مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

واشنطن حريصة على عدم التدخل في ليبيا رغم عملية القصف

دمار اثر غارة اميركية على مقر لتنظيم الدولة الاسلامية في صبراتة قرب العاصمة الليبية، الجمعة 19 شباط/فبراير 2016 afp_tickers

اثبت القصف الاميركي لمعسكر تدريب تابع لتنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا ان واشنطن مصممة على مطاردة الجهاديين حتى خارج معاقلهم في سوريا والعراق، غير انه لا يشير بالضرورة الى رغبة في التدخل في بلد غارق في الفوضى.

وخلال هذه الغارة الاميركية التي كانت الثانية على اهداف لتنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا، قامت طائرات وطائرات بدون طيار اميركية باكرا صباح الجمعة بتدمير معسكر تدريب للتنظيم الجهادي قرب صبراتة غرب العاصمة الليبية طرابلس، ما ادى الى مقتل 49 شخصا.

واوضحت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) التي لم تصدر اي حصيلة، انه بعد اسابيع من عمليات المراقبة تم احصاء ستين جهاديا يتدربون في هذا المعسكر وبينهم الجهادي الذي شكل الهدف الاول للغارة: نور الدين شوشان الزعيم الميداني لتنظيم الدولة الاسلامية التي قتل “على الارجح”.

وجاءت هذه الغارة الثانية بعد تعهد الرئيس الاميركي باراك اوباما الثلاثاء بمنع تنظيم الدولة الاسلامية من تثبيت مواقعه وتشكيل قاعدة له في ليبيا، مؤكدا ان بلاده ستتحرك اينما وجد “هدف واضح”.

ويقدر البنتاغون بخمسة الاف عدد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية في هذا البلد الذي تعمه الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.

لكن قبل اقل من سنة على انتهاء ولايته الاخيرة، فان الرئيس اوباما الذي يواجه انتقادات تاخذ عليه نتائج الحملة ضد الجهاديين التي تخوضها الولايات المتحدة في سوريا، لا يعتزم ارسال قوات برية الى النزاع في هذا البلد الذي يهدد بالتحول الى مستنقع.

وقال السفير الاميركي السابق في العراق كريستوفر هيل الذي يدرس حاليا في جامعة دنفر “لا ارى اي رغبة لدى الولايات المتحدة في العودة الى ليبيا بصورة دائمة” مشيرا الى ان الراي العام غير مؤيد لذلك في مطلق الاحوال، بعد حملة قصف مستمرة منذ 18 شهرا لم تنجح في طرد الجهاديين من سوريا والعراق.

وقال “سنشهد عمليات القصف الجوي هذه بين الحين والاخر حين تسنح الفرصة، لكنني لا اظن ان ذلك يؤشر الى اي تعهد بعيد الامد في ليبيا مستقبلا”.

ومن المحتمل ان تترافق عمليات القصف مع بعض المهمات الموضعية المحدودة تنفذها فرق كومندوس اميركية بالتعاون مع شركاء محليين.

وفي كانون الاول/ديسمبر اقر البنتاغون بان مجموعة من عناصر القوات الخاصة الاميركية ارسلت الى ليبيا من اجل “تطوير العلاقات” مع القوات الوطنية الليبية، طردت فور وصولها.

وعلق رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الجمهوري ديفين نانز “نامل ان تشكل عمليات القصف اليوم بداية التزام جديد من ادارة اوباما بوضع ليبيا في صلب استراتيجية شاملة لهزم الحركة الجهادية الدولية”.

– الجهاديون يزيدون عديدهم –

في وقت يحقق التحالف الدولي نجاحا في سوريا والعراق، ينضم العديد من المقاتلين الى صفوف تنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا، ومعظمهم قادم من تونس المجاورة.

ويشتبه بان نور الدين شوشان يقف خلف الاعتداءين الكبيرين اللذين تبنتاهما تنظيم الدولة الاسلامية في تونس عام 2015 واثار صدمة كبيرة في الراي العام الدولي وقد استهدفا متحف باردو في العاصمة في اذار/مارس (22 قتيلا) وفندقا قرب مدينة سوسة في حزيران/يونيو (38 قتيلا).

وقال المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك انه تم استهداف هذا القيادي في تنظيم الدولة الاسلامية لانه كان يخطط مع المقاتلين الاخرين في المعسكر “لهجمات خارجية ضد الولايات المتحدة ومصالح غربية اخرى في المنطقة”.

وراى مدير برامج الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جون الترمان ان شن عمليات قصف في ليبيا لا يشكل تغييرا جوهريا في الاستراتيجية العسكرية اذ يبقى المطلوب توجيه رسالة الى الجهاديين مفادها انه “لا يمكنهم الفوز” باي شكل من الاشكال وانه يجدر بهم التخلي عن تنظيم الدولة الاسلامية.

ويعتبر الخبير ان على الولايات المتحدة ان تركز جهودها من اجل التوصل الى حل دبلوماسي للازمة العميقة التي تواجهها ليبيا والتي تشكل تربة خصبة لترسخ الجهاديين.

وفي حال لم يتحقق ذلك حذر بان واشنطن “ستكون لها في نهاية المطاف استراتيجية عسكرية بدل مجهود دبلوماسي فعال لان المجهود الدبلوماسي يبدو في غاية الصعوبة (بينما) المجهود العسكري اسهل نسبيا”.

واوضح الترمان ان “الخطر المتزايد هو ان تشكل عمليات القصف ذريعة لعدم تطبيق السياسات القوية الضرورية”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية