مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قتلى الغوطة الى اكثر من مئة الثلاثاء، والأمم المتحدة تندد باستهداف المستشفيات

الطفل السوري محمد يصرخ بينما يتلقى العلاج في مشفى ميداني في كفربطنا في الغوطة الشرقية قرب دمشق بعد اصابته في غارة على بلدة جسرين في 19 شباط/فبراير 2018 afp_tickers

واصلت قوات النظام السوري قصفها الكثيف على منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، ما تسبب بمقتل 106 مدنيين على الأقل الثلاثاء في حصيلة دموية جديدة، في حين نددت الامم المتحدة بتعرض ستة مستشفيات للقصف في المنطقة في غضون 48 ساعة.

في شمال سوريا، تعرضت قوات موالية للنظام السوري لقصف تركي بعد دخولها الثلاثاء الى منطقة عفرين، تلبية لنداء وحدات حماية الشعب الكردية التي تتصدى منذ شهر لهجوم تشنه أنقرة مع فصائل سورية معارضة.

وتقصف قوات النظام منذ ليل الأحد بالطائرات والمدفعية والصواريخ مدن وبلدات الغوطة الشرقية التي تحاصرها بشكل محكم منذ العام 2013، بالتزامن مع استقدامها تعزيزات عسكرية تنذر بهجوم وشيك على معقل الفصائل المعارضة الأخير قرب دمشق.

وتسبب التصعيد منذ الأحد بمقتل 250 مدنياً، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، في تصعيد اعتبرت الأمم المتحدة أنه “يخرج الوضع الانساني عن السيطرة”.

وجددت قوات النظام الثلاثاء غاراتها على المنطقة، موقعة 106 قتلى مدنيين بينهم 15 طفلاً على الأقل، وفق حصيلة للمرصد.

ولم تسلم مستشفيات المنطقة من القصف الذي طال وفق ما اعلنت الامم المتحدة الثلاثاء ستة مستشفيات منذ يوم الاثنين. وقد خرج ثلاثة منها عن الخدمة، فيما بقي مستشفيان يعملان جزئيا.

وخرج مستشفى رئيسي في مدينة عربين عن الخدمة الثلاثاء بعد تعرضه للقصف مرتين. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن “طائرات روسية قصفت المشفى بصواريخ ارتجاجية”، موضحاً أنها “المرة الأولى التي تنفذ فيها روسيا غارات على الغوطة الشرقية منذ ثلاثة أشهر”.

ويأتي هذا القصف بحسب المرصد، على رغم كون الغوطة الشرقية إحدى مناطق خفض التوتر التي تم التوصل اليها في أيار/مايو برعاية موسكو وطهران وأنقرة.

-“فمه محشو بالتراب” –

وقبل ساعات من خروج مستشفى عربين عن الخدمة، قال طبيب عرف عن نفسه باسم أبو اليسر لفرانس برس في وقت سابق الثلاثاء “19 شباط/فبراير كان من أسوأ الايام التي مرت علينا في تاريخ الأزمة الحالية”.

وتحدث عن حالة مؤثرة عاينها الاثنين قائلا “وصلنا طفل يبلغ عاماً واحداً. كانت بشرته شديدة الزرقة وبالكاد قلبه ينبض. وبينما كنت أفتح فمه لأضع له أنبوباً (للتنفس)، وجدته محشواً بالتراب، بعدما تم سحبه من تحت الأنقاض”.

ويضيف بتأثر شديد “أخرجت التراب سريعاً من فمه ووضعنا له الأنبوب لكنه لم يقو على التنفس جيداً لان التراب كان قد وصل الى داخل رئتيه. عندها قمنا بسحب التراب من رئتيه، وبدأ بعدها بالتنفس تدريجياً”.

وقال مراسلو وكالة فرانس برس في الغوطة الشرقية بعد جولة على عدد من المستشفيات، إن الأسرّة لم تعد تتسع للجرحى الذين افترشوا الأرض. ونقلوا عن أطباء إن غرف العمليات بقيت ممتلئة طيلة ساعات النهار.

ويفاقم التصعيد في القصف المستمر منذ ليل الأحد من معاناة نحو 400 ألف شخص محاصرين، ما دفع الأمم المتحدة ليل الاثنين الى التحذير من أن “الوضع الإنساني للمدنيين في الغوطة الشرقية يخرج عن السيطرة”.

وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا بانوس مومتزيس في بيان الثلاثاء ان “المعاناة التي لا توصف لا يمكن تحملها ولا يعرف السكان ما إذا كانوا سيعيشون أم سيموتون. هذا الكابوس في الغوطة الشرقية يجب أن ينتهي الآن”.

وفي بيان من جملة واحدة الثلاثاء، اكتفى المدير الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا (يونيسف) خيرت كابالار بالقول “ليس هناك كلمات بإمكانها أن تنصف الأطفال القتلى وأمهاتهم وآباءهم وأحباءهم”.

وترد الفصائل المعارضة باستهداف أحياء في دمشق بالقذائف، تسببت الثلاثاء وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” بمقتل “تسعة مدنيين واصابة 49 اخرين بجروح”.

– “قوات شعبية” في عفرين-

ومع اقتراب النزاع السوري من إتمام عامه السابع، تشهد جبهات عدة في سوريا معارك مستمرة، أبرزها في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال محافظة حلب، التي تشكل هدفاً لهجوم تشنه تركيا مع فصائل سورية موالية لها منذ شهر.

ودخلت الثلاثاء قوات موالية لدمشق الى منطقة عفرين، بناء على اتفاق مع الوحدات الكردية التي كررت منذ بدء أنقرة هجومها دعوة قوات النظام السوري الى التدخل لحماية عفرين.

وفور دخولها، تعرضت هذه القوات لقصف تركي وصفته وسائل إعلام تركية بـ”نيران تحذيرية”. ونقلت وكالة سانا أن “قوات النظام التركي استهدفت بالمدفعية أماكن وجود القوات الشعبية لدى وصولها الى منطقة عفرين”.

وأعلنت وحدات حماية الشعب الكردية في بيان ان القوات دخلت بناء على طلب الاكراد وأنها ستتنتشر في المنطقة الحدودية مع تركيا.

وبث التلفزيون السوري الرسمي بشكل مباشر من منطقة عفرين صور دخول “القوات الشعبية” الموالية للنظام. وأظهرت عدداً من المقاتلين يدخلون المنطقة بعتادهم العسكري واسلحتهم.

ولم يسجل مراسلو فرانس برس وصول اي من هؤلاء المقاتلين الى داخل مدينة عفرين.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء في خطاب ألقاه أمام اعضاء حزبه في البرلمان “خلال الأيام المقبلة، وبشكل سريع، سنحاصر مركز مدينة عفرين”.

وتسبب الهجوم التركي منذ انطلاقه بمقتل 112 مدنياً على الأقل. لكن أنقرة أصرت مرارا على عدم وجود مدنيين بين الضحايا.

وتعتبر أنقرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا الذي تشكل الوحدات جناحه العسكري امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً ضدها على أراضيها منذ عقود.

ونددت دمشق مرارا بـ”الاعتداء” التركي على عفرين.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية