مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مدينة تدمر الاثرية تحت السيطرة الكاملة لتنظيم الدولة الاسلامية

صورة ارشيف بتاريخ 14 آذار/مارس 2014 لقلعة تدمر الاثرية على بعد 215 كلم شمال شرق دمشق afp_tickers

سيطر تنظيم الدولة الاسلامية بشكل كامل على مدينة تدمر الاثرية في الصحراء السورية بعد منتصف ليل الاربعاء الخميس، ما يثير مخاوف جدية على الآثار القيمة الموجودة في المدينة والمدرجة على لائحة التراث العالمي.

وتفتح هذه السيطرة الطريق امام التنظيم الجهادي نحو البادية السورية الممتدة من محافظة حمص (وسط) حيث تدمر حتى الحدود العراقية شرقا. وبالتالي، بات التنظيم يسيطر على نصف مساحة سوريا الجغرافية تقريبا.

وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن اليوم “انتشر عناصر تنظيم الدولة الاسلامية في كل انحاء المدينة بما فيها المنطقة الاثرية في جنوب غربها والقلعة في غربها”.

وتحدث الناشط محمد حسن الحمصي المتحدر من تدمر لوكالة فرانس برس عن “انهيار قوات النظام التي انسحبت من معظم المواقع من دون مقاومة تذكر”.

واعلن تنظيم الدولة الاسلامية على احد حساباته على موقع “تويتر” بدوره السيطرة على تدمر. وجاء في الاعلان “من الله عز وجل على المجاهدين في الدولة الاسلامية بإكمال السيطرة على مدينة تدمر بالكامل (…) بعد انهيار قوات النظام النصيري وفرارهم مخلّفين وراءهم اعدادا كبيرة من القتلى”.

واقر الاعلام الرسمي السوري من جهته بانسحاب قواته.

وجاء في خبر لوكالة الانباء السورية الرسمية سانا “انسحبت قوات الدفاع الشعبي من أحياء تدمر بعد تأمين خروج معظم الأهالي واستقدام تنظيم داعش الإرهابي أعدادا كبيرة من إرهابييه”.

وانسحبت معظم قوات النظام في اتجاه مدينة حمص، بحسب المرصد الذي اشار الى ان “قسما من السكان نزح الى حمص، بينما لازم آخرون منازلهم”.

وبدأ التنظيم هجومه في اتجاه مدينة تدمر في 13 ايار/مايو وسيطر على مناطق محيطة بها خلال الايام الماضية بينها بلدة السخنة وحقلان للغاز وسط معارك ضارية مع قوات النظام. وتمكن من دخول المدينة بعد ظهر امس وتقدم فيها سريعا. وكان سجن تدمر والمطار العسكري (شرق) وفرع البادية للمخابرات العسكرية (غرب) آخر المواقع العسكرية التي دخلها التنظيم ليلا.

ولم يعرف بالتحديد مصير نزلاء سجن تدمر الذي وصفه الناشط محمد الحمصي على حسابه على موقع “فيسبوك” بـ”القبر الكبير”، وهو سجن ذاع صيته في الثمانينات بسبب ممارسات القمع التي حصلت فيه على يد نظام الرئيس الراحل حافظ الاسد.

وبحسب المرصد، اسفرت معركة تدمر التي استمرت ثمانية ايام عن مقتل 462 شخصا على الأقل، هم 71 مدنيا بينهم 49 اعدموا باطلاق النار عليهم او بقطع رؤوسهم لاتهامهم بـ”العمالة مع النظام”، و241 من قوات النظام وقوات الدفاع الوطني الموالية لها، و150 عنصراً من تنظيم الدولة الإسلامية.

ويثير دخول التنظيم الجهادي الى المدينة العريقة قلقا في العالم، إذ سبق للتنظيم ان دمر وجرف مواقع وقرى اثرية في سوريا وفي العراق خصوصا بينها آثار الموصل ومدينتا نمرود والحضر التاريخيتان.

وعبرت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) الاربعاء عن “قلقها الشديد” ازاء دخول تنظيم الدولة الاسلامية المدينة، وطلبت من “المجتمع الدولي ان يبذل كا ما بوسعه لحماية المدنيين وحماية تراث تدمر الثقافي الفريد”.

وكانت تدمر قبل اندلاع الازمة السورية في 2011 الوجهة الاساسية للسياح في سوريا، اذ كان يزورها سنويا اكثر من 150 الف سائح.

وقالت مها قندلفت، المسؤولة في شركة أدونيس للسفر والسياحة، وهي من ابرز الشركات في القطاع السياحي السوري، لوكالة فرانس برس “كانت مكاتب السياحة العالمية تطلب ادراج تدمر على راس المعالم الاثرية في برامج الرحلات”.

واضافت قندلفت “كانت حجوزاتنا (في المنشأة السياحية التي تملكها الشركة في تدمر) كاملة لمدة عام، ما كان يضطرنا الى الحجز في فنادق اخرى في المدينة”.

وفتحت السيطرة على تدمر الطريق للتنظيم على البادية السورية حيث لا يزال النظام يحتفظ فقط ببعض المواقع العسكرية بينها ثلاثة مطارات عسكرية “س 1″ و”س 2” ومطار تيفور العسكري.

وقال عبد الرحمن “بات التنظيم بعد سيطرته على كامل منطقة تدمر والغالبية الساحقة من البادية السورية يسيطر على أكثر من 95 ألف كلم مربع من المساحة الجغرافية لسوريا”، اي ما يوازي نصف مساحة البلد، وان كانت هذه المساحة لا تضم الغالبية السكانية.

ويتواجد التنظيم في حوالى 30 في المئة من محافظة الحسكة (شمال شرق) وفي محافظة الرقة (شمال) باستثناء بعض القرى التي استولى عليها المقاتلون الاكراد وفي كامل محافظة دير الزور (شرق) باستثناء نصف مدينة دير الزور ومواقع اخرى محددة للنظام، والجزء الشمالي الشرقي من محافظة حلب (شمال) باستثناء بلدة عين العرب (كوباني) الكردية ومحيطها. كما بات له تواجد كثيف في ريف حمص الشرقي من تدمر الى الحدود العراقية، وفي ريف حماة الشرقي (وسط).

كذلك بات تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على “الغالبية الساحقة من حقول النفط والغاز في سوريا”، بحسب المرصد. وبقي خارج سيطرته حقل شاعر الذي تسيطر عليهما قوات النظام في ريف حمص الشرقي، وحقول رميلان التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية في ريف الحسكة.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية