل وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس يريدون الحفاظ على الاتفاق بطريقة أو بأخرى.

ويشعر العديد من الزعماء الأجانب بالقلق من تداعيات اعادة النظر بالاتفاق الايراني على مستقبل طموحات كوريا الشمالية النووية، في خضمّ واحدة من أخطر الأزمات الدولية كما وصفتها لجنة نوبل.

وفي حين يتبادل الرئيس الأميركي والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-اون الاتهامات ويتهددان منذ أسابيع عدة، قالت مديرة منظمة “آيكان” الجمعة “نحن نعيش في اجواء من التوتر الدولي الشديد يمكن ان تؤدي فيه الخطب النارية بسهولة وبشكل لا يمكن تفاديه الى فظائع لا يمكن وصفها”.

وتقول الباحثة في مؤسسة “بروكينز” الأميركية للدراسات جونغ باك “لا يمكننا وضع ثقتنا في الولايات المتحدة”، خصوصا أن الموقف الأميركي تجاه طهران كان “رسالة واضحة جدا” بالنسبة الى بيونغ يانغ. وأضافت “ليس لدى كيم (جونغ-أون) أي سبب للتفكير بأن اتفاقا محتملا مع الولايات المتحدة سيبقى قائما في حال تغيرت الادارة (الأميركية)”.

لكن هنا أيضا، يرى معارضو الاتفاق مع إيران الأمور بطريقة أخرى. فقد حذر السناتور كوتون من أن “ضمان الاتفاق الكارثي مع ايران سيبرهن لكوريا الشمالية أننا لا نرغب في مواجهتها”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية