مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ماكرون يدعو ميركل الى الانضمام اليه في عملية اصلاح أوروبا

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون متحدثا خلال نقاش مفتوح حول اوروبا في جامعة في فرانكفورت في 10 تشرين الاول/اكتوبر. afp_tickers

دعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الثلاثاء في فرانكفورت القادة الاوروبيين وفي مقدمتهم المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الى الانخراط فعليا في عملية اعادة تأسيس اوروبا في السنتين المقبلتين.

وزار ماكرون العاصمة المالية الالمانية لافتتاح معرض فرانكفورت الدولي للكتاب الذي تحل فرنسا عليه ضيف شرف هذه السنة.

واستغل الرئيس الفرنسي هذا المعرض للتشديد على الدور الاساسي الذي تقوم به الثقافة في اطار “اعادة التأسيس الاوروبية”.

وقال ماكرون “لا يوجد اوروبا من دون ثقافة ” مضيفا ان “ما نحتاج اليه هو الخيال الاوروبي الايجابي” لمواجهة “الوهن” الذي اصاب القارة الاوروبية.

واتاحت هذه الرحلة في عالم الأدب والأدباء لماكرون وميركل الابتعاد لفترة من الوقت عن جدولي أعمالهما الحافلين، ما بين تشكيل ائتلاف حكومي عسير بالنسبة للمستشارة والملفات الاجتماعية الكبرى بالنسبة للرئيس.

وفرنسا هي ضيفة الشرف في معرض فرانكفورت الملتقى العالمي الأكبر للكتب والإصدارات والذي يشارك فيه أكثر من 7150 دار نشر من 106 بلدان ويستمر إلى 15 تشرين الأول/أكتوبر.

لكن قبل ان يلتقي المستشارة الالمانية، عاد الرئيس الفرنسي الى موضوعه المفضل خلال نقاش في جامعة في فرانكفورت وهو عملية انهاض اوروبا. ودعا مرة جديدة الى اعتماد موازنة لمنطقة اليورو، المشروع الذي يقلق المانيا لانها تخشى ان تتحمل عبء ديون اوروبية اخرى.

-ميركل في فرنسا؟-

وقال ماكرون “اذا كنا مستعدين لوضع امننا وطاقتنا وسياستنا للهجرة ومكافحتنا للارهاب والانظمة الرقمية في شكل مشترك فيجب حينئذ تحديد من هو مستعد للقيام بذلك وبماذا”.

واعتبر انه يجب على القادة الاوروبيين ان ينخرطوا فعليا في عملية انهاض الاتحاد الاوروبي وعرض خطة ملموسة في هذا الصدد للانتخابات الاوروبية المرتقبة في 2019.

وقال “اعتقد انه يجب الدخول مجددا في النقاش، لدينا سنة لتوضيح ذلك ووضع خارطة طريق مشتركة” وهذا “ما اريد القيام به حين ازور المانيا وهذا ما ادعو المستشارة الى القيام به في فرنسا وكذلك كل القادة الراغبين بذلك”.

من جهتها اكدت ميركل مرة جديدة في مقابلة مع صحيفة محلية المانية انها منفتحة على افكار الرئيس الفرنسي لكنها اشارت الى وجود خطوط حمر.

وقالت “اريد في المستقبل ان يتم النظر في كيفية استخدام اموال اوروبية والرقابة والمسؤولية. بالنسبة لي من غير الوارد ان يحصل تقاسم للديون الوطنية”.

وتبدو ميركل حذرة كثيرا في هذا الملف لان عليها ان تؤمن اكثرية نيابية مع الليبراليين الذين يتحفظون كثيرا على الاقتراحات الفرنسية.

وبعد هذه التصريحات التقى ماكرون وميركل لمدة نصف ساعة للاعداد للقمة الاوروبية المقررة في التاسع عشر والعشرين من تشرين الاول/اكتوبر في بروكسل.

-“ثراء لا نظير له”-

ومساء اشادت ميركل بجمال اللغة الفرنسية معربة عن “الاسف” لانها لا تتقنها، الا انه “من الممتع الاستماع” اليها.

من جهته اشاد ماكرون ب”لقائهما المغلق الذي تميز بثراء لا نظير له”.

وقال مدير المعرض يورغن بوس إن هذا الحضور “يرمز إلى التقارب بين ألمانيا وفرنسا والتزامهما من أجل أوروبا قوية وموحدة”.

وسيكون لفرنسا حضور طاغ مع مشاركة حوالى 200 كاتب فرنسي وفرانكوفوني، بينهم ميشال ويلبيك الذي يحظى بقراء في ألمانيا كما في فرنسا، وجان ماري غوستاف لو كليزيو الحائز جائزة نوبل للآداب، وكاتب الروايات البوليسية الرائجة ميشال بوسي والفرنسي الكونغولي آلان مابانكو.

– فتح برنامج إيراسموس للفنانين –

وبالنسبة لماكرون الذي يقوم بأول رحلة إلى الخارج ذات طابع ثقافي منذ انتخابه، فإن معرض فرانكفورت يأتي في “وقت مفصلي” من الحملة التي يقوم بها للحض على “إعادة تأسيس أوروبا”، كما أوضح قصر الإليزيه.

ويعتبر الرئيس أن الثقافة تلعب دورا أساسيا لإعادة توطيد العلاقات التي تلاشت بين الدول الأوروبية. وقال في خطاب ألقاه في جامعة السوربون في باريس في نهاية أيلول/سبتمبر إن “أقوى رابط يجمع الاتحاد الأوروبي سيبقى على الدوام الثقافة والمعرفة (…) عوض أن نأسف لتعدد لغاتنا، يجدر بنا أن نعتبر ذلك فرصة متاحة لنا”.

وعلق قصر الإليزيه مبديا ارتياحه أن “ردود الفعل على هذا الخطاب كانت جيدة في الخارج”.

وتدعو فرنسا بصورة خاصة على هذا الصعيد إلى توسيع برنامج “إيراسموس” لتبادل الطلاب الجامعيين بين البلدان بفتحه أمام الفنانين، وزيادة تبادل الطلاب الشبان بين مختلف الدول.

والفرنسية هي ثاني لغة تلقى أكبر قدر من الترجمات في ألمانيا كما في العالم، بفارق كبير بعد الأعمال باللغة الإنكليزية. أما الألمانية، فهي ثالث لغة أكثر ترجمة في فرنسا بعد الإنكليزية والإسبانية.

وأكد ماكرون مؤخرا عزمه على المساهمة في نشر اللغة الفرنسية أكثر في العالم مؤكدا أنها تتمتع بـ”إمكانات هائلة”.

وتتوقع المنظمة العالمية للفرانكوفونية أن يزداد عدد الناطقين بالفرنسية في العالم من حوالى 275 مليونا اليوم إلى حوالى 700 مليون بحلول 2050، معظمهم في إفريقيا.

وفي هذه الأثناء يبقى النجم الحقيقي في معرض فرانكفورت هذه السنة الكاتب الأميركي دان براون مؤلف رواية “شيفرة دا فينشي” التي لقيت رواجا هائلا. وسيعرض الكاتب السبت في فرانكفورت روايته الجديدة “الأصل” التي صدرت بـ56 لغة في آن.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية