مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دمشق تنفي بشكل قاطع امتلاكها أسلحة كيميائية وتعتبر استخدامها “غير مقبول”

فتى سوري يضع قناع الاوكسيجين على وجه رضيع في مستشفى ميداني في دوما في 22 كانون الثاني/يناير اثر تقارير عن هجوم بالغاز. afp_tickers

نفت دمشق الأربعاء بشكل قاطع امتلاكها أسلحة كيميائية معتبرة أن استخدامها “غير مقبول”، وذلك غداة تحذير فرنسا بأنها ستبادر الى شن ضربات في سوريا إذا توفرت “أدلة دامغة” على استخدام هذه الأسلحة.

وبعد التصعيد العسكري الذي شهدته الغوطة الشرقية قرب دمشق الأسبوع الماضي، دخلت الأربعاء قافلة مساعدات انسانية الى هذه المنطقة المحاصرة قرب دمشق، هي الأولى منذ أشهر وتأتي بعد الغارات الدموية التي استهدفت المنطقة الأسبوع الماضي، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة.

وفي ضوء الاتهامات ازاء استخدام أسلحة كيميائية في سوريا، قال نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد إن “الحكومة السورية تنفي نفياً قاطعاً امتلاك سوريا لأي أسلحة دمار شامل بما في ذلك الأسلحة الكيميائية حيث تخلصنا من البرنامج بشكل كامل وسلمناه لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية”.

وأضاف وفق تصريحات نقلها الاعلام السوري الرسمي “نعتبر أن استخدام الأسلحة الكيميائية في أي ظرف وأي زمان وأي مكان أمر لا أخلاقي وغير مقبول”.

ويأتي تصريح المقداد غداة اعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أمام جمعية الصحافة الرئاسية انه في حال حصول فرنسا “على دلائل دامغة عن استخدام اسلحة كيميائية ممنوعة ضد مدنيين” من قبل النظام في سوريا “سنضرب المكان الذي خرجت منه (هذه الاسلحة) او حيث تم التخطيط لها”.

وأوضح ماكرون في الوقت ذاته “إلا اننا اليوم لا نملك بشكل تؤكده أجهزتنا، الدليل عن استخدام اسلحة كيميائية تحظرها الاتفاقات ضد سكان مدنيين”.

واكد وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان مجددا هذا الموقف الاربعاء مشيرا الى احتمال شن “ضربات عسكرية” في حال حدوث هجمات كيميائية جديدة “اذا اوقعت هذه الهجمات قتلى، وفي حال ثبتت مسؤولية النظام (السوري) عنها”.

وأثارت تقارير مؤخراً حول حالات اختناق وعوارض ضيق تنفس في الغوطة الشرقية وفي مدينة سراقب في محافظة ادلب (شمال غرب) قلقاً دولياً، ووصل الأمر بالولايات المتحدة الى التهديد بتنفيذ عمل عسكري ضد دمشق.

وتشتبه واشنطن بستة هجمات بالكلور سُجلت منذ بداية كانون الثاني/يناير في مناطق تسيطر عليها فصائل معارضة، معظمها في الغوطة الشرقية.

لكن دمشق وصفت في الثالث من الشهر الحالي الاتهامات الأميركية بـ”ادعاءات باطلة” و”أكاذيب”. ووقفت روسيا إلى جانب الحكومة السورية، ودانت ما وصفته بـ”حملة لاتهام الحكومة السورية” بهجمات “لم تعرف الجهة التي تقف وراءها”. كما عرقلت اصدار مجلس الأمن لادانة قدمت واشنطن مسودتها الأسبوع الماضي.

ولطالما نفت دمشق تنفيذ أي هجمات بالغازات السامة، مؤكدة أنها دمّرت ترسانتها الكيميائية في العام 2013 اثر اتفاق روسي – أميركي بعد هجوم في الغوطة الشرقية، قتل فيه اكثر من 1200 شخص وفق منظمات حقوقية وواشنطن. ووقعت دمشق حينها على اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية.

وعلى وقع تصاعد الاتهامات لدمشق، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في 7 شباط/فبراير أنها تحقق “في كل الادعاءات التي تتوافر فيها عناصر موثوقة” حول استخدام أسلحة كيميائية في سوريا.

– مساعدات انسانية –

ومع اقتراب النزاع السوري من اتمام عامه السابع، يستمر التصعيد العسكري على جبهات عدة أبرزها الغوطة الشرقية، التي تعرضت لغارات كثيفة الاسبوع الماضي.

وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة في سوريا في تغريدة على موقع تويتر “عبرت أول قافلة مشتركة بين وكالات الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري لهذا العام خطوط النزاع باتجاه (مدينة) النشابية في الغوطة الشرقية”.

ونقلت القافلة وهي الأولى التي تدخل المنطقة منذ اواخر تشرين الثاني/نوفمبر “مواد غذائية ومستلزمات صحية لـ7200 شخص” محاصرين.

وتعرضت الغوطة الشرقية منذ مطلع الأسبوع الماضي وعلى مدة خمسة أيام متواصلة لتصعيد في الغارات التي شنتها قوات النظام، ما تسبب بمقتل 250 مدنياً واصابة أكثر من 775 آخرين بجروح.

وقال مراسل وكالة فرانس برس ان القافلة ضمت تسع شاحنات اغاثة ورافقها وفد من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف).

وتوقف الوفد في بلدة أوتايا حيث زار عدداً من المنازل واطلع على بعض الحالات الطبية التي تتطلب اخلاء عاجلاً الى دمشق.

وقالت سمر سرور (39 عاماً) لفرانس برس بعد لقائها الوفد “تعاني ابنتي حنان (14 عاماً) من سرطان في الدم (…) وجئت لأطلب من الوفد ربما بامكانهم مساعدتي منذ الآن لئلا تتطور حالتها”.

واضافت بصوت حزين ومتقطع “لم أخبرها بحالتها لئلا تنهار وتنخفض معنوياتها”.

ويأتي ادخال قافلة المساعدات الى الغوطة الشرقية بعد دعوة الأمم المتحدة في السادس من الشهر الحالي الى “وقف فوري للاعمال العدائية لمدة شهر كامل” في جميع أنحاء سوريا، “للسماح بإيصال المساعدات والخدمات الانسانية، واجلاء الحالات الحرجة من المرضى والجرحى”.

ولا يمكن للأمم المتحدة ادخال قوافل المساعدة الى الغوطة الشرقية من دون الحصول على موافقة مسبقة من الحكومة السورية.

ومنذ العام 2013، فرضت قوات النظام حصاراً محكماً على الغوطة الشرقية، التي تعد راهناً آخر معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق. ويزيد التصعيد الذي يتجدد بين الحين والآخر من معاناة نحو 400 ألف مدني يعيشون في المنطقة وسط نقص فادح في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية.

وقال الممثل المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سوريا ومنسق الشؤون الإنسانية علي الزعتري في بيان الاثنين “نشهد اليوم إحدى أسوأ فترات القتال على مدى سنين النزاع متسببة بسقوط مئات الضحايا المدنيين بين قتيل وجريح، ونزوح كبير للسكان وتدمير للبنية التحتية المدنية بما فيها المرافق الطبية”.

ويتواجد في سوريا وفق الامم المتحدة، أكثر من 13 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية. ويعيش نحو 69 في المئة من السكان في فقر مدقع، ويحتاج الملايين إلى الغذاء والمياه النظيفة والمأوى وغيرها من الخدمات.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية